خاص بوابة بيروت
أثار توقيف حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، الكثير من التساؤلات والقلق حول تطورات القضية، في ظل نقص التفاصيل الدقيقة حول ملابسات هذا التوقيف.
في هذا السياق، أعرب المحاميان زينة واكيم وإتيان أرنو من المؤسسة السويسرية “المحاسبة الآن” عن مخاوفهما من تأثير هذا التوقيف على التحقيقات الدولية التي تستهدف سلامة. وأشار المحاميان إلى أن “إذا صدر حكم في لبنان يتعلق بنفس الوقائع التي يجري التحقيق فيها في دول مثل ألمانيا وفرنسا وسويسرا والمملكة المتحدة، فقد يؤثر ذلك على سير الإجراءات القضائية في تلك البلدان”.
وأكدا أن “وفقًا للمبدأ القانوني القاضي بعدم محاكمة الشخص مرتين عن نفس الحقائق، فإن اعتقال سلامة قد يُعتبر وسيلة لحمايته من المحاكمة المتعددة، مما قد يتسبب في تقديم مسرحيات تخدم مصالح معينة.”
من جهة أخرى، تبرز الحاجة الملحة لفهم تفاصيل عمليات الفساد المحتملة التي قد تكون حدثت داخل مصرف لبنان أو في البنوك المتورطة. في هذا الإطار، أكدت النقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين في لبنان ورئيسة جمعية مدراء مؤهلين لمكافحة الفساد، الأستاذة جينا الشماس، أن مصرف لبنان، رغم كونه جهة مستقلة، قد يكون هناك موظفون متعاقدون ساهموا في عمليات مشبوهة.
وفي حديث خاص لـ”بوابة بيروت”، قالت الشماس: “قد يكون هناك موظفون متعاقدون ساهموا في تأمين عمليات مشبوهة، مما أتاح لرياض سلامة استغلال موقعه لتوجيه عمليات معينة وتأمين عمولات ورسوم لشركته من خلال عمليات قام بها مصرف لبنان، بناءً على توجيه وإدارة حاكم مصرف لبنان.”
وأضافت الشماس: “بعض العمليات قد تكون غير ضرورية، ولكن بسبب تضارب المصالح، سمح لنفسه باستغلال السلطة لخلق فرص لإصدار سندات خزينة أو استحداث عمليات جديدة مع المصارف، مما مكّنه من كسب أموال إضافية بالإضافة إلى أتعابه المسموحة وفق الأصول.”
وتابعت: “لم يتم إجراء هذه العمليات بموافقة قانونية وصريحة من مجلس الوزراء، وبالتالي فهي غير قانونية والأموال التي كسبها غير مشروعة. عدم التصريح بها وفق الأصول وعدم الإفصاح عنها بشكل صحيح في البيانات المالية المدققة من قبل شركات التدقيق يعني أنها غير صحيحة. وبذلك، ارتكب حاكم مصرف لبنان جرم عدم الإفصاح، وربما ساعده في ذلك مدققو الحسابات.”
بالسؤال عن التوقيت ذكرت الشماس “يتم تقييم لبنان في هذه الفترة من قبل مجموعة العمل الدولية FATF، فلا مصلحة لأحد بالتلاعب في قضية بهذا الحجم من الإساءة الى لبنان والشعب والمؤسسات العامة كما للمصرف المركزي. فهنا دور حساس لحاكم مصرف لبنان بالانابة لحماية مؤسسة مصرف لبنان ومن خلالها جميع المصالح العامة المتاثرة بها. ولا ادري ان كان هناك عصاً خارجية كون سلامة فرنسي. فهل يعقل ان يرتكب فرنسي جرائم مالية ولا يعاقب عليها، بالرغم من ان الرئيس الفرنسي ماكرون وصف عمل سلامة بالبونزي في أواخر 2020؟”.
وأشارت الشماس إلى أن “استفادة شركة اوبتيموم من العمولات يبرر ان مخالفة قانون النقد والتسليف لم يكن فقط ليرضي المسؤولين في الدولة كما زعم رياض سلامة، بل للاستفادة الشخصية عبر شركة اوبتيموم. المطلوب هو إجراء تحقيق مالي مستقل لمعرفة الأثر الحقيقي، ليس فقط في مصرف لبنان ولكن أيضًا في شركة ابتيموم. كما يتوجب التحقيق المباشر مع المستشار القانوني الذي سمح بالاستدانة غير القانونية طيلة تلك السنوات عله يقدم ادلة على انه سجل رفضه لعمليات الإقراض هذه، ليثبت ان تعنت رياض سلامة في مخالفة القانون كان لزيادة دخل اوبتيموم، والا فهناك تبعات قانونية تقع على هذا المستشار. كما ان هناك متعاقدون يعملون في مكتب الحاكم السابق وربما الحاكم الحالي بالانابة لم يخضعوا للتحقيق للحصول على كافة المعلومات اللازمة. فإذا كان التحقيق في لبنان جدي، لا يمكن ان يستكمل بدون جمع الادلة بشكل صحيح. واي قرار في الدعوى لتبرئة سلامة في طل ادلة كثيرة اصبحت متوفرة في لبنان والخارج، يدير دفة التحقيق لإظهار التواطؤ. ولن يغلق التحقيق في اي بلد كان، بل سيزيد عدد المتهمين”.
تصريحات الشماس تسلط الضوء على أهمية التحقيقات المالية المستقلة للكشف عن الفساد وتحديد المسؤولين عن أي تجاوزات قد تكون قد حصلت، مما يمثل خطوة حاسمة في تحقيق العدالة وكشف الحقائق، لا سيما في الوقت الذي يقيم فيه لبنان من قبل مجموعة العمل المالي “FATF” .
تبقى اسئلة عديدة تكشف اجوبتها ربما في القريب العاجل: هل سيتجه قاضي التحقيق مع جميع المعنيين في مصرف لبنان؟ هل يستكمل التدقيق بشكل مستقل من قبل شركات محايدة، واستكمال التحقيق على الشكل الصحيح؟ هل توقيت التوقيف بسبب تدخل اجنبي لا سيما ان رياض سلامة يحمل الجنسية الفرنسية؟ ام ان توقيفه محاولة لبنانية لتبرئته؟