المسرح و المسرح المضادّ

بقلم عقل العويط

فصلٌ أوّل

العالم ليس بخير. والعالم جيفة. الدود يستولي على العالم. والدود يلتهم. ومُقزِّزٌ هو مشهد المائدة. ومُقزِّزٌ هو الطعام. ومقزِّزٌ هو الدود الذي يأكل العالم. والرائحة لا تُحتمَل. ومُهلِكٌ هو الاستمرار.

العالم في فم الدود. والعالم جيفة. كلّما تأخّر الوقت، تناسلت الجيفة. وتناسل أطفالها الدود وازداد نهم الوليمة. الدود لا يشبع. والعالم جيفةٌ تلو جيفةٍ تلو جيفة. الموت مطلوبٌ حيًّا. موت العالم هو الحلّ.

لا مكان. لا مكان. غلطةٌ هو العالم. غلطةٌ هي الخليقة. غلطةٌ ولا بألف. ولا بمليون. ولا بمليار. ولا أيضًا بتريليون. ولا تُمحى. ولا تُغتَفَر. مستحيلةٌ هي العودة إلى الوراء. ولا بالذكاء الاصطناعيّ مخلوطًا بالذكاء الطبيعيّ. القهقرى مستحيلة. لا مكان. لا مكان.

ولا النوم يفيد. ولا فراغ العقل. ولا النسيان. ولا الهرب. ولا الشرود. ولا التخدير. ولا الوعي. ولا اللّاوعي. ولا أوّل الطريق. ولا منتصفه. ولا آخر الطريق. ولا جهنّم. ولا السماء. لا مكان لا مكان.

الإنسان مسخ. والإنسان غلطة. غلطة فادحة. الاستثناء موجود. الاستثناء يعزّز القاعدة.

كان الطوفان مفيدًا في أحد الأيّام. الأسطورة كانت حلًّا مريحًا لمَن يريد أنْ يرتاح من العقل. لم تعد الأسطورة هي الحلّ. الأسطورة خرافة. مهزلة. وتثير الشفقة والضحك الأصفر بالمقارنة مع واقع الواقع. والحقيقة.

وما الواقع؟ والحقيقة ماذا؟ خرابٌ وإبادةٌ وتهلكةٌ ودمٌ ومهانةٌ ورعبٌ وقتلٌ وحقدٌ وسفالةٌ وكراهةٌ وانحطاطٌ ومالٌ ونتانةٌ وزحافاتٌ بشريّةٌ تلحس الصبابيط والصرامي وعربدةٌ كونيّةٌ: هذا هو الواقع. هذه هي الحقيقة.

السياسة صغيرة. الساسة صغار. السلطة هي المبتغى. والمال هو بوصلة العالم. وهو “الإله”. و”الإله” إلهٌ بقوّة السلطة ولقطاء المال والزبانية. الخليقة غلطة. الإنسان غلطة. لم يعد ثمّة مكانٌ للعقل. ولا للروح. العالم جيفة. والدود في كلّ مكان.

خارج عالم الدود لا مكان. لا مكان.

فصلٌ ثانٍ

لكنْ… شوي شوي. ورويدًا ومهلًا. روق.
ثمّة “لكن” على مدّ عينيكَ والحلم والرغبة والتوق والأعجوبة والحبّ. وأمورٌ كثيرةٌ وشتّى. ولا تنتهي.

تخييلٌ. ووردةٌ على حائط مقبرةٍ جماعيّة. وياسمينة. وحبقة. وشجرة سرو واقفة في عراء العالم. وأغنية. وحبّ. ولمسة. وقبلة. وشغفٌ بالقبلة. وعناق. ورجلٌ وامرأة. وامرأة. وشعر. وقصيدة. وحكاية. وعصفور. وهديل. ونهرٌ يجري من اللّامكان واللّازمان إلى المكان والزمان. ورقصة تكافح العدم. وينبوع. وطفل. وعشبة على فوّهة بركان. ونيزك. وقمر على شجرة دلب وساقية. وضفّة. ونجمة الصبح. وأوّل الفجر. وندى الفجر. وعرزال. ونسيم امرأةٍ في عرزال. والفوح. فوح امرأةٍ تنضح. وفنجان قهوة. وكوبر. وصياح ديك. وشارعٌ وحيد لا يبالي بشيءٍ أحد. وكرسيّ في مقهى. وكرسيّ وراء شبّاك. وكرسيّ في حديقة. في حلم. وزورق. وسكران. وعازف في بار. وقنّينة نبيذ. وشاعر. ورسّام. وسينما. ما أجمل السينما. وشاعرُ حياة. ومشّاء. وآنسة تعبر الطريق بالكندرة العالية. وبالفستان. ورغبة. وشهوة. وشهقة في المنام.

ثمّة مكانٌ. ثمّة مكان. وهناك الرحابة غير المنظورة. وهي الاستثناء. والاستثناء سيكون هو القاعدة الآتية. وهذا الاستثناء سيغلب. وينتصر. ويعيش. ويوسّع الأرض. ويكثّر الحبّ والحلم. وينجب السلالة الاستثنائيّة القليلة النادرة، سلالة الشعراء والحالمين والعشّاق والمتوهّجين والخلّاقين والموهوبين والأباة. وسنربح الرهان.

ولن يربح الدود، وإنْ كان يستولي على جيفة العالم.

أرأيت؟! قلتُ لكَ أنْ تروق. شوي شوي. ورويدًا ومهلًا.

ثمّة “لكن” على مدّ عينيكَ والحلم والرغبة والتوق والأعجوبة والحبّ. أمورٌ كثيرةٌ وشتّى. ولا تنتهي. ولن.

اخترنا لك