المطران عودة : دولتنا استقالت من واجباتها منذ عقود

المركزية

أقامت جمعية القديس بورفيريوس الرائي قداسا احتفاليا بعيد شفيعها في كنيسة القديس نيقولاوس، ترأسه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة.

بعد الإنجيل، ألقى عظة قال فيها: “الدولة بالنسبة للمواطنين هي الملاذ والحماية، وواجبها السهر على راحتهم وأمانهم ومستقبلهم. واجب الدولة تأمين الحياة الكريمة لأبنائها ورعايتهم رعاية الأم المحبة لأولادها، لكن دولتنا استقالت من واجباتها منذ عقود وتركت أمر المجتمع للجمعيات والمساعدات. حتى انتخاب رئيس للبلاد يتطلب عندنا سنة وسنتين وجهوداً مضنية، فيما يشكل في البلاد الديموقراطية عملاً طبيعياً، بل واجباً يقوم به النواب من أجل ضمان سيرورة البلد”.

وفي ما يلي النصّ الكامل لعظة المطران عودة:

“بِــاســمِ الآبِ والإبْــنِ والــرُّوحِ الــقُــدُس، آمــيــن.

أَحِــبَّــائـــي، نُــعَــيِّــدُ الــيَــومَ لِــقِــدِّيــسٍ أَحَــبَّــنــا وكــانَ لَــنــا أَبًــا فــي غُــرْبَــتِــنــا، ومُــعَــزِّيًــا فــي ضــيــقــاتِــنــا، ومُــســاعِــدًا فــي أَوْقــاتِ الــحـــاجــة، ومُــؤَدِّبًــا عِــنْــدَ زَلَــلِــنــا، عَــنَــيْـتُ أَبــانــا الــبــارَّ بــورفــيــريــوس الــرَّائــي.

وُلِــدَ الــقــديـس بـورفــيــريـوس، واســمُــه إِفـانـغِــلـوس، فــي 7 شــبــاط 1906 لِــعــائِــلَــةٍ فَــقــيــرَةٍ وَرِعَـة. كــانَ والِــدُهُ مُــرَتِّــلَ الــقـريـةِ وكان الــقِــدِّيـسُ نِـكــتـاريــوس الــعَــجـائِــبــيّ، عـنـدَ زيارتِـه الـمـنطـقـة، يَـسـتَـدْعـيـه لِـمُـرافَــقَــتِـه في الـخِـدَمِ الـكـنـسـيّـة، لَــكِــنَّ الــعَــوَزَ أَجْــبَــرَهُ عــلــى الــسَّــفَــرِ لـلعَــمَــلِ فــي شَــقِّ قَــنــاةِ بــانــامــا.

دَفَــعَــتْ حــالُ الــفَــقْــرِ قــدّيــسَــنــا إلــى تَــرْكِ الــمَــدْرَسَــةِ والــعَــمَــلِ فــي رِعــايَــةِ الـمَـواشي، ثُــمَّ فــي مَـنـجـمٍ، وفــي أَحَــدِ الــمَــقــاهــي. كــانَ يَــذْهَــبُ إلــى الــكَــنــيــسَــةِ بِــتَــواتُــرٍ ويَــقْــرأُ سِــيَــرَ الــقِــدِّيــسِــيــنَ، ومِــنْــهــا سِــيــرَةَ الــقِــدِّيــسِ يُــوحَــنَّــا الــكــوخــيّ الَّــذي أَرادَ الــتَــمَــثُّــلَ بِــه. شَــعَـــرَ بِــرَغْــبَــةٍ جــامِــحَــةٍ فــي الــذَّهــابِ إلــى الــجَــبَــلِ الــمُــقَــدَّسِ آثـوس وعَــيْـشِ الـحَــيـاةِ الـــرُّهــبـانِــيَّـة، فــوَصَــلَ إلــى آثــوس بِــعُــمْــرِ الــثــانِــيَــةَ عَــشْــرَة. فــي طــريــقِــهِ، إِلْــتَــقَــى عَــلــى مَــتْــنِ الــسَّــفــيــنَــة، بِــتَــدبــيــرٍ إِلَــهِــيٍّ، ِ، الــرَّاهِــبِ بَــنــدلايــمــون، الَّــذي ســيــصــبــحُ أبــاه الــروحـــيّ. كَــمُــبْــتَــدِئٍ، أطــاعَــهُ طــاعَــةً كــامِــلَــةً، وخَــدَمَــهُ مَــعَ أَخــيــهِ الأَب يُــوانــيــكــيــوس الــنـاسِــك بِــتَــفــانٍ. لَــمْ يــعــرفْ الأَبُ بــورفــيــريــوس الــتَّــراخــي، بَــلْ جــاهَــدَ بِــقَــســاوَةٍ. تَــعَــلَّــمَ الإِنْـجــيــلَ والــتَّــراتــيــلَ وخَــدَمَ كَــمُــرَتِّــلٍ. الــعَــلامَــةُ الــفــارِقَــةُ فــي جِــهــادِهِ الــنُّــسْــكِــيِّ لَــمْ تَــكُــنْ جِــهــادَهُ الــجَــسَــدِيّ، بِــقَــدْرِ مــا كــانَــتْ طــاعَــتَــهُ الــكــامِــلَــةَ لأَبــيــهِ الــرُّوحِــيّ. سِــيــمَ راهِــبًــا فــي الــرَّابِــعَــةَ عَــشْــرَةَ مِــنْ عُــمْــرِهِ مُــتَّــخِــذًا اسْــمَ «نــيــكــيــتــا»، ثُــمَّ حَــصَــلَ عــلــى الإِسْــكــيــمِ الــكَــبــيــرِ بَــعْــدَ عــامَــيْــن.

في أحَـدِ الأيـام قـصَـدَ الــكَــنِــيــسَــةَ فَــجْــرًا وجَــلَــسَ يُــصَــلِّــي مُــنْــفَــرِدًا. فَــجْــأَةً، فُــتِــحَ الــبــابُ ودَخَــلَ الأَبُ ديــمــاس، الَّــذي كــانَ نــاسِــكًــا قِــدِّيــسًــا مُــتَــخَــفِّــيًــا فــي مَــغــارَةٍ وراحَ يُــصَــلِّــي ســاجِــدًا وقــائِــلًا: «يــا رَبِّــي يَــســوعَ الــمَــســيــح ارْحَــمْــنــي… أَيَّــتُــهــا الــفــائِــقُ قُــدْسُــهــا وَالِــدَةُ الإِلَــهِ خَــلِّــصــيــنــا»، ثُــمَّ وَقَــفَ ويَــداهُ مَــفْــتــوحَــتــانِ بِــشَــكْــلِ صِــلــيــبٍ فَــأَحــاطَــتْــهُ الــنِّــعْــمَــةُ الإِلَــهِــيَّــةُ بِــالــنُّــورِ غَــيْــرِ الــمَــخــلــوق، وانْــتَــقَــلَــتِ الــنِّــعْــمَــةُ فَــوْرًا إلــى الــشَّــابِّ نــيــكــيــتــا الَّــذي تَــلَــقَّــى مَــوْهَــبَــةَ الــصَّــلاةِ والــرُّؤيــا مِــنْ حــيــنِــه. حَــدَثَ تَــغَــيُّــرٌ جَــذْرِيٌّ فــي تَــكــويــنِــهِ الــذِّهْــنِــيِّ فَــاقْــتَــنــى قُــدُراتٍ خــارِقَــةً مِــنَ الــعَــلِــيّ: كــانَ شَــديــدَ الــفَــرَحِ، دائـــمَ الــحَــمــاسَــةِ، وأَصْــبَــحَــتْ حَــواسُّــهُ شَــديــدَةَ الــدِّقَّــة، كَــمــا أَصْــبَــحَ قــادِرًا عــلــى مَــعْــرِفَــةِ أَعْــمــاقِ الــنَّــفْــسِ الــبَــشَــرِيَّــة.

بَــعْــدَ فَــتْــرَةٍ قَــصـيــرَةٍ تَــدَهْــوَرَتْ صِــحَّــةُ نِــيــكــيــتـا فـأجـبَــرَهُ أَبــوهُ الــرّوحــيُّ عــلـى الـعَــوْدَةِ إلــى الـمـديـنـةِ لاسْــتِـعـادَةِ عــافِــيَــتِـه فـمَــكَــثَ فـي دَيْــرِ الــقِــدِّيـسِ خَــرالَــمْـبــوس. عــادَ إلـى الــجَــبَــلِ بَـعْــدَ تَــعــافــيـه، لَــكِــنَّـهُ انْــتَــكَــسَ مـجــدَّدًا فَــعـادَ إلــى الـعــالَــم. تَــكَــرَّرَتْ هَــذِهِ الـحـادِثَــةُ ثَــلاثَ مَــرَّاتٍ فَــقَــرَّرَ أَبــوهُ الــرُّوحِــيُّ إرســالَــهُ إلـى الـمـديـنـةِ نِـهـائِــيًّــا، وكــانَ فــي الــتَّــاسِـعَــةَ عَــشْــرَةَ مِــنْ عُــمْــرِه. فــي دَيْــرِ الــقِــدِّيـسِ خَــرالَـمـبـوس رَسَـمَـهُ رَئــيـسُ الــكَـهَــنَــةِ بــورفـــيـريـوسُ الــثّــالِــثُ الــسِّــيــنـائِــيُّ كــاهِــنًــا وأَعْــطــاهُ اسْــمَـهُ، وكــانَ ذَلِــكَ فــي عــامِــهِ الـعِــشـريـن.

عــام 1940، أُعْــطِــيَ مَـهـامَّ كــاهِــنٍ فـي كَــنِــيـسَـةِ الــقِــدّيـسِ جَــراســيــمــوس الــتَّــابِــعَــةِ لِــمُـسْـتَــشْــفَــى أَثِــيـنـا. هُــنـاكَ ازْدادَتْ شُـهْــرَتُــهُ وتَــدَفَّــقَ عَــلَــيْــهِ طــالِــبــو الإعْـــتِــراف، فَــأَصْــبَــحَ أَبًــا روحِــيًّــا لِــكَــثـيـريـن. عــام 1970 تَــرَكَ خِــدْمَــتَــهُ فــي الــمُــســتَــشـفـى لــكــنّــه تــابَــعَ عَــمَــلَـهُ الــرِّعــائــيّ، وحــوالـى الـعـام 1980 اسْــتَــقَــرَّ فــي مــنـطَــقَــةِ «مــيـلـسـي» حَــيْــثُ أَسَّــسَ دَيْــرَ الــتَّجَــلِّــي لِــلــرَّاهِــبـاتِ. تَــدَهْــوَرَتْ صِــحَّــتُـهُ وفَــقَـدَ بَــصَـرَهُ، لَــكِــنَّـهُ بَــقِــيَ بِــنِـعْــمَـةِ اللهِ مُــرْشِـدًا ومُــعــيــنًــا لِــلــنّـاس. عــام 1991 عــادَ إلــى مَــنْـسَــكِــه فـي الـجَــبَــلِ الــمُــقَــدَّس حَــيْــثُ أمـلـى على أحـدِ الـرهـبـانِ وصـيَّـتَـه وأوصـى بـكـيـفـيـةِ دفـنِـه. وقـد رَقَــدَ بـالـربِّ فــي 2 كــانــون الأَوَّل 1991 مُــحــاطًــا بِــرُهْــبـانِــه.

أَحِـــبَّـائـي، يُـعَــلِّــمُــنـا الــقِـــدِّيـــسُ بــورفــيــريــوس مِـــن خِـــلالِ ســـيـــرَتِـــهِ الــشَّــريــفَــةِ أَنَّ الــطَّــاعَــةَ مُــهِــمَّــةٌ، لَــيــسَ فــي حَــيــاةِ الـــرَّاهِــبِ فَــقَــط بَــلْ فــي حَــيــاةِ الــجَــمــيــع، عــلــى حَــسَــبِ مــا يَــقــولُ الــرَّســولُ بــولُــس: «أَطــيــعــوا مُــدَبِّــريــكُــم واخْــضَــعـــوا لَــهُــم» (عــب 13: 17). بِــطــاعَــتِــهِ، لَــمْ يَــغْــضَــبْ الــقِــدِّيــسُ بــورفــيــريــوس مِــنْ قَــرارِ أَبــيــهِ الــرُّوحِــيِّ عِــنْــدَمــا طَــلَــبَ مِــنــهُ مُــغــادَرَةَ الــجَــبَــلِ الــمُــقَــدَّسِ بِــسَــبَــبِ تَــدَهــوُرِ صِــحَّــتِــه. لَــمْ يَــقِــفْ أمــامَــهُ مُــعْــتَــدًّا بِــنَــفْــسِــهِ وقــائِــلًا إِنَّــهُ سَــيَــبْــقــى فــي الــجَــبَــلِ مُــحْــتَــمِــلًا آلامَــهُ، بَــلْ غــادَرَ بِــتَــواضُــعٍ وطــاعَــةٍ كُــلِّــيَّــيْــنِ. يَــقــولُ قِــدِّيــسُــنــا: «إِنَّ الــغَــضَــبَ مَــهــمــا كــانَ قَــلــيــلًا فَــإِنَّــهُ يُــوَلِّــدُ شَــرًّا. لِــيَــكُــنْ عِــنْــدَنــا الــصَّــلاحُ والــمَــحَــبَّــةُ فــي داخِــلِ نُــفــوسِــنــا». لــذلـــك، لَــمْ يَــغْــضَــب لأَنَّ اللهَ امْــتَــحَــنَــهُ بِــالأَمــراضِ الــمُــتَــعَــدِّدَة الَّــتــي أَجْــبَــرَتْــهُ عــلى الـعَـودَةِ إلــى الــعــالَــمِ لَــكِــنَّــهُ كــانَ يَــقــول: «إِنَّ مَــرَضِــي هـو تَــقْــدِيــرٌ مُــمَــيَّــزٌ لــي مِــنَ الله، يَــدْعــونِــي بِــهِ أَنْ أَدْخُــلَ فــي سِــرِّ مَــحَــبَّــتِــه، وأَنْ أُحَــاوِلَ بِــنِــعْــمَــتِــهِ الــخــاصَّــةِ أَنْ أَتَــجـــاوَبَ مَــعَ مَــحَــبَّــتِــه. لَــكِــنَّــنــي لَــسْــتُ مُــسْــتَــحِــقًّــا». مَــحَــبَّــتـهُ للهِ لَــمْ يَــكُــنْ لــهــا حــدود. حَــتَّــى فــي أَشَــدِّ أَوْقــاتِ الأَلَــمِ كــانَ يَــشــعُــرُ بِــمَــحَــبَّــةِ اللهِ تَــغْــمُــرُهُ، وهُــوَ بــادَلَ رَبَّــهُ تِــلْــكَ الــمَــحَــبَّــةَ بِــاحْــتِــمــالِــهِ وصَــبْــرِهِ عــلــى الأَوجــاعِ قــائِــلًا: «كــانَــت الأَوجــاعُ رَهــيــبَــةً فــي كُــلِّ جِــســمــي طَــوالَ الــوَقــت. كــانَ يَـظُـنُّ الآخَــرونَ أَنَّــنــي أَلْــفُــظُ أَنــفــاسِــي الأَخــيــرَة. أَمّــا أَنــا فَــكُــنْــتُ قَــدْ سَــلَّــمْــتُ ذاتــي إلــى مَــحَــبَّــةِ الله. مــا كُــنْــتُ أُصَــلِّــي لِــيُــحَــرِّرَنــي اللهُ مِــنْ هَــذِهِ الأَوْجــاع. شَــوْقــي كــانَ إلــى رحــمــتِــه فَــقَــط. كُــنْــتُ قَــد اتَّــكَــأْتُ عَــلَــيْــهِ، انْــتَــظَــرْتُ أَنْ تَــفْــعَــلَ نِــعْــمَــتُــهُ فِــعْــلَــتَــهــا. كُــنْــتُ لا أَخــافُ الــمَــوْت». أمّا صَـلاتُـه الدائـمـة فـكـانـتْ: «ربّـي يسوع الـمـسـيـح ارحَـمْـنـي».

يــا أحـــبّــة، جــمــعــيــةُ الــقــديــس بـورفــيــريــوس الــتــي تَــحــتــفــلُ الــيــومَ بــعــيــدِ شــفــيــعِــهــا، اتــخــذتْ هــذا الــقــديــسَ مــثــالاً تَــســيــرُ عـلى خُـطـاه في مـحـبـةِ الله ومـحـبّـةِ الـناسِ وخِــدمـتِــهــم. أعــضــاؤهــا نَــذروا أنــفــسَــهــم لِــمُــســاعــدةِ الــطــلاّب، ولِــخِــدمــةِ الــفــقــيــرِ والــمُــحــتــاج. لــم يَــبــتَــغــوا يــومــاً مــجــدَ الــعــالــمِ، على مِـثـالِ شَـفـيـعِـهـم، لــذلــك لا نــراهــم يُــطــبِّــلــون كــلّــمــا قــامــوا بِــعَــمَــلِ خِــدمــةٍ أو رَحــمــة، لــكــنّ اللهَ الــذي يــعــرفُ مَــكــنــونــاتِ الــقــلــوبِ يَــعــرفُ مَــحــبــتَــهــم له وإخــلاصَــهــم لــتــعــالــيــمِ شــفــيــعِــهــم الــقــديــس بــورفــيــريــوس الــذي قــال: «هــدَفُــنــا واحــدٌ فــي هــذه الــحــيــاةِ وهــو مــحــبّــةُ الــمــســيــحِ ومــحــبّــةُ الــنــاسِ، لــكــي نُــصــبــحَ جــمــيــعُــنــا واحــداً ورأسُــنــا هــو الــمــســيــح. هــكــذا فــقــط نَــقْــتَــنــي الــنــعــمــةَ والــســمــاءَ والــحــيــاةَ الأبــديــة”.

هــذه الــجــمــعــيــة، الــتــي تُــشَــكِّــلُ الــذِراعَ الــتـــي تَــقــومُ مــطــرانــيــتُــنــا بــواســطــتِــهــا بــالــخــدمــةِ الإجــتــمــاعــيــة، تَــعَــهَّــدَتْ مــســاعــدةَ كــلِّ عــائــلــةٍ تُــواجِــهُ صــعــوبـةً فــي تَــأمــيــنِ كِــلْــفَــةِ تَــعــلــيــمِ أولادِهــا، واحْـتِـضـانَ كــلِّ مُــسِـنٍّ عــاكـــسَــتْــه ظــروفُ الــحــيــاة، ومُـسـاعَـدَةَ كُـلِّ فـقـيـرٍ ومُـحـتـاجٍ ومَــنْ قَــسَــتْ عــلــيــه الأيّـام. كــمــا لــديــهــا مــشــاريــعُ إنــمــائــيــةٌ تُــســاهــمُ فــي خِـدمـةِ الــمــجــتــمعِ دون تــمــيــيــز. وقــد قــامــتْ بــتــرمــيــمِ عــددٍ مِـَن الــمَنـازلِ وتَـجْـهـيـزِهـا بَــعْــدَ تــفــجــيــرِ الـرابِـعِ مِـنْ آب الــذي فَــجَّــرَ قَــلْــبَ الــعــاصــمــة، ومــا زلــنــا نــنــتــظِــرُ اكــتــمــالَ الــتــحــقــيــقِ وإعــلانَ الــمُــجــرمِ الــذي كــان سَــبــبــاً فــي مــوتِ مِـئـاتِ الأبــريــاء، وفــي إصــابــةِ آخــريــن مــا زالــوا يُــعــانــون، وفــي تَــدمــيــرِ آلافِ الــمَــنــازلِ والــكــنــائــسِ والــمــؤســـســاتِ، ومــنــهــا مــطــرانــيــتُــنـا الأثَــريّـة، وكــنــائــسُــنــا ومَـدارسُــنــا.

يــا أحــبّــة، الــدولــةُ بــالــنــســبــةِ لــلــمــواطــنــيــن هــي الــمَــلاذُ والــحِــمــايــة، وواجــبُــهــا الــسَــهَــرُ عــلــى راحَــتِــهــم وأمــانِــهــم ومُــســتــقــبــلِــهــم. واجــبُ الــدولــةِ تــأمــيــنُ الــحــيــاةِ الــكــريــمــةِ لأبــنــائــهــا ورعــايــتُــهــم رعــايــةَ الأمِّ الــمُــحِــبَّــةِ لأولادِهــا، لــكــنَّ دولــتَــنــا اســتــقــالــتْ مِــنْ واجــبــاتِــهــا مُــنــذُ عُــقــودٍ وتَــركــتْ أمــرَ الــمــجــتــمــعِ لــلــجَــمــعــيــاتِ والـمُـسـاعَـدات. حتى انـتـخـابُ رئـيـسٍ لـلـبـلادِ يَــتَــطَــلَّــبُ عـنـدنـا سـنـةً وسـنـتَـيـن وجُـهـوداً مُـضْـنِــيَـة، فـيـمـا يُـشَــكِّــلُ في الـبـلادِ الـديـمـوقـراطـيـةِ عَـمـلاً طـبـيـعـيـاً، بل واجِـبـاً يـقـومُ به الـنُـوّابُ مِنْ أجـلِ ضَـمـانِ سـيـرورةِ الـبـلـد.

دَعْــوَتُــنـــا الــيَــوْمَ أَنْ نَــغــوصَ فــي مَــحَــبَّــةِ اللهِ مِــثْــلَــمــا فَــعَــلَ الــقِــدِّيــسُ بــورفــيــريــوس، وأَنْ نَــقْــبَــلَ كُــلَّ مــا يُــصــيــبُــنــا بِــطــاعَــةٍ وفَــــرَحٍ مُــكَــلَّــلَــيْــنِ بِــالــتَّــواضُــع، لِـكِـي نَــكْــسَــبَ الإِكــلــيــلَ الَّــذي لا يَــذْبُــلُ، ونَــسْــكُــنَ مَــعَ الأَبْــرارِ والــصِّــدِّيــقــيــن، آمــيــن”.

اخترنا لك