بقلم سمير سكاف
بعد الارتباك النهاري، ومن دون أي حدث مخل بالأمن، وأمام 320.000 مدعو، جرى حفل الافتتاح الفرنسي الضخم للألعاب الأولمبية، على طول 6 كم على نهر السين، في مزيج من الروعة أحياناً وقلة الابداع في أحيان أخرى، بفرض أفكار ثقافية مرفوضة أحياناً من المجتمع الفرنسي، وبفرض السياسة على الرياضة، وبإبعاد روسيا وباستقبال اسرائيل وفلسطين معاً!
في هذا الوقت، لم يتبنَ عملية التخريب على السكك الحديدية في فرنسا أحد بعد! ما يترك كل الاحتمالات مفتوحة، على الرغم من استبعاد فرضية عملية ارهاب دولية مشابهة لعملية ميونيخ 1972، أو حتى لعملية تطرف اسلامية.
وتتجع أصابع الاتهام الى مجموعات يسارية. مع التنبه أن اليسار الذي يميل البعض لاتهامه هو غير اليسار الذي يتصدر كتل المجلس النيابي مع أحزاب الجبهة الشعبية. بل هو عبارة عن مجموعة يسارية مستقلة هامشية. ومع ذلك، فاتهامها غير أكيد بعد! وقد سارع حزب التجمع الوطني لمارين لوبين بتبني هذه الفرضية!
أراد “المخربون” تعكير الأجواء وإرباك فرنسا، والضغط على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته. وهم نجحوا في ذلك! فقد وصل الإرباك الى أكثر من مليون مسافر، والى بريطانيا وبلجيكا وألمانيا وسويسرا..!
ولكن العمليات التخريبية لم تبلغ درجة الارهاب! ولم تكن تهدف لإسقاط الضحايا! فلو أراد المخربون إيقاع ضحايا، جرحى وقتلى، بعملياتهم التخريبية على السكك الحديدية الفرنسية لما نفذوا عملياتهم في الساعة الرابعة صباحاً!
وهم لو قاموا بتنفيذها عند الساعة 6:30 على سبيل المثال، لكانت “الفاتورة البشرية” ثقيلة جداً! ما يعني أن التخريب المنشود كان محدوداً، على الرغم من تأثيره الأمني والاقتصادي والاجتماعي.
ومع ذلك، فإن منفذي عمليات التخريب هم محترفون. وهم يدركون جيداً ما هي نقاط الضعف التقنية التي يمكنها أن تعطل حركة القطارات على السكك الحديدية باتجاه ما. وهم لذلك استهدفوا جهات فرنسا الأربع، من دون أن يتمكنوا من تنفيذ عمليتهم الرابعة جنوب باريس.
إرباك فرنسا سيستمر حتى نهاية الألعاب الأولمبية. والأمن تضاعف على المستوى المناطقي في المدن الفرنسية بالإضافة الى باريس ومحيطها في منطقة الإيل دو فرانس.
وقد تكون العمليات التخريبية التي طالت السكك الحديدية انتهت، إلا أن الإرباك الفرنسي سيتصاعد غداة نهاية الألعاب الأولمبية الفرنسية عند تسمية رئيس الحكومة المقبلة وعند تشكيل أضعف حكومات فرنسا، أي حكومة “مستقلين”، أو حكومة “تكنوقراط” أو حكومة
ائتلاف “غريب عجيب”… وما بعدها، وطوال سنة كاملة، وحتى حل منتظر للمجلس النيابي الجديد بعد سنة من الآن!