كتب ميراز الجندي
تعيش الطائفة الشيعية في لبنان تحت وطأة الصراعات والتجاذبات الإقليمية والدولية التي تسيطر على المنطقة، مما يجعلها ضحية لمصالح القوى الكبرى. ومن بين هذه التجاذبات، يلعب “حزب الله”، الذي يُعتبر امتدادًا للحرس الثوري الإيراني في لبنان، دورًا محوريًا في تكريس النفوذ الإيراني، خاصةً في منطقة جنوب الليطاني، حيث يمثل وجوده تأكيدًا على تأثير إيران الكبير في الشؤون اللبنانية الداخلية.
من الواضح أن التنسيق بين الحكومة اللبنانية ومختلف مكونات الشعب اللبناني لتطبيق القرار 1701 كان يمكن أن يكون خيارًا أفضل للجميع، إذ كان من شأنه تجنب سقوط مئات القتلى والجرحى والشهداء، وتدمير قرى جنوب لبنان. ومع ذلك، أصبحت هذه البلدات رهينة للصراعات الإقليمية، وخصوصًا عندما تستخدم كأداة لتحقيق مصالح إيران وتصدير ثورتها تحت غطاء ديني.
الاعتقاد بأن “حزب الله” يمكن أن يتحول إلى الداخل اللبناني كجزء من تسوية سياسية دون استخدام قوته في الترهيب والعنف يعد ضربًا من الخيال. فقد أثبتت الأحداث، مثل تلك التي وقعت في 7 أيار 2008، واغتيال عدد من الناشطين، أن الحزب يعتمد على العنف والإرهاب لتحقيق أهدافه السياسية، مما يثير الشكوك حول استعداده لتبني أساليب سلمية في المستقبل.
لبنان، بتعدديته الثقافية والطائفية، لا يمكنه أن يتحمل فرض أيديولوجية واحدة على جميع مكوناته. إن الحفاظ على هوية لبنان كبلد حر ومتعدد الثقافات، والتأكيد على رسالته كدولة للسلام والتعددية، أمر حيوي لمستقبله. لذلك، فإن تعزيز السلام والانفتاح والاستقرار، والتمسك بالهوية الوطنية اللبنانية والانتماء العربي، يجب أن يكون الهدف الأسمى.
في ظل استمرار الصراعات والدمار، يتزايد الألم والانقسامات داخل المجتمع اللبناني. ولذلك، يجب على جميع مكونات الشعب اللبناني أن تدرك أن القوة الحقيقية تأتي من الوحدة والتوافق على بناء مستقبل مشترك، بعيدًا عن فرض أيديولوجيات معينة أو خدمة مصالح خارجية. لبنان، الذي يعد لؤلؤة تاج الحرية في الشرق الأوسط، يجب أن يظل نموذجًا للتعايش السلمي والتعددية.