الانباء الكويتية
إزاء استمرار التوترات الأمنية على الحدود الجنوبية والخشية من تداعياتها الكبرى على كافة المستويات، أعدت الحكومة اللبنانية خطة لمواجهة أي طارئ واتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من آثار الحرب على اللبنانيين.
وفي هذا السياق، رأى أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية د ..جاسم عجاقة في حديث إلى «الأنباء» أن «للحرب وجوه كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية».
وقال ان «البلاد تحتاج إلى مقومات للصمود في وجه رياح الحرب العاتية، والى جهوزية على المستوى الاقتصادي».
ورأى «وجوب انخراط الوزارات المعنية لدرء المخاطر عن المواطنين».
وأكد «أن الحرب القائمة على الحدود الجنوبية لا تطول بتأثيراتها من هم تحت النيران الإسرائيلية، بل أن الخسائر واقعة على اللبنانيين جميعهم، ذلك أن للحرب نوعين من الخسائر المباشرة وغير المباشرة. الخسائر المباشرة هي تلك التي تطول المنازل والبنى التحتية والمؤسسات ومحطات توزيع المياه والمحاصيل الزراعية التي تتعرض لقذائف الفوسفور الأبيض الذي تستخدمه إسرائيل، فضلا عن الخسائر التي لحقت بمواسم التبغ والزيتون والإنفاق الحكومي على القطاع الصحي. كلها خسائر مباشرة وهي فاقت بحسب التقديرات حتى الآن من 3 إلى 4 مليارات دولار».
وتوقف عجاقة عند واقع القطاع الزراعي «الصغير ولا يتخطى الـ 5% من الناتج المحلي الإجمالي».
وأشار إلى «عدم وجود أرقام نهائية لمعرفة حجم الخسائر المباشرة في هذا القطاع. والحديث عن الأرقام غير دقيق في ظل غياب الإحصاءات».
وشدد على أن «كل الأضرار الناجمة عن العدوان الإسرائيلي تتكبدها الحكومة. الأرقام إلى اليوم غير واضحة، إنما التقديرات تشير إلى بلوغها 50 مليون دولار أميركي».
وفي الجانب المتصل بالخسائر غير المباشرة، تحدث عجاقة عن تراجع المداخيل في القطاع السياحي «الذي هو قطاع حيوي يساهم في الحركة الاقتصادية ويدخل العملة الصعبة إلى لبنان. فبعد انكفاء السياح، خسر لبنان نحو 4 مليارات دولار، أضف إلى الخسائر في الفرص الاقتصادية، أي الاستثمارات والاستهلاك مع ارتفاع الأسعار التي تأكل من القدرة الشرائية. وهنا تخطينا الخمسة مليارات. هذه الخسائر غير المباشرة يحسبها الاقتصاديون على أن لبنان كله قد خسر، وليس فئة معينة من اللبنانيين التي هي بدورها تتحمل الخسائر المباشرة. ويمكن القول اننا اقتربنا من الـ 10 مليارات دولار ما بين الخسائر المباشرة وغير المباشرة».
وعن الخطة الشاملة التي أعدتها الحكومة لمواجهة تداعيات أي حرب إسرائيلية واسعة على لبنان، اعتبر عجاقة أنه «لا يمكن الحديث عن الاقتصاد بقدر ما يهم الحديث عن مقومات الصمود في وجه أي عدوان واسع على لبنان، أي الحفاظ على الشعب وتوفير الأمن الغذائي. الخطة الحكومية تتحدث عن جوانب عدة لاسيما تلك التي تطاول ما يقارب مليون نازح لبناني من مناطق قد يطولها القصف في الجنوب أو البقاع، وتكلفتها الشهرية 100 مليون دولار بين إيواء وتقديمات صحية وأمن غذائي لاحتواء الأزمة ومساعدة النازحين».
وسارع عجاقة إلى السؤال: «ماذا بعد هذه الكلفة الشهرية، وماذا عن السيناريو الأسوأ الذي غاب عن هذه الخطة الذي قال عنها رئيس هيئة الطوارئ وزير البيئة ناصر ياسين أنه جرى وضع عدة سيناريوهات والأسوأ هو سيناريو حرب يوليو 2006 أي التهجير؟ وهنا الخلل في أن الخطة لم تأخذ بعين الاعتبار ما هو الأسوأ في ظل الإجرام الإسرائيلي الذي وصل في قطاع غزة إلى مستويات لا يتقبلها أي عقل».
ولفت عجاقة «إلى المخاوف الناجمة عن توسع الحرب والتي قد تطول بنيرانها قصف المرافق الحيوية، من مطار ومرفأ ونسف للجسور وإقفال الحدود البرية مع سورية التي ستعتبرها إسرائيل حدودا عسكرية. وهنا يدخل العائق اللوجستي اذ سيكون من الصعب إيصال المواد الغذائية للمواطن. وعليه يمكن القول إن 3 قطاعات رئيسية ستواجه النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية والطبابة والمحروقات».
وقال: «كلفة تمويل خطة الحكومة تصل شهريا إلى 100 مليون دولار، بحسب ما قال وزير البيئة ووفق السيناريو الذي تحدث عنه. هناك نقص في التمويل الدولي الذي لم يتأمن منه إلا 30% فقط. لذا أعتقد أنه لا توجد أموال لتمويل الخطة، والمكان الوحيد هو مصرف لبنان الذي ليس لديه أموال ليتصرف بها إلا بحدود مليار و100 مليون دولار. فيما الاستهلاك الشهري المستورد من الخارج يوازي المليار دولار. أما الأموال المتبقية وهي 9 مليارات دولار فتخص المودعين. ويمكن ملاحظة برودة دولية فيما يخص تمويل الخطة، والسبب يعود إلى الضغط على لبنان لعدم الرد على إسرائيل».