Transparency
اختتمت أعمال مؤتمر “ASCO Breakthrough” الذي نظمته الجمعية الأميركية للأبحاث السرطانية (ASCO) في اليابان، حيث كان منصة لاستعراض أحدث الأبحاث والاختراقات العلمية في مجال معالجة الأمراض السرطانية. من بين المشاركين البارزين، قدم الفريق العلمي بقيادة البروفسور فيليب سالم نتائج أبحاثه الرائدة من مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن. وقد اعتبرت بمثابة ثورة في الاستراتيجيات العلاجية، مشيرة إلى تغيير جذري في الفكر التقليدي المعتمد في معالجة السرطان.
ها قد انتهت أعمال المؤتمر الذي عقدته الجمعية الأميركية للأبحاث السرطانية (ASCO) في اليابان تحت عنوان “ASCO Breakthough”. وعُقد هذا المؤتمر من 8 الى 10 آب 2024 وقٌدمت فيه الأبحاث الجديدة في معالجة الأمراض السرطانية التي تعتبر اختراقا علميًا. دعي إلى هذا المؤتمر الفريق العلمي الذي يرأسه البروفسور فيليب سالم لتقديم نتائج الابحاث السرطانية التي كانت قد أجريت في مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن. وقدم هذا الفريق نتائج هذه الأبحاث بتاريخ 8 آب، واعتبرت هذه الأبحاث انقلابًا على الفكر التقليدي لمعالجة الأمراض السرطانية.
اعتبرت انقلابًا لأنها ارتكزت هذه الأبحاث على فكرتين أساسيتين: وهنا يقول الدكتور سالم أن أول فكرة هي ما تعلمناه في العشر سنوات الماضية وهي أن الخلايا السرطانيه الموجودة في المريض الواحد ليست ذاتها بل هي تختلف اختلافًا جذريا بالنسبة إلى هويتها البيولوجية وبالنسبة إلى استجابتها إلى العلاج. بعض هذه الخلايا يستجيب للعلاج المناعي والبعض يستجيب للعلاج الكيمائي والبعض الآخر يستجيب للعلاج المستهدف. لذلك قررنا ان نعالج المريض منذ البداية بهذه العلاجات الثلاث.
أما الفكرة الثانية يقول سالم أننا قد تعلمنا أيضا أن ليس هناك مريضين مصابين بالسرطان، مصابين بنفس المرض السرطاني. كنا ولا نزال مثلا نعالج مئات المرضى المصابين بسرطان الرئة بنفس البروتوكول ولكننا نعلم اليوم أن ليس هناك مريضين مصابين بنفس المرض أذ أن المرض يختلف من مريض إلى آخر. في الماضي كنا نشخص المرض بناء على التشخيص الميكروسكوبي وحده، أما اليوم فنحن نشخص المرض ليس فقط بناء على التشخيص الميركروسكوبي بل أيضًا بناء على التشخيص البيولوجي الذي يحدد هوية المرض البيولوجية. لقد اكتشفنا أن الهوية البيولوجية قد تكون أهم من الهوية الميكروسكوبية وهي تختلف من مريض إلى مريض ولو كان هذا المريض مصاب بنفس المرض حسب التشخيص الميكروسكوبي. لذلك يعتبر سالم أنه من الخطأ معالجة مئات المرضى بنفس العلاج، وهو يقول أن في استراتيجيته كل مريض يأخذ علاجا يختلف عن العلاج الذي يأخذه مريض آخر.
وشدد سالم على إن الفكر التقليدي لمعالجة الأمراض السرطانية بواسطة بروتوكول واحد هو شيء أصبح من الماضي وليس من المستقبل. أن المستقبل هو الاستراتيجية العلاجية التي طورناها بحيث أن العلاج يقاس على قياس الشخص المريض وقياس المرض السرطاني الذي يشكو منه. هذا بالطبع يعتبر انقلابا على الفكر التقليدي لمعالجة المرضى المصابين بالسرطان . لذلك وحسب هذه الاستراتيجية فكل مريض يعالج بالعلاجات الثلاث: الكيمائي والمناعي والمستهدف. ولكن بروتوكول معالجة كل مريض يختلف عن بروتوكول المريض الاخر. في هذه الاستراتيجية ليس هناك مريضين يأخذان العلاج نفسه.
لقد قدم فريق سالم نتائج الأبحاث في الموتمر لخمس ساعات. لقد عالج هذا الفريق 58 مريضا ومعظمهم كانوا قد استهلكوا كل العلاجات التقليدية ولم يبقى امامهم سوى خيار الموت أو العلاج الملطف .(Palliative treatment ) ومن هؤلاء المرضى حصل 52% منهم على استجابة كاملة، وحصل الثلث منهم على استجابة جزئية. هذا يعني ان اكثر من 80% من المرضى استجابوا لهذه الاستراتيجية. بالطبع هذه النتائج تشكل اختراقًا علميًا. إذ إن الاستجابة الكاملة للعلاجات التقليدية هي أقل من 15%. إن الاستجابة الكاملة تعني زوال كل مظاهر المرض إلا أنها لا تعني الشفاء التام. أما الاستجابة الجزئية تعني انكماش المرض اكثر من 50% من حجمه قبل العلاج. ومن اهم ما جاء في هذه الأبحاث ان 16 مريضا من هؤلاء المرضى كان قد طلب منهم في أعظم مراكز السرطان في الولايات المتحدة الأميركية ان يتحضروا للموت، ومن هؤلاء 9 مرضى استجابوا استجابة كاملة. وخمسة من هؤلاء يعيشون اليوم بعد 5 سنوات من البدء بالعلاج. وهنا يجب التشديد على ان المريض الذي يحصل على استجابة كاملة يصبح مرشحًا للشفاء التام. إذ إن الشفاء التام لا يمكن الوصول إليه قبل الحصول على استجابة كاملة.
وهاقد نشر ملخض لهذه الأبحاث في ملحق خاص للمجلة العلمية The Journal of Clinical Oncology وهذه المجلة تعتبر من أهم ان لم تكن أهم مجلة علمية للأبحاث السرطانية السريرية في الولايات المتحدة الأميركية. كما أن الجمعية الأميركية للأبحاث السرطانية هي أعلى منبر للأبحاث العلمية في هذه الامراض.
ويقول الدكتور سالم أن مسار المعرفة هو مسار تراكمي وها قد بنينا مدماكا كبيرا في هذا البناء. وقد فتحنا نافذة في هذا الحائط أمام المريض ليطل المريض على الحياة بدل أن يطل على الموت. ويعتبر سالم أن هذه الاستراتيجية التي طورت في مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن هي أهم علاج في يومنا هذا لمعالجة الامراض السرطانية في مراحلها المتقدمة. وقد أعطيت هذه الاستراتيجية اسما خاصا بها ICTriplex . هذا الاسم يحدد هذه الاستراتيجية كما أنه يحدد الباحثين الذين طوروها في مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن.
وفي الختام يقول البروفسور سالم في هذه الاستراتيجية قد قدمنا أملا لهولاء المرضى الذين لم يكن لهم أمل . ويمكنني القول أن أهم ما تعلمته في 56 التي قضيتها في معالجة الامراض السرطانية أنه ليس هناك شيئا مستحيلا وأنه ليس هناك حائطًا مسدودًا. وتعلمت أيضًا أنه يمكنك الوصول إلى مكان لم تكن تحلم به إذ أنت عملت أكثر من اقصى المستطاع وليس المستطاع فقط.