بقلم غسان صليبي
تساءلت
الصديقة الفايسبوكية
ماري قصيفي
“أين يختفي فجأة
الذين يتحدثون عن العنصرية
حين يضحي جورج جان رحمة من بشري بحياته
لكي ينقذ عامل بناء من الجنسية السورية؟؟”
لا اعتقد بأن ماري قصيفي
تريد ان تنفي صفة العنصرية
عن بلدة بأكملها،
من خلال ما فعله
احد ابنائها،
بقدر ما يهمها
ان تنقض نزعة سيكولوجية
عند الكثير من اللبنانيين،
تقضي بنعت جماعة بأكملها دون تمييز
بمواصفات إيجابية او سلبية.
فالتعميم
هو من ثوابت
المواقف العنصرية،
حتى ولو صدر
عن منتقدي العنصرية.
كما ان ما فعله
جورج جان رحمه،
ليس حدثاً استثنائيا
لا في بشري ولا في غيرها
من البلدات اللبنانية
التي تتوزع عليها
مختلف الطوائف اللبنانية،
لكن مثل هذه الاحداث
لا تُغطّى في العادة اعلامياً
ونادراً ما تغيّر
في أنماط التفكير العنصري الجامد.
يمكن بالطبع النظر
الى جورج جان رحمه
ك”بشرّاني”
او ك”مسيحي”،
وتقييم ما فعله
على هذا الاساس،
والخروج بإستنتاج
حول موقف أبناء بشري
او حول موقف المسيحيين
من النازحين السوريين،
لكنها مقاربة
لا تخلو من العنصرية
لأنها تلجأ هي أيضا الى التعميم
في توصيف الجماعات اللبنانية.
ماذا
لو وسّعنا الرؤية
ونظرنا الى ما حدث
نظرة جديدة؟
من موقع المنقذ اولاً،
فجورج رحمه
كان يعمل في “الدفاع المدني”
وكان يقوم بواجباته المهنية
من خلال إنقاذ انسان “مدني”
من تحت انقاض حائط سقط عليه،
وبالتالي يتجاوز الحدث
جنسية المنقذ
وجنسية الذي جرى انقاذه،
الى اهمية دور مؤسسة الدفاع المدني
ومروءة افرادها وشجاعتهم.
من موقع الذي جرى انقاذه ثانياً،
فعمال البناء
يتعرضون لحوادث مشابهة
أكانوا لبنانيين او سوريين،
في ظل غياب تدابير تحفظ
“السلامة والصحة المهنية” للعمال،
وهذه هي المشكلة الأساسية
التي إدت الى وفاة لبناني وجرح سوري،
وإذا كان هناك من عنصرية
يجب إدانتها،
فهي التي تصنّف العمال
كطبقة دونية
لا تستحق ابسط الحقوق
التي تطالب بها.