بقلم ألين الحاج
لم تتوانَ إسرائيل عن استخدام القنابل الفسفورية خلال اعتدائها العسكري الأخير على المناطق الحدودية جنوب لبنان، ضاربةً عرض الحائط الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحظرها، وكاشفةً في المقابل، عن تناقض سافر بين تصريحاتها الرسمية في الملف البيئي وأفعالها على أرض الواقع.
واستهدف القصف الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المناطق الحرجية والزراعية المفتوحة على الحدود الجنوبية، ما أدى إلى اشتعال الحرائق في عدد منها كما أدى إلى تلويث تلك المواقع بالفسفور الأبيض، مهدداً الأهالي كما البيئة والحياة البرية بمخاطر لا تحمد عقباها”.
انتهاكات إسرائيل فضحتها
“انتهاكات إسرائيل فضحتها وكشفت أنها دولة لا تحترم حقوق الانسان ” يؤكّد الناشط البيئي بول أبي راشد لـ “جسور”.
ويضيف “تدّعي إسرائيل أنها محافظة على البيئة ومكافحة للتغيّر المناخي في حين أنها قضت عن قصد على مساحات خضراء نحن بأشد الحاجة لها” ما يكشف أنهم “جماعة كاذبون وليس لديهم نوايا لحماية البيئة”.
وادعت حكومة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، في وقت سابق أن قضية المناخ من أولوياتها في مجال “الأمن القومي”، متعهدة بـ”تسهيل” الاستثمارات في الطاقة الخضراء وذلك قبيل مشاركتها في مؤتمر بشأن تغير المناخ “كوب 26” عام 2021.
رفع الصوت غير فعّال
أمام حول الكارثة رفعت الدولة اللبنانية الصوت عالياً حيث أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية أن بعثة لبنان في الأمم المتحدة قدمت الثلاثاء شكوى بحق إسرائيل، متهمةً إياها باستخدام الفسفور الأبيض خلال قصف مناطق حدودية وتعمّد حرق مساحات حرجية.
غير أن أبي راشد لا يرى فائدة من شكاوى لبنان الرسمي ضد إسرائيل حيث “بات واضحاً أن الأخيرة لم تحاسب يوماً على انتهاكاتها كافة بحق لبنان، ومن ضمنها الانتهاكات البيئية” على حدّ قوله.
وأعاد التذكير بكارثة معمل الجية لتوليد الكهرباء عام 2006، مشيراً إلى أن “لبنان حينها اتبع مساراً ديبلوماسياً لانتزاع حقوقه أممياً ودولياً إنما “دون جدوى”، وذلك رغم الأذى الذي ألحقته على التنوع البيولوجي في بحر لبنان”.
وأقدمت إسرائيل خلال ما عرف بحرب تموز على قصف معمل الجية، ما أدى إلى احتراق 45 ألف متر مكعب من مادة الفيول وتسرّب كمية أخرى، قدِّرت بما لا يقل عن 15 ألف متر مكعب، انتشرت في مياه البحر مكونة بقعة نفطية بلغت كثافتها 40 سم، وامتدت مسافة تصل إلى 30 كلم في العمق كما أدت إلى قتل الثروة السمكية.
أخطار على المدى القريب والمدى البعيد
وأشارت جمعية “الجنوبيون الخضر” لـ”جسور” أنها طالبت في بيان لها، المنظمات الدولية والمجتمع الدولي “التدخل العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي والأجواء اللبنانية، والعمل على إلزام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالوقف الفوري عن استخدام قنابل الفسفور الأبيض المحظورة ضد المواقع المدنية والبيئية في لبنان” محذرة من “وقوع كارثة بيئية كبيرة في حال استمرار هذه الانتهاكات الإسرائيلية والصمت حيالها”.
وكشفت عن تعرض أحراج السنديان المعمر وبساتين الزيتون المعمرة بالإضافة إلى أنواع حرجية أخرى من بينها الخرنوب والصنوبر إلى الفسفور الأبيض.
القنابل الفسفورية تؤدي “إلى تدمير الموائل الطبيعية وقتل أو إصابة الأنواع المختلفة بما في ذلك الثدييات والطيور والحشرات التي تضمها” تتابع الجمعية مضيفة “كما تتسبب في تلويث مصادر المياه وتهديد النظم البيئية المائية للأحواض والأنهر والجداول وبشكل أكثر خطورة نظام الأراضي الرطبة، ما يهدد بإصابة أو نفوق الأنواع المائية من أسماك وطيور وحشرات والبرمائيات”.
ليس هذا فحسب بل على المدى البعيد “يؤدي تلوث التربة بالفسفور الأبيض إلى جعلها غير صالحة للزراعة لفترة قد تطول بحسب مستوى ودرجة التعرض والتلوث ما يستدعي معالجة معقدة ومكلفة ويمكن للمخلفات السامة في التربة أن تؤثر على نمو المحاصيل”.
من جهة أخرى، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إسرائيل باستخدام ذخائر الفوسفور الأبيض خلال عملياتها العسكرية في غزة ولبنان قائلة إن استخدام مثل هذه الأسلحة يهدد المدنيين بالتعرض لإصابات خطيرة وطويلة الأمد.