بقلم طوني كرم
أدّت الإستحقاقات السياسيّة والدستوريّة التي شهدها لبنان منذ اندلاع ثورة 17 تشرين 2019، إلى غربلة القوى السياسيّة التي عبرت ساحة النجمة بأصوات الناخبين المطالبين بتغيير «المنظومة» السياسيّة المتحكمة بمفاصل السلطة في لبنان.
فبعد مروحة الإنتكاسات التي مني بها ما أطلق عليه حينها تكتّل «نواب التغيير»، إثر تغلبّ الصورة التي ضمّت 13 نائباً (قبل إبطال نيابة رامي فنج)، على المشروع السياسي الواضح وآلية عملهم وإتخاذ القرار في ما بينهم، بدأ تغريد بعض «نواب التغيير» فرادة خارج هذه المجموعة. وتجلّى هذا الأمر، في حسم البعض من بينهم، وتحديداً النواب: وضّاح الصادق، مارك ضو وميشال الدويهي، خيارهم الرئاسي إلى جانب نواب المعارضة الذين تكتّلوا ضمن مجموعة الـ31 نائباً، قبل أن يتفرّد النائبان ملحم خلف ونجاة عون صليبا في قرار إعلان اعتصامهما داخل المجلس النيابي إلى حين إنتخاب رئيس الجمهورية؛ وتعمد النائبة حليمة قعقور إلى التنسيق مع تكتل صيدا – جزين، أي النواب أسامة سعد، عبد الرحمن البزري وشربل مسعد، وذلك بالتوازي مع الضبابيّة التي ترافق مواقف النواب: بولا يعقوبيان، إبراهيم منيمنة، فراس حمدان، ياسين ياسين، سينتيا زرازير، والياس جراده.
وفي ضوء ذلك، برز أمس، إعلان (بصورة غير رسميّة) ولادة «كتلة تحالف التغيير» الخارجة من رحم تكتل «نواب التغيير». وأتى إعلانها في إطار التحضير لإطلاق تحالفٍ يضم قوى وأحزاب تغييريّة ناشطة عابرة للمناطق. وتضم الكتلة 3 نواب، عرفوا بإنسجامهم وتقاربهم وتنسيقهم الواضح مع نواب المعارضة، وهم: وضّاح الصادق، مارك ضو وميشال دويهي.
وتعقيباً على هذه الخطوة، أوضح النائب وضّاح الصادق لـ»نداء الوطن»، أنّ هذا التحالف يشكّل ثمرة العمل المشترك للعديد من المجموعات والأحزاب المنبثقة والقريبة من «روح 14 آذار»، التي خاضت الإنتخابات بلوائح مشتركة مكّنت 3 مرشحين من الفوز. وكشف أن تأخير إعلان الكتلة يعود إلى إستكمال بعض الملفات التنظيميّة بين مجموعة «G6» التي وسّعت مروحة نشاطها بعد الإنتهاء من الإنتخابات النيابيّة، لتضّم إلى جانب القوى التي تتألف منها «جبهة المعارضة»، مجموعات التغيير الأساسيّة التي خاضت الإنتخابات النيابيّة في عكار، ومجموعة «إنتفض» في طرابلس التي أوصلت الدكتور رامي فنج إلى المجلس النيابي، ومجموعة «شمالنا» التي خاضت الإنتخابات في دائرة الشمال الثالثة وأوصلت النائب ميشال الدويهي، وحزب «تقدّم» ويمثّله النائب مارك ضو، و»خطّ أحمر» ويمثّله النائب وضاح الصادق، وذلك بالتنسيق أيضاً مع حزب «الكتلة الوطنيّة»، جماعة «جنوب التغيير»، «لقاء تشرين» وآخرين.
وإذ لفت الصادق إلى أنّ هذا التحالف يمثّل غالبيّة المجموعات التغييريّة داخل المجلس النيابي، شدّد على أنّ حيثيات إعلانه تعود إلى «إتخاذهم خيارات سياسيّة كبيرة في مواجهة السلطة السياسيّة الحاكمة، وبشكل أدّق مشروع «حزب الله»؛ ما خوّلهم التحالف مع المعارضة من أجل ايجاد معادلة متماسكة وقوية، قادرة على مواجهة مشروع «الحزب» وخطره الكبير على لبنان».
ولا يخفي الصادق أنّ تمايزهم عن زملائهم من نواب «التغيير»، يعود إلى إنسجامهم مع أنفسهم، وإتخاذهم قرار المواجهة ورفع مستوى التنسيق والتحالف بشكل واضح مع حلفائهم في «جبهة المعارضة» سابقاً، تحديداً «الكتائب» و»حركة الإستقلال»، (تشكل نواة كتلة «تجدد» راهناً، وتضمّ النواب: ميشال معوض، أشرف ريفي، أديب عبد المسيح وفؤاد مخزومي). الأمر الذي طالما شكّل نوعاً من الإختلاف بين نواب التغيير، رغم تأكيد الصادق، أنّ هذا التمايز لا يحول دون التنسيق والإتفاق بين ما يقارب 9 إلى 10 من نواب التغيير حول غالبيّة القضايا التشريعيّة.
وفي المحصّلة، أكّد عضو «كتلة تحالف التغيير» وضّاح الصادق أنّ المرحلة الراهنة والإستحقاقات المرتقبة تتطلب العمل على توسيع مروحة التنسيق بين النواب، في ظلّ ما تحمل من مؤشرات إلى إمكانية الإنتقال من الجمود السياسي الراهن المترافق مع تطور الأحداث السياسيّة والعسكريّة في المنطقة (الحرب)، إلى البحث في إعادة تركيب وترتيب النظام السياسي في لبنان، كما دوره في المرحلة المقبلة، على أن يشكّل إنتخاب رئيس الجمهوريّة محطة مهمة لتحقيق الأهداف المرجوة.