هل يجوز شرعاً انتقاد سياسة نصرالله خلال “المناوشات” !؟

"هذا المقال غير مدفوع الأجر"

بقلم بلال مهدي

باستكمال للرأي الذي تم ذكره في التغريدة السابقة، سيتم نشر الباقي من المحتوى يوم السبت الرابع من شهر تشرين الثاني، وهذا يعود لأسباب عشائرية مرتبطة بالجاهلية الحديثة.

كما أُذكر على أن هذا المقال غير مدفوع الأجر.


أما بعد…

إن الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية تخضع لتفسيرات وآراء متنوعة، وقد تتغير بناءً على الزمان والمكان والسياق. عمومًا، يُسمح في الإسلام بحرية التعبير والنقد إذا كان يهدف إلى تحسين أمور العباد ودعم الحقيقة والعدالة. ويحترم القرآن الكريم مفهوم إبداء الرأي والتعبير. على الرغم من عدم ذكر كلمة “إبداء الرأي” بوضوح في القرآن، إلا أنه يحث على التفكير والتداول العقلي والبحث عن الحقيقة. بالإضافة إلى ذلك، يعزز القرآن مفهوم التشاور والحوار.

فالنقد السياسي البناء والموجه يعد جائزًا من الناحية الشرعية. كما يمكن للأفراد التعبير عن آرائهم وانتقاد السياسيين والجماعات السياسية بشكل مسؤول ومستنير دون مشكلة من الناحية الشرعية. فالإسلام يشجع على الحوار وتبادل وجهات النظر ويروج لمفهوم الاستشارة والمشورة في الأمور السياسية.

“الجاهلية الحديثة”

إن لفظ الجاهلية هو مصطلح قرآني، وهذه الصيغة هي صيغة الفاعلية، ولم تكن متداولة بين العرب قبل نزول القرآن الكريم. هذا المفهوم يُمارس في حياتنا اليومية، فهو يُشجع على الاستسلام للأفكار القديمة والتقاليد دون التفكير فيها بعمق.

“أمير الكلام”

الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهو واحد من أعلام الشخصيات التاريخية في الإسلام وقائد ديني وسياسي، له العديد من الأقوال حول موضوع ابداء الرأي. من أشهرها… “أحبب أن يأتيك النصح من غير أن تطلبه وأن تبغض أن يأتيك الرياء وأنت تبتغيه.”

يُظهر هذا القول أهمية قبول النصح من الآخرين حتى إذا لم يُطلب، ويشدد على أن النصائح المخلصة والصادقة قيمة جيدة ينبغي أن نرحب بها ونستفيد منها لتطوير أنفسنا وتحسين تصرفاتنا.

“خطبة القسطنطينية”

تُعرف هذه الخطبة أيضًا باسم “خطبة الفطرة والعقل”، حيث يتناول الإمام علي فيها أهمية العقل والفهم في توجيه الإنسان نحو الحق والاستدلال. كما تعد واحدة من أبرز المواد الأدبية والفلسفية والدينية في التراث الإسلامي، وهي تعبر عن الرؤية الفلسفية العميقة للإمام علي بن أبي طالب حول موضوع العقل والاستدلال العقلي.

“إننا نخاف من الناس أن يفكروا”

هذه العبارة قالها سماحة آية الله العظمى السّيد محمد حسين فضل الله (قدس) تعبيرًا عن رؤيته للدور القيادي والتوجيهي للزعماء الشيعة. في هذه العبارة، يشير سماحته إلى أن القيادة الدينية تتخذ على نفسها مسؤولية توجيه الناس. وبالتالي، ما يعكس حقيقة الرؤية المؤدلجه للقيادة الروحية لتوجيه الجماهير.

“لذلك إننا نمنعهم من التفكير ونقول لهم لنقدم لكم الفكرة جاهزة مطبوخة”

في هذا السياق، يعبر سماحة السيد فضل الله عن انزعاجه من إدارة شؤون الطائفة الشيعية وتدخل الزعماء الشيعة في توجيه الناس والحد من حريتهم في التفكير والتعبير عن آرائهم. كما يشير إلى أن هؤلاء القادة يفضلون تقديم الأفكار والمواقف الجاهزة للأتباع بدلاً من السماح لهم بالتفكير والتحليل بحرية.

هذا النهج السلطوي يعكس محاولة لمنع التنافس والمشاركة السياسية للمفكرين والعارفين الشيعة في مختلف المجالات، بما في ذلك الترشح لمناصب حكومية أو نيابية. فيما يظهر أن هذا النهج يهدف إلى السيطرة على الطائفة والمحافظة على الهيمنة السياسية والاجتماعية.

كان سماحة السيد فضل الله من بين المفكرين والعلماء الذين دعوا إلى التفكير المستقل وعدم الانخراط في التبعية العمياء للسلطة أو أي جهة أخرى. كان من أوائل المتصدين للطغمة والعقائد المتأثرة بالسلطة.

“هل يجوز شرعًا انتقاد الزعماء”

فيما يتعلق بالسؤال الأساسي، وفي معظم الدول الديمقراطية، يُحترم حق حرية التعبير ويُعتبر من حقوق الإنسان الأساسية. يلعب الانتقاد دورًا مهمًا في النقاش العام وتحسين السياسة والمجتمع. في بعض المجتمعات، يكون الانتقاد للزعماء أمرًا حساسًا ومثارًا للجدل. قد تكون هناك تبعيات اجتماعية وسياسية وأمنية لمن يختارون ممارسة حقهم في التعبير عن آرائهم بشكل نقدي تجاه زعماءهم.

وقد يتعرض الأفراد للانتقام “بكاتم الصوت” على خلفية آرائهم. فمن الضروري حماية حرية التعبير وضمان حق الأفراد في التعبير عن آرائهم بحرية دون تهديد أو انتقام.

في النهاية، الزعيم الذي يدعم حرية التعبير يعزز التنوع والديمقراطية ويؤسس لمجتمع أكثر تفاعلاً وازدهارًا.

لذا، يجب علينا دعم وحماية هذا الحق الأساسي وإلا، علينا السلام…

اخترنا لك