بقلم بلال مهدي
موجة غامضة من الأمراض تجتاح الشخصيات البارزة في إيران بعد خروجها من السجن، مما يثير التساؤلات حول جدوى الطب القانوني وسلامة البيئة السجنية. ليظهر هذا الواقع المرير مدى هشاشة النظام وفشله في حماية حقوق الإنسان وسلامة السجناء.
إن ما يجري في إيران من مخالفات وجرائم يمثل همًا إنسانيًا كبيرًا، فهو يتجاوز السياسة والاقتصاد، وكل ما يتجلى في برنامجها النووي وأفلام الحرب التي تتخطى الحدود. لذا، من الضروري التركيز على الظروف التي يواجهها الشعب الإيراني، لنفهم أسباب الاحتجاجات الداخلية وتأثير استغلال الأجهزة الاستخباراتية العالمية للمواطنين الإيرانيين.
عندما انتشرت أخبار إصابة الممثلة الإيرانية، ترانه عليدوستي، بمرض غامض بعد خروجها من السجن، أثارت هذه الحادثة ردود فعل واسعة. لم تكن ترانه سوى واحدة من العديد من الشخصيات السياسية والثقافية في إيران الذين يعانون من أمراض غامضة بعد الإفراج عنهم.
وفي تصريح مباشر على إنستغرام، أعلنت والدة ترانه، نادرة حكيم إلهي، عن معاناة ابنتها من مرض “غير معروف”، مما دفع العديد من الأشخاص إلى التعبير عن دعمهم وتضامنهم مع النجمة الإيرانية المعروفة.
وفي محاولة لتفسير مرض ترانه، أشارت تقارير “سينيما اعتماد” إلى إصابتها بمتلازمة DRESS، وهو اضطراب يحدث عندما يتفاعل الجهاز المناعي بشكل مفرط مع بعض الأدوية، مما يؤدي إلى ظهور أعراض متنوعة منها الحمى وتشوهات الدم والتهابات في مختلف أنحاء الجسم.
وتعتبر ترانه عليدوستي واحدة من الفنانين الذين دعموا الانتفاضة الشعبية “المرأة، الحياة، الحرية” في إيران، حيث خلعت حجابها الإجباري، مما أدى إلى اعتقالها بتهمة انتهاك القوانين الإيرانية.
ويثير مرض ترانه وحالات مماثلة لمشاهير آخرين بعد خروجهم من السجن تساؤلات حول مصدر هذه الأمراض، ويرى بعض المتابعين أنها نتيجة لتعرضهم لأنواع مختلفة من الضغوطات والتعذيب أثناء فترة سجنهم.
وتظهر هذه الحوادث الحزينة للغاية، مثل وفاة المحامية مريم أروين بشكل مشبوه بعد خروجها من السجن، أن هناك حاجة ملحة لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في مصادر هذه الأمراض والوفيات المشبوهة، ولضمان حقوق السجناء وسلامتهم بعد الإفراج عنهم.
وبالنظر إلى هذه القضايا المستمرة، يتعين على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية العمل بجدية أكبر لمراقبة ومراجعة ممارسات السجون في إيران وضمان حماية السجناء من التعذيب والانتهاكات الصحية والإنسانية.
وفي هذا السياق، ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن “لا يجوز للسجناء أن يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة اللا إنسانية أو المهينة”. ويُعتبر أي تعسف أو انتهاك لحقوق الإنسان للسجناء في إيران أو أي دولة أخرى انتهاكًا لهذا القانون.
رغم الادعاءات بأنها جمهورية إسلامية، فإن إيران لا تحترم حقوق السجناء السياسيين في برامجها التطبيقية. حيث تثبت التسجيلات المسربة سواء عبر قرصنة أنظمة المراقبة أو من خلال بعض موظفي إدارة السجون الذين يتجاوزون سلطاتهم، إلى تعرض السجناء للتعذيب الجسدي.
هذه الممارسات تكشف عن الوجه الحقيقي للنظام الإيراني خلف الشعارات والادعاءات، مما يجعل مستقبل الجمهورية الوهمية في خطر.
فعلى الرغم من الإعلانات الدينية والسياسية، يبقى الإلتزام بقيم العدالة والإنسانية هو الأساس الذي يرسم ملامح الدولة الحقيقية ومستقبلها.