بقلم نانسي اللقيس
تستمر جهود التسوية والتهدئة في الشرق الأوسط، حيث تسعى القوى الدولية والمحلية لخفض التوترات وتعزيز الاستقرار. في هذا السياق، يبرز حزب الله كعقبة رئيسية في تحقيق هذه الأهداف، وذلك في ظل الأجندات الإيرانية التي يدعمها. في إطار هذه الديناميات، جاءت زيارة المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف سيجورنيه لتعزيز جهود التهدئة والتسوية في لبنان.
الدور الإيراني وحزب الله
حزب الله، الذي يتمتع بتأثير كبير في السياسة اللبنانية، يلعب دورًا محوريًا في عرقلة جهود التسوية. تتصل هذه العرقلة بشكل وثيق بالأجندات الإيرانية، حيث تعتبر إيران حزب الله أداة استراتيجية لضمان مصالحها في المنطقة. أي تسوية قد تؤدي إلى تقليص نفوذ الحزب أو تغيير الوضع الراهن تعتبر غير مقبولة لطهران.
تستند استراتيجية حزب الله إلى الحفاظ على قوته العسكرية والنفوذ السياسي، مما يعيق تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بترسيم الحدود أو استغلال الموارد. تعكس هذه الاستراتيجية رغبة إيران في الحفاظ على الأوضاع الحالية لتعزيز تأثيرها الإقليمي عبر أذرعها العسكرية والسياسية.
مجيء هوكشتاين وسيجورنيه : جهود دولية في التصعيد
زيارة هوكشتاين، المبعوث الأمريكي الخاص، و سيجورنيه، وزير الخارجية الفرنسي، تأتي في إطار الجهود الدولية لتخفيف التوترات وتعزيز الاستقرار. هوكشتاين، المعروف بدوره في المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، يسعى إلى تسوية الملفات العالقة التي قد تساهم في استقرار الوضع الاقتصادي في لبنان من خلال استغلال موارد الغاز والنفط.
من جانبه، يسعى سيجورنيه إلى دعم هذه الجهود عبر تقديم الدعم السياسي والاقتصادي للبنان، بهدف تعزيز الاستقرار الإقليمي. تأتي الزيارات الدبلوماسية في وقت حرج، حيث تتطلب التهدئة توافقًا محليًا وعربيًا، بالإضافة إلى تحقيق تقدم ملموس في ملفات مثل ترسيم الحدود.
لقاء هوكشتاين بنواب المعارضة
على صعيد آخر، التقى هوكشتاين بعدد من نواب المعارضة في لبنان، حيث ناقش معهم تفاصيل التسوية المقترحة وأثرها على الوضع اللبناني. هذا اللقاء كان فرصة لنقل مخاوف المعارضة وتطلعاتهم بشأن العملية السياسية والاقتصادية. النائب المعارض أكد خلال اللقاء على أهمية تنفيذ إصلاحات حقيقية ومتابعة تنفيذ القرارات الدولية لضمان تحقيق الاستقرار المستدام.
اللقاء يعكس رغبة القوى الدولية في إشراك جميع الأطراف اللبنانية في عملية التهدئة والتسوية، ويعزز من أهمية بناء توافق واسع النطاق يشمل مختلف القوى السياسية.
الآثار المحتملة للتسوية والتهدئة
إذا نجحت الجهود الدولية في تحقيق تسوية متكاملة، فقد يؤدي ذلك إلى تحول كبير في الوضع اللبناني. قد يتضمن ذلك تسليم حزب الله لسلاحه وتوجيه جهود الحكومة اللبنانية نحو تحقيق الاستقرار والأمن الداخلي. لكن هذا يتطلب أولاً تحجيم نفوذ حزب الله وضمان أن تكون الدولة هي القوة الوحيدة القادرة على فرض الأمن.
في الوقت نفسه، يمكن أن يعزز تنفيذ القرارات الدولية والاتفاق على ترسيم الحدود من ثقة المجتمع الدولي في لبنان، ويفتح المجال أمام تحسين الوضع الاقتصادي من خلال استثمار الموارد الطبيعية. ولكن، نجاح هذه الخطوات يعتمد على قدرة الأطراف اللبنانية على تقديم تنازلات والتعاون مع المجتمع الدولي.
تظل عملية التسوية والتهدئة في الشرق الأوسط معقدة وتحتاج إلى توافق داخلي ودعم دولي مستمر. يلعب حزب الله دورًا رئيسيًا في عرقلة هذه الجهود، وذلك في إطار الأجندات الإيرانية التي تعزز من نفوذه. بينما تسعى الجهود الدولية، ممثلة في زيارات هوكشتاين و سيجورنيه، إلى تقديم الدعم اللازم لتحقيق الاستقرار، فإن المستقبل القريب سيحدد ما إذا كانت هذه المساعي ستنجح في تجاوز العقبات السياسية والأمنية التي تعترض طريق السلام في المنطقة.