كوب 28 : القادة ينأون بالقمة عن حرب غزة
استغراب من إشارة العاهل الأردني للحرب وتحويلها إلى تهديد بيئي
@wamnews
ركز أغلب القادة الذين شاركوا في قمة مؤتمر المناخ (كوب 28) بالإمارات على قضايا المناخ نائين بالقمة عن موضوع الحرب في غزة، ويعكس هذا الفصل رغبة في توحيد المواقف والتوصل إلى قرارات دولية من أجل معالجة قضية الاحترار المناخي الذي يهدد العالم.
وحاولت إيران توظيف موضوع غزة من خلال عدم حضور رئيسها وانسحاب وفدها بحجة مشاركة إسرائيل، وأشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدوره إلى موضوع الحرب، لكن أكثر ما أثار الاستغراب من ربط الاحترار البيئي بحرب إسرائيل على غزة هو إشارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى موضوع الحرب وتحويلها إلى تهديد بيئي في محاولة تعكس إصرار الأردن على إشراك نفسه في الأزمة عبر المبالغة في التصريحات.
وأعلن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الجمعة عن إنشاء صندوق للمناخ بقيمة 30 مليار دولار لحلول المناخ عالميًّا.
وقال الشيخ محمد بن زايد إن الصندوق يستهدف سد فجوة تمويل المناخ وجمع استثمارات بقيمة 250 مليار دولار بحلول عام 2030.
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى ميثاق للعمل لمواجهة التحديات المناخية، مؤكدا أنه من خلال هذا الميثاق “تستطيع البشرية أن تثبت بأفعال ملموسة أن الأهداف الطموحة ليست بالضرورة عصيّة على التنفيذ”.
وقال العاهل المغربي في الخطاب الذي وجهه إلى المؤتمر “أقترح عليكم إطلاق ميثاق للعمل الآن ومن هذا المنتدى”، مشددا على أنه “بالنظر إلى التفاقم الحتمي للتغيرات المناخية، فإن على مؤتمرات الأطراف أن تنأى، اعتبارا من هذه الدورة، عن منطق التدرج البطيء الذي ظل يلازمها لزمن طويل”. وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجموعة السبع بـ”التعهّد بإنهاء (استخدام) الفحم” قبل عام 2030.
واعتبر ماكرون، أمام قادة العالم في قمة المناخ، أن مواصلة الاستثمار في الفحم هو أمر “غير منطقي” نظرًا إلى هدف مكافحة ظاهرة الاحترار المناخي، و”لذلك يجب أن نبدأ تحولًا تامًا” للتخلي عنه.
وحث رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي على تزويد البلدان النامية بالتكنولوجيا والتمويل لمواجهة تغير المناخ.
وقال إن الدول النامية تحتاج إلى حصة عادلة من ميزانية الكربون، مضيفا “يجب علينا أن نرتفع فوق المصلحة الشخصية وننقل التكنولوجيا إلى الآخرين”.
وبدوره حث العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث المشاركين في المؤتمر على اتخاذ خطوات سريعة وحازمة لحماية الكوكب.
وقال الملك تشارلز الثالث إن آمال العالم ترتكن إلى رؤساء الدول والحكومات. وأعرب عن رغبته في أن يكون كوب 28 “نقطة تحول مهمة باتجاه عمل تحولي حقيقي”.
ومن الواضح أن أغلب القادة المشاركين في القمة قد تجنبوا الخلط بين موضوع سياسي ظرفي مثل موضوع غزة، وبين مؤتمر متخصص في قضية إستراتيجية يفترض بالمشاركين فيه أن يقدموا مقترحات عملية واضحة لأن الوقت ليس مناسبا للشعارات والتوظيف السياسي.
ويرى مراقبون أن موضوع غزة تتم معالجته عبر قنوات أخرى وسبق لأغلب الدول أن تدخلت فيه بالدعم الإنساني أو بالوساطات، ولأجل ذلك لا مبرر للزج به في كل مناسبة، خاصة إذا كانت في حجم مؤتمر المناخ الذي يقوم على فكرة توحيد العالم في معركة مشتركة ومعقدة لإنقاذ البشرية على المديين المتوسط والبعيد، ولا مبرر لإثارة الخلافات داخله بموضوع تتضارب فيه وجهات النظر والمواقف.
وخرج العاهل الأردني عن قاعدة تحييد مؤتمر المناخ عن الخلافات السياسية، مثيرا استغرابا داخل المؤتمر ولدى المتابعين بمحاولته إقامة رابط بين الحرب والبعد البيئي والزج بموضوع غزة في دائرة النقاش في القمة، حيث اعتبروا أن الأمر قد يكون للتغطية على غياب أفكار أردنية بشأن قضايا المناخ، وهو أمر مطلوب بالأساس من الدول الغنية التي تعتمد في اقتصاداتها -وبشكل كبير- على الوقود الأحفوري.
وقال الملك عبدالله الثاني إن الحرب تجعل التهديدات المتعلقة بندرة المياه والغذاء أكثر حدة، وإنه لا يمكن الحديث عن تغير المناخ بمعزل عن المآسي الإنسانية في المنطقة.
ولم يشذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أسلوبه المعتاد في استثمار المناسبات الكبرى لإطلاق الشعارات وتسجيل المواقف دون مراعاة لأجندة المؤتمر والهدف من ورائه.
وقال الرئيس التركي إنه “يستحيل عدم التطرق إلى الأزمة الإنسانية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المجاورة لنا… نتيجة العدوان الإسرائيلي” الذي “لا يمكن تبريره تحت أي ظرف من الظروف”، معتبرًا ذلك “جريمة إنسانية وجريمة حرب”.
وتغيّب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن المؤتمر “بسبب دعوة مسؤولين في النظام الصهيوني”، وفق ما أوردته وكالة إرنا الرسمية.
ثم أعلن لاحقًا عن انسحاب الوفد الإيراني من المؤتمر احتجاجًا بالمثل على وجود وفد إسرائيلي باعتباره يتعارض مع “أهداف المؤتمر وتوجهاته”.
وأعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال مكالمة هاتفية هذا الأسبوع مع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، عن أسفه لـ”حضور مسؤولين من نظام الاحتلال” كوب 28 في ظل “جرائم الحرب والإبادة” التي يرتكبها “النظام الصهيوني”.
وينظر محللون إلى التصرف الإيراني على أنه محاولة للتشويش والتغطية على الجهود المبذولة لإنجاح المؤتمر الذي بات رسميًا أكبر مؤتمرات المناخ على الإطلاق، مع تسجيل 80 ألف مشارك على قائمة أولية تكشف للمرة الأولى عن وظائفهم المحددة، في مسعى من الأمم المتحدة للردّ على الانتقادات بشأن احتمال وجود تضارب مصالح.
ومع احتساب العاملين الفنيين وعناصر الأمن يبلغ عدد الأشخاص الذين بإمكانهم الوصول إلى “المنطقة الزرقاء” المخصصة للمفاوضات وأجنحة الدول أو المنظمات 104 آلاف، أي ضعف العدد الذي سُجّل في كوب 27 العام الماضي في شرم الشيخ وكان آنذاك عددا قياسيًا (49 ألفًا). إلا أنّ العدد المعلن قد لا يتوافق بالضرورة مع عدد الأشخاص الموجودين فعليّا في دبي.
وينتمي نحو 23500 شخص إلى وفود مختلفة، بينهم 1336 مندوبًا من البرازيل التي غالبًا ما سجّلت أعدادًا قياسية خلال مؤتمرات المناخ، إضافة إلى 620 مندوبًا من الإمارات التي تنظّم المؤتمر و265 مندوبًا من فرنسا و158 مندوبا من الولايات المتحدة.
وهناك أيضًا 27208 أشخاص وصفوا بأنهم “إضافيون” من الوفود التي تجلب معها رؤساء شركات وخبراء وممثلي جمعيات مهنية وأساتذة جامعيين وموظفين فنيين.
وحصل 14 ألف عضو في منظمات غير حكومية، بمن فيهم ناشطون بيئيون وأعضاء في جمعيات مهنية تمارس الضغط، على اعتمادات، في حين تدفّق صحافيون بأعداد كبيرة لتغطية المؤتمر (قرابة أربعة آلاف اعتماد).