لبنان ليس بخير، وأنا لست بخير أيضاً كوطني

بقلم غادة المرّ

اليومَ مشيتُ وحيدةً، بعدَ تاريخٍ من النّضالِ والأملِ والفرحِ والكثيرِ من الحنين؛ مشيتُ وسألتُ كلَّ الطّرقاتِ الّتي تؤدّي إليكَ يا وطني، هي الأخرى لم تعدْ تكترث، تضعُ يدها في جيبِها، غير ُمباليةٍ بقصائدَ حزينةٍ، تُصفّرُ لحناً مرّاً ممزوجاً بالدّموعِ والدّمِ الّذي سالَ منذُ عقدٍ وما زالَ يروي التّراب.

تُصفّرُ وهي تقضُمُ قلبها وقلوبنا المنهكةِ من التّعبِ والحزنِ والإحباط.

قبورنا تشرّدتْ في تلك الجّهاتِ المتجهّمةِ والفاجرة.

كنا نحلمُ بوطنٍ جميلٍ ومستقبلٍ واعدٍ وزاهر. لكنّه لا عمرَ يكفي كي تخرجَ الضّحكاتُ القديمةُ وتَتحقّقَ الأحلامُ الورديّة.

في الصّباحاتِ الباردةِ.. نخبزُ أحلامَنا ساخنةً، لندفئَ قلوبَنا المتجمّدةَ والمنهكةَ من أوجاعِا لوطنِ ومآسيه.

وكلُّ جريمتِه، موقعهُ الجُغرافيُّ المشؤومُ والمقيتُ، يدهسهُ صراعُ الجبابرةِ وأطماعُ الدُولِ والقادة.

متى نصبحُ على وطنٍ حرٍّ، سيّدٍ ومستقلٍّ. وعلى دولةٍ قويّةٍ، مدنيّةٍ ومتمدّنة؟

متى تنقلبُ الأحزانُ فرحاً والشّرُ خيراً وانتصاراتٍ ملوّنةً بألوانِ قوسِ قزحٍ بعد العاصفة؟

متى نسترجعُ الوطنَ المسروقَ والحلُمَ المغيّبَ وننتصر؟

كيفَ قالوا لنا إنَّ الثورةَ المحقّةَ تنتصرُ! ونحن ثورةُ الحقِّ.

كيفَ قالوا لنا اذا ما الشّعبُ يوماً أرادَ الحياةَ، فلا بدَّ للّيلِ أن ينجلي، ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسر!

نحن أردنا الحياةَ الحرةَ والكريمةَ… فلا الليلُ انجلى ولا القيدُ انكسر.

كيف قالوا لنا إنَّ الثورةَ تولدُ من رحِمِ الأحزانِ …والحزنُ في وطني تكدّسَ في الطّرقاتِ والبيوتِ أطناناً !

كيفَ قالوا لا تخافوا فالخيرُ أخيراً ينتصر!

ونحنُ بلعنا الشّرَ واختنقنا من الظلم والقمعِ!

كيفَ قالوا، وللحريّةِ بابٌ، بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ بالدّماءِ يُقرعُ !

ونحنُ، غدتْ طرقاتُنا تسبحُ في أنهرٍ من الدّمِ وغصّتْ بقوافل الشّهداءِ!

كيف أوهمونا أنّ الثّورةَ تنتصرُ ! ونحن نبتلعُ الإحباطاتِ ونصارعُ القمعَ والفجور !

كيف كذبوا علينا وأوهمونا أن الدّستورَ يحمي حياةَ المواطنِ وأملاكه وحريَةَ التعبيرِ ورسالةَ الفكر والحرّيات !

متى تصبحُ كلماتُنا بندقيةً وتغتالُ كلَّ أعداءِ الوطنِ والحريّةِ، وتُسدَلُ السّتارةُ على أبشعِ مسرحيّةٍ هزليّةٍ قاتلةٍ، عاشها شعبٌ يوماً في تاريخِ البشريّة؟

لبنانُ اليومَ ليسَ بخيرٍ…نحن كذلك.

أيّها الثّوارُ … عودوا إلى السّاحاتِ وقاوموا، لم يعدْ لدينا خيار أخر َ سوى الموتِ ذُلاً، جوعاً، مرضاً واغتيالاً.

لم يعدْ لدينا ترفَ الوقتِ، لن ينقذَنا أحدٌ غيرَ ثورتِنا ونضالِنا وثباتِنا.

اخترنا لك