خاص بوابة بيروت
تتواصل الصرخات الرافضة لسياسة “الثنائي الشيعي” في جنوب لبنان، حيث بدأت هذه الأصوات تتسرب إعلاميًا ولو بشكل محدود، في ظل الاعتداءات الوحشية التي تستهدف المدنيين في المنطقة. يشعر الجنوبيون بأن قرار المساندة الذي اتخذه “حزب الله” قد اختصر الدولة اللبنانية بشعبها، وزج بالبلاد في خندق الموت الذي لا يميز بين المدني والعسكري.
تسود مشاعر الاستياء بين سكان الجنوب، الذين يرون أن قرار الإسناد جعلهم يعيشون تحت وطأة النزاع، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في المنطقة. يتساءل الجنوبيون عن مدى جدوى هذه السياسة وأثرها على حياتهم اليومية، مؤكدين أن استمرار هذا الوضع قد يفاقم معاناتهم ويؤدي إلى نتائج كارثية على الصعيدين الإنساني والاقتصادي.
في لقاء خاص مع الناشط السياسي والاجتماعي محمود شعيب، مؤسس حركة “جنوبيون مستقلون” في منطقة النبطية، تحدث عن قضايا الفساد والسياسة في الجنوب اللبناني، منتقداً سيطرة “حزب الله” على البلديات والإدارات القضائية والأمنية.
بدأ شعيب حديثه الخاص لـ”بوابة بيروت” مشيرًا إلى أن “أكثر من “٩٥ بالمئة” من سكان الجنوب معترضون على الوضع الراهن”، لكنهم يخافون من التعبير عن رأيهم خوفًا من الانتقام. ويؤكد أنه على الرغم من تلك المخاوف، فإن هناك محاولات لكسر هذا الصمت، خاصةً في وجه ما يسميه “الإحتلال المافياوي الميليشياوي” الذي يسيطر على المنطقة.
يشير شعيب إلى تجربته الشخصية في محاربة الفساد، ويكشف كيف أنه بدأ مشواره بمحاولة إصلاح البلديات، لكنه اكتشف بسرعة أن البلديات “محتلة” من قبل “حزب الله” وأشخاص مرتبطين به. ويضيف : “لم يكن لدينا أي نية للدخول في السياسة، لكنهم وضعوا أنفسهم في وجهنا”.
أشار شعيب إلى حادثة تعرضه للتهديد ومحاولة قتله، موضحًا أن هذه التهديدات تأتي من “مرتزقة” تابعة لـ”حزب الله”. كما تحدث عن محاولات الخطف التي تعرضت لها ابنته عندما كانت تقوم بإجراء استبيانات حول الثورة في النبطية، قائلًا : “جاؤوا وأوقفوها وقالوا لها نحن أمن حزب الله”.
ويعبر شعيب عن استيائه من الوضع الأمني في الجنوب، حيث يرى أن القوى الأمنية في بعض الأحيان تتقاعس عن أداء واجبها، مما يترك المجال للميليشيات للسيطرة. ويصف الوضع بقوله : “هناك عصابات تتحكم في كل شيء، من الكهرباء إلى الماء، ومن الوقود إلى المخدرات”.
فيما يتعلق بالصراع مع “العدو الإسرائيلي”، يوضح شعيب أنه لا يرفض القتال للدفاع عن النفس، لكنه يعارض فتح جبهات جديدة تُدخل لبنان في معارك الآخرين. ويشير إلى أن الحرب على غزة أدت إلى دمار كبير دون تحقيق نتائج ملموسة، محذرًا من أن لبنان قد يواجه وضعًا أسوأ إذا اندلعت حرب جديدة.
وأكد شعيب أنه وبسبب هذه السياسات، هناك خطر لتفلت الأمور، مما يجعل أهل الجنوب مضطرين للدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، خاصة مع تزايد “المرتزقة” الذين يشعرون بفائض القوة الوهمي ويعتقدون أنهم فوق القانون، مما قد يؤدي إلى مشاكل أمنية بين العائلات. أما فيما يخص المقاومة، فلا يمكن لأحد المزايدة على أهل الجنوب الذين قاموا ويستمرون في مقاومة كل من حاول الإعتداء على الجنوب ولبنان، وخاصة “العدو الإسرائيلي”.
ويختم شعيب حديثه بتأكيده على أن أهل الجنوب ليسوا كما يُصورون، قائلاً : “شيعة الجنوب لبنانيون، مرتبطون بمحيطهم العربي، ولا يعرفون شيئًا عن ثقافة فارس وإيران”. كما يشير إلى ضرورة التمييز بين “حزب الله” كحزب سياسي وبعض الشباب الذين يؤمنون بفكرة قتال “العدو الإسرائيلي”، وحذر مما هو أخطر باستغلال هذه التضحيات في وسخ السياسة الداخلية.
مع إستمرار تصاعد نداءات المعارضة ضد سياسة “الثنائي الشيعي” في جنوب لبنان، يظل التساؤل قائمًا حول مستقبل المنطقة وتأثير هذه السياسات على حياة المدنيين في منطقة جنوب الليطاني خصوصًا. تتزايد المخاوف من أن هذه الأوضاع قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية، في ظل غياب الدولة والحلول الجذرية.
تعكس تصريحات محمود شعيب واحتجاجات الجنوبيين محاولة جادة لكسر جدار الصمت وكشف الحقائق، في ظل ظروف صعبة تعيشها المنطقة. في الوقت الذي يكتفي فيه المجتمع الدولي بمراقبة هذه الفوضى، يتطلع اللبنانيون إلى أفق أرحب يحفظ حقوقهم ويعيد الاستقرار إلى الجنوب.