تجار الوطن !

بقلم ميراز الجندي

ناشط سياسي في الشأن اللبناني

تجارة الممنوعات والأسلحة والتهريب بأنواعها، التي يقوم أو قامت بها بعض الشخصيات، وما زالوا، بتغطية نشاطاتهم بأغطية دينية أو أعمال أو حصانة سياسية أو أمنية، ليس هو الخطر الوحيد أو المشكلة في عكار بشكل خاص ولبنان بشكل عام.

الخطر ليس فيما ذُكر وانتشاره ومدى تأثيره وسلبياته، بل في مرحلة ما بعد ذلك، أي غسيل هذه الأموال !

غسيل الأموال يأتي بعد تبني أساليب وفتح مصالح متضاربة لشخصيات شريفة، ومما يؤثر مع الوقت على الاقتصاد ويقوم بتدميره، وخلق اقتصاد موازٍ يخدم الجريمة المنظمة، وتلميع صورة هذه الشخصيات واستمرارها كصفوة في المجتمع، وتوليهم المناصب في الشأن العام. و أخطرهم أصحاب الجنسيات المزدوجة أو لابسي البزة الأمنية أو من يحملون الحصانة الدبلوماسية.

لنعود إلى خطر غسيل الأموال ونتعامل مع بعض الإحصائيات والواقع والتهديدات على الاقتصاد والمجتمع.

يُمثل غسيل الأموال تهديدًا خطيرًا يؤثر على الاقتصاد والمجتمع بطرق متعددة. تتسبب هذا الظاهرة في تدهور النظام المالي والتآكل الاقتصادي. فيما يلي نستعرض بعض الآثار الرئيسية :

تأثير على الثقة الاقتصادية

غسيل الأموال يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام المالي وتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد نقدي، مما يؤدي إلى انهيار المؤسسات المالية وتشويه الصورة السليمة للأسواق المالية والمؤسسات المالية.

ترويج الجريمة المنظمة

يشجع غسيل الأموال على استمرار الجريمة المنظمة، إذ يستخدم كوسيلة لتمويل أنشطة غير قانونية مثل تجارة المخدرات وتمويل الإرهاب وشبكات الدعارة.

تدهور السياسات الضريبية

يخفي غسيل الأموال الدخل الحقيقي، مما يؤثر على السياسات الضريبية ويقلل من الإيرادات الضريبية المتاحة لتمويل الخدمات العامة والمشروعات الحكومية.

تأثير على الاستقرار الاقتصادي

يؤدي تداول الأموال غير المشروعة إلى عدم استقرار الأسواق المالية، مما يؤثر على نمو الاقتصاد وفرص الاستثمار.

تأثير اجتماعي

قد يؤدي غسيل الأموال إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية وزيادة التفاوت بين الطبقات الاجتماعية، حيث يتم تحويل الأموال بطرق غير عادلة، مما يزيد من التبعية.

لمواجهة هذا التحدي، يجب تعزيز التعاون الدولي في مكافحة غسيل الأموال وتطبيق إجراءات فعّالة على المستويات المحلية والدولية.

ومع ذلك، يظهر غياب الدولة وانعدام الاستقرار تحديًا كبيرًا، ويتوجب على المجتمع الدولي التصدي له بجدية. كما يجب تعزيز دور الدولة في بناء مجتمع قائم على العدالة والاستقرار، لأن الفوضى التي تنشأ عن غيابها تؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد وتشكل تحديات صعبة للتنمية المستدامة.

أما واقع وتمني وتحمل مسؤولية، فعلى المجتمع الدولي أن يتعامل مع القوى الحكومية في لبنان على أنها دولة تحترم القوانين وتسعى للتقدم والاستقرار. “كلن يعني كلن” لا يجب أن يكون شعارًا يبرر التقاعس عن محاسبة الفاسدين والمجرمين. يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لتحقيق العدالة والشفافية وتعزيز الدور الوطني في البناء والتنمية.

الشعب اللبناني مسؤول عن مستقبله، ويجب أن يسعى لبناء دولة مدنية تعددية تحقق العدالة والاستقرار وتتبنى قيم التنمية المستدامة. يجب أن يكون لديه دور نشط في الحياة السياسية والمدنية، ويجب أن يتحد الشباب والشيوخ في سعيهم المشترك نحو لبنان الذي يحلمون به.

اخترنا لك