حكي صادق

بقلم عماد موسى

لدى «حزب الله» باقة من المحللين اللبنانيين الدائرين في فلكه، الـ»مطبّلين» لحروبه، المرددين ما يُنزل عليهم من أقوال المرشد اللبناني الأعلى، التي لا تقبل أي نوع من أنواع النقد والنقض. ينتشر الناطقون غير الرسميين، باسم «الحزب» على وسائل الإعلام، وهم مطلوبون في برامج الـ»توك شو» لرفع حرارة النقاش في وجه ممثلي اليمين الإنعزالي أو قوى المجتمع المدني. وخذ مستمعي الكريم على صراخ مجدٍ.

ولدى «الحزب» أيضاً شخصيات دينية وأكاديمية وعسكرية موالية من النوع الـ»إكسترا». خامات وقامات وأصوات متميزة. الشيخ الدكتور صادق النابلسي ( 49 عاماً) واحد منهم. عقل منفتح. تحليل عميق. منفتح على جو سماحة السيد. منفتح على البيئة الحاضنة للمقاومة الإسلامية. منفتح على الدكتور بشار الأسد. منفتح على الجمهورية الإسلامية. منفتح على حركة حماس. لكن اختصاصه الأساسي تحليل خطب صاحب السماحة. في آخر إشراقات النابلسي على منصة «إكس» رأى، بكل موضوعية وتجرّد، في كلام سماحة السيد الأخير «إرتقاء في اللغة والخطاب. أي الحديث عن الصراع ببعده التاريخي والديني والجبهوي، الذي ينقل الجدل من الأفق الفني إلى الأفق الإيديولوجي».

ليت الشيخ صادق توسّع أكثر في شرحه لعملية الإنتقال من أفق إلى أفق. وهو من امتلك، عدا المنطق التحليلي المتماسك، جرأة في التعبير كمثل قوله في مقابلة مع فرانس 24 «إن عمليات التهريب عبر الحدود بحاجة للشعبين (السوري واللبناني) لكسر القوانين لتأمين حاجاتهم الاجتماعية»، مضيفاً تلك الخبطة إن «التهريب جزء من عملية المقاومة».

يعرف الدكتور النابلسي ما لا يعرفه العارفون. ذات يوم كشف أن مسؤولين في حزب «القوات اللبنانية»، «عايشين على تجارة تهريب المخدرات والاشخاص» ما يعني محاكاة جزئية لعمليات المقاومة الإسلامية. لم يسمّ أحداً. لكنه يعرف. وكان أول من عرف أن الورقة الفرنسية مرفوضة بالكامل و»حزب الله» وضع الكثير من الملاحظات عليها من منطلق المجاملة الدبلوماسية و»ما بدي قول بِلّوها واشربوا ميّتها». محمد رعد لا يقول مثل هذا الكلام. الدكتور صادق لا يجامل.

يمزج النابلسي بطريقة سلسة بين الوقائع والتحليل والرؤية. فيرى ما لا يراه المبصرون. مؤخراً ردّ على السائلين ماذا فعل السابع من أكتوبر؟ فكتب مجيباً:

«أصبحت فلسطين على يمين القضايا الرئيسية في العالم ولم تعد على يسارها «كلفة النقلة من اليسار إلى اليمين باهظة جداً أليس كذلك. وماذا فعل السابع من أكتوبر أيضاً؟».

«أصبح ثوب أمريكا وابنتها الكبرى إسرائيل ملطخاً بالأوساخ والثقوب».

هذه عينة متواضعة، لا بل نقطة من بحر سماحة الشيخ الحامل شهادة دكتوراه في العلاقات الدولية من الجامعة الإسلامية وهو أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية الدولية (جامعة عبد الرحيم مراد)، فأي جيل ينهل من نظريات دكتور صادق وبحر علومه السياسية؟

اخترنا لك