كتب د. علي خليفة
السنة الرابعة على تفجير #مرفأ_بيروت في #٤_آب ٢٠٢٠
خاص #بوابة_بيروت – #مشروع_ذاكرة تحية لروح #الكسندرا_نجار
“هذا ما فعلته دولتي” عبارةٌ دوّنتْها أيادي الغاضبين بعد انفجار مرفأ بيروت. وهناك أيضًا وصايا لا تقلّ شيطانيّةً عن الانفجار.
إنها الوصايا العشر للشيطان بذاته، مالئًا مقعد مسؤول أمني أو عسكري أو سياسي أو قضائي يفعل فعله بالسر وبالعلن، أو يفتح فاه ليقول للمواطن :
- لا يكن لك عدالة ولا محاسبة ولا قضاء. كان سينفجر شيءٌ ما، يومًا ما، بطريقة أو بأخرى، لا ريب. ينفجر الوضع الأمني بمربّعاته المقفلة وخطوطه الحمراء وحدود البلد السائبة ومحاوره المفتوحة على كل التوترات، أو ينفجر النظام بمعادلاته “الذهبية” – “الخشبية”، لا فرق. فانفجر كل شيء بالتوازي وبالتكافل، وفوق كلّ ذلك انفجر المرفأ، لا ريب.
- لا يكن لك تحقيق عدلي ولا تقصّي جنائي ولا قرار ظنّي. العنبر رقم 12 تفصيل زائد؛ كل وطن الثماني عشرة طائفة أصبح العنبر رقم 12. الطوائف بمؤسساتها وخرافاتها وارتباطاتها الإقليمية والدولية… وألهتها الصدئة ومواكب العبيد. كل الطوائف أكياس نيترات متفجّرة، يجاور بعضها بعضًا في رقعة ملتبسة، في حقبات متفجرة فتصبح جميعها قابلة للاحتراق السريع والكامل في أية لحظة.
- لا تنطق بالحقّ. لا تبح بالمعلوم تحت طائل أن “يقبعك” الشيطان الرجيم. ولقد أصبح معلومًا تمامًا أن الروس هم من صدّروا المتفجرات، بواسطة سوريين وإيرانيين ولبنانيين ليتم استخدامها في الحرب السورية. وتمّ تخزينها في المرفأ، بعلم (وبلا علم) بعض السياسيين والأمنيين ورجال القضاء المستعجل وتواطؤهم – “التهريب جزء من المقاومة” قيل وتحت هذا الشعار تمرّ كالموبقات ولو كانت كمرور الفيل في خرم إبرة. “المقاومة” عبرت الحدود ودخلت في المستنقع السوري، بغض الطرف من قبل السلطات الأمنية اللبنانية وتمّ تمرير جزء كبير من النيترات لتعبئته في براميل متفجّرة تساقطت فوق رؤوس الشعب السوري المنتفض. فقط ما بقي منها، انفجر ودمّر ما دمّر، وقتل من قتل، وأطاح بوجه بيروت الجميل المطلّ على البحر وعلى ذاكرة الأشخاص والأمكنة…
- أذكر يوم الانفجار وقدّس الجريمة ومرتكبيها. سيحمي السياسيون النافذون المحسوبين عليهم والعاملين لديهم، ويمنعون محاكمتهم سواء بالابتزاز وتضييق رقعة الملاحقات، أو عبر سياسة تكبير الحجر فيصبح عصيًّا على التحريك كمطلب رفع الحصانات كلّها وهو على الرغم من أحقّيته يبدو كالحرث في المياه… ستصبح الحرب الأهلية شمّاعة والتهديد بالفتنة الأهلية جَمَلاً تتخذه العصابة للفرار من مواجهة الحق والحقيقة.
- أكرم زعيمك ووليّ نعمتك ولو كان في موقع التقصير الجرمي فلن تستطيع سؤاله عن هامش المسؤوليات التنفيذية والأمنية التي بين يديه. اختبر ربّك ولا تختبر زعيمك !
- اقتل. اقتل الأطفال الذين يرفعهم آباؤهم على أكتافهم واقتل الأطفال الذين يلعبون واقتل الآباء واقتل الأمهات واقتل الأبرياء. ولا تبكِ مصرعهم. إنهم فدا السّيئ. واقتل كل ما تعرف واقتل كلّ من تعرف واقتل المعرفة والعقل واقتل الحبّ والقلب وانتزع الأحلام وأثقل الأيام.
- إزنِ بمدينتك وبآلهتك، إزنِ بالجغرافيا وبالتاريخ، إزنِ بالماضي وبالمستقبل… اربح عالمًا من الصفقات والسمسرات والخوّات والتنفيعات واخسر نفسك وبع روحك للشيطان.
- اسرق واسبِ ما استطعتَ إلى ذلك سبيلاً لكن اسرق لك واسرق لزعيمك ووليّ نعمتك في ذات الوقت ولا تسرق ولا تسبِ لك وحدك، لا لشيء ولا لأي اعتبارات أخلاقية بل فقط كي لا يغضب زعيمك ووليّ نعمتك.
- اشهد زورًا، افعل شينًا على من تشاء وارمِ باللائمة على عدم وجود دولة وسرّح ضميرك ومنّنه بالانتظار طويلاً إلى أن تحين الساعة.
- اشتهِ ما شئت. لن يكون لك وطن كباقي الأوطان، دولة كالدول قاطبة، بأدوارها الوظيفية في الدفاع والأمن والاقتصاد والمجتمع. لا يكن لك وحقوق طبيعية. لك شبه وطن أشبه بالعنبر، مسؤولوه مقصّرون لا عفوًا ولا استثناءً، بل قصدًا وبمواصفات مطلوبة سلفًا على هذا النحو. لذلك، فالمرفأ لم ينفجر وحده. انفجر العنبر الكبير كلّه وليست النيترات آخر مواده المتفجرة.