رصد بوابة بيروت
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت، وبعد قراءة الإنجيل المقدس ألقى عودة عظةً قال فيها:
أحبّائي، سمعنا في إنجيل اليوم مثل الغنيّ ولعازر، وهو من الأمثال الّتي عالج الرّبّ يسوع من خلالها موضوع الغنى والفقر. يعتبر البعض هذا المثل من التّعاليم القاسية ضدّ الأغنياء، وكأنّهم معرّضون دائماً للعقاب، كما يعتبرون في المقابل أنّ الرّبّ يتعاطف دوماً ومطلقاً مع الفقراء. لكنّنا، إذا تمعّنّا في قراءة المثل بتأنٍّ، يظهر لنا بوضوحٍ أنّ الرّبّ يسوع يتوجّه إلى نوعٍ محدّدٍ من الأغنياء والفقراء، وأنّ الهدف من المثل هو دعوة القارئ أو السّامع، غنيّاً كان أو فقيراً، لكي يعي وضعه ويسعى إلى العمل بحسب الرّسالة الّتي شاءها المعلّم من كلامه.
يا أحبّة، يظنّ أراكنة العالم اليوم أنّهم خالدون، وأنّهم فوق المحاسبة العادلة والدّينونة الإلهيّة الآتية، مثلما هم هنا على هذه الأرض. إنّهم يعيثون فساداً وخراباً وقتلاً في الأرض كلّها، حيث لا مكان في مأمنٍ من شرّهم، لأنّهم طامعون بخيرات الأرض ومجدها الزّائل، ناسين أنّ الأهمّ هو خلاص نفوسهم وربح أكاليل المجد الأبديّ. السّباق إلى التّسلّح بما يميت الجسد أصبح هدفاً ضروريّاً، في مقابل السّباق إلى التّوبة والتّسلّح بسلاح الله الكامل من أجل الثّبات ضدّ مكائد إبليس. لم يعد هناك احترامٌ لقدسيّة الحياة ولكرامة الإنسان ولا لأرضٍ مقدّسة.
يشنّون الحروب المدمّرة ولا يحيّدون النّساء والأطفال والمعابد والمستشفيات. لقد تخلّى معظم حكّام العالم عن إنسانيّتهم وصمّوا آذانهم عن صراخ الأطفال وأنين الأمّهات، ولا يصغون لصراخ الضمير. أسابيع مرّت ولم نر نيّةً لوقف القتال وحماية المدنيين الأبرياء الذين يقتلون وكأنّهم ليسوا على صورة الله ومثاله ولهم الحقّ في حياةٍ كريمة. إن لم ينظر العالم بعين العدل لن يكون سلامٌ ولا استقرارٌ لأنّ الحكم المبنيّ على الظلم لا يدوم.
لم يبق مكانٌ آمنٌ على الأرض، والعدالة لم تعد أمراً بديهياً بل هي خاضعةٌ للمصالح، لهذا فإنّ التّوبة ضروريّةٌ والعمل بوصايا الربّ ضروريٌّ حتّى يكون الإنسان، كائناً من كان، مجهّزاً للانطلاق من هنا بسلامٍ “لأن ليس لنا هنا مدينةٌ باقيةٌ، لكنّنا نطلب العتيدة”.