بقلم النقيب جينا الشماس
دولة الرئيس الدكتور سليم الحص، من وقف بوجه الفساد ومثّلَت اعماله وجهوده وإصراره على “سيادة القانون” ولو كان ذلك ضد مصالحه “السياسية”.
الرئيس الحص الذي يحمل اسمه أحرف “الإصلاح” كان وفياً بحق لبنان وتجاه الدستور. ذكريات كبيرة لي معه على مدى سنوات لا سيما خلال السنتين من وجوده على رأس حكومة، فيها عناصر صادقة وكفؤة في آن كالوزير الدكتور جورج قرم والدكتور ناصر السعيدي، وفيها من يستغل قدر الإمكان في هامش ضيق جدا ولكن لم تغب خطورة نتيجته عنا.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما قام به دولة الرئيس سندا لوزير المال الدكتور قرم لإنهاء وزارة المالية مشروع قانون معالجة الأملاك العامة البحرية، ومواجهة عرقلة هذا المشروع من لا أحد غير وزير الأشغال العامة حينها الوزير نجيب ميقاتي.
دولة الرئيس الحص الذي دفع لإنهاء مشروع قانون ضمان الشيخوخة، ومكتب “Ombudsman” لشكاوى المواطنين ضد الفساد، والذي تمكن من اتخاذ قرار تأسيس لجنة النزاهة الوطنية “National Integrity Steering Committee NISC” بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة لمنع الجرائم الدولية UNCICP”، والذي في عهده اطلقت يد المجتمع المدني للعمل على تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد منذ “1999”. وكان قد أصر على وجودي في لجنة النزاهة الوطنية بالرغم من ممانعة واضحة لأنني “امرأة”.
استخدم دولة الرئيس عناده لحماية القانون واستعمل حبه للوطن في كل لحظة من حكمه. استمع لأكبر وأصغر مستشار على سوية للتأكد من البحث على أفضل الحلول. دعم وجود المرأة الكفؤة بينما كان ذلك الأمر خارج المعتاد في ذلك الوقت.
لقد كان لي الشرف ان ينتدبني لتمثيل الحكومة في لجنة المال والموازنة للحضور ومناقشة موازنة عام “1999” بالتنسيق مع فخامة الرئيس العماد اميل لحود.
هذه الموازنة التي خفضت حوالي “800” مليون دولار، من نسخة الوزير فؤاد السنيورة آنذاك، من الإنفاق “السياسي” غير الضروري إداريا. وفي وجودنا في اللجنة تمكنا من الدفاع عن الموازنة الى جانب معالي الوزير الدكتور جورج قرم. ولم يسجل أي نائب مخرب أي نقطة نصر ولو وهمية.
لقد استمرينا بلقاء دولة الرئيس لنتعلم منه في كل لحظة كيف يكون رجل ( أو سيدة ) الدولة، مقارنة مع آخرين في السياسة ومركز القرار.
النزاهة، الاستقامة، العدالة والحق، الموضوعية، القدرة على الكتابة والتعبير بدقة المصطلحات والصدق والأمانة، الكفاءة، العلم، الحكمة، جميع هذه الصفات وغيرها تغيب مع رجل الدولة دولة الرئيس الحص الذي ربما وحده يستحق كلمة دولة في عنوان منصبه. بينما الآخرين فضلوا مصالحهم الخاصة على حساب الدولة.
يعصر قلبي عندما اقبل غياب دولة الرئيس وروحه ونفسه عن علم لبنان. وكأن حقبة الحق والكفاءة والمواطنة والاستقامة تطوي صفحتها ببطء مدوي، اذ يرافق دولة الرئيس سليم الحص الوزير الدكتور جورج قرم، ولطالما ساد بينهما تفاهم واحترام وتعلقهما بالمواطنة الصالحة أمام جميع التضحيات.
رحم الله دولة الرئيس الحص، أطال بعمركم وعمر فخامة الرئيس العماد اميل لحود والوزير الدكتور ناصر السعيدي. الحمد الله أنني أومن بالحياة الأبدية وبوصول دولة الرئيس الى جنة تعرف كيف تكرمه.
سلامي معك دولة الرئيس الحص الى صديقك النائب السابق جميل الشماس وقبلاتي لكما.