كتب سامي الجواد
السنة الرابعة على تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠
خاص بوابة بيروت – مشروع ذاكرة تحية لروح حسن المانع
أربع سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت
أربع سنوات على تشويه وجه بيروت الجميل
أربع سنوات على انفجار القرن، على قتل الأبرياء، على اغتيال العدالة، على ارتواء الفتنة بدماء الأبرياء.
أربع سنوات والتحقيق يترنح تحت ضربات التحاصص واقتسام مغانم دمار البلد وتدميره. بعيداً عن السياسة، لقد فشل المتخاصمون في قوننة المحاكمة وأرادوها محاكمة سياسية. جريمة تفجير المرفأ فضحت الخواء التشريعي فيما يختص بالعدل والعدالة وأبرزت السقوط الأخلاقي لمنظومة الحكم الجاثمة على صدور اللبنانيين.
إذا كان هناك ثمة خلل في القواعد الإجرائية التي تحكم عمل المجلس العدلي، فإن تصحيح هذا الخلل يكون عبر العمل التشريعي لا التعطيلي. وفي المقلب الآخر، لا يجوز أن يستغل البعض قلوب اللبنانيين المفجوعة بالأحباب والأصدقاء والأبناء لتحقيق مآرب سياسية قد تنسفها صفقة هنا وتسوية هناك.
عندما تصبح الدولة بأجهزتها وقوانينها ومرافقها مطية للميليشيات التي دمرت هذه الدولة إياها، مطية للحكم والتسلط والاستمرار، كما يجري منذ اتفاق الطائف ولتاريخه، فإن جريمة تفجير المرفأ وجريمة نهب أموال المودعين ستضاف إلى جرائم القتل والنهب والتهجير التي نفذها مجرموا الحرب قبل أن يستلموا مقاليد السلطة ويصبحوا مجرمي سلم بربطات عنق ولوحات زرقاء وحصانات زائفة ظالمة.
لا تستقيم معالجة موضوع جريمة تفجير المرفأ على فداحتها وبشاعتها، إلا في سياق معالجة آلية عمل المؤسسات الدستورية وعلاقتها ببعضها البعض، وتأثرها مجتمعة ومنفردة بالتجاذب السياسي المنطلق من منطلقات طائفية ومذهبية موبوءة. فاستعمال القضاء للتأديب أو الابتزاز السياسي، يقابله التسلح بتوقيع وزير المال التعطيلي دون مسوغ مشروع، إلا الرد على التسييس بالتسييس.
في هذا السياق، تتشابه جريمة المرفأ في طمس ملفاتها وتعطيل سيرها القضائي وجريمة نهب أموال المودعين وما تخللها من كف يد لقضاة وتعيين بدلاً منهم فضلاً عن تقاعس مجلس النواب في القيام بواجبه التشريعي والرقابي. وفي كلتا الحالتين يتشارك أركان الحكم في الرقص على أوجاع الناس وجروحهم بغية تحقيق الكسب السياسي والانتخابي وتوجيه الرسائل المتعددة للداخل والخارج.
في النتيجة، تدور عملية التحقيق في قضية انفجار المرفأ في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها دون خروج القضاء من يد الساسة. وهذا ما يعيد إلى السطح ضرورة حصول ثورة قضائية من داخل القضاء تحرره من قيود السلطة السياسية عملاً بمبدأ فصل السلطات. أما استمرار ولادة السلطة القضائية من رحم السلطة السياسية وأحزابها وميليشياتها فلن ينتج إلا استمرار التعطيل والتسييس والإفلات من العدالة، حيث لن يصدر عن الشبيه إلا الشبيه.