بقلم غسان صليبي
“للأسف لم أستطع المشاركة في الاحتفال المخصص لزرع “شجرة المفقود” في وسط بيروت، بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين والمخفيين قسرا. ولم استمع بالتالي للكلمات التي أُلقيت حول “مغزى” زرع شجرة في هذه المناسبة. فمشاركة مني في الحدث ولو من بعيد، جاءت هذه التأملات.”
اذا كانت الشجرة تمثل المفقود نفسه،
فأجمل ما فيها
انه يمكننا أن نعانق جذعها
كلما دب فينا الشوق.
والشجرة ترتفع بوضوح
فوق الأرض
ولا تتزحزح من مكانها
كما انها تعمّر طويلاً،
على عكس الإنسان
الذي يتنقل
ويمكن ان يصبح مفقوداً
او مخفياً قسراً
وعمره قصير نسبياً.
وكأن أهالي المفقودين
أرادوا تشبيه المفقود بالشجرة
لجعله غير قابل للخطف او للإخفاء،
وتمديداً رمزيأً لحياته
التي كانت قصيرة.
يمكن لأهالي المفقودين
ان يتماهوا هم أيضاً
مع الشجرة،
فربما ساهمت
في استكمال سرد الحكاية
على ثلاث مستويات.
مستوى الجذور:
جذور الشجرة هي الأقدر
على كشف أسرار الارض وما في داخلها،
فتخبرنا عن المفقود
اذا كان قد قُتل
وأصبح تحت التراب،
فنرسل له رسالة حب
بواسطتها
هي التي تشبه الشرايين.
مستوى الاغصان والاوراق:
اذا كانت روح المفقود
قد انتقلت الى الفضاء الواسع،
فالاغصان والاوراق
هي افضل من يتواصل في كل لحظة
مع زرقة السماء،
فنتواصل عبرها مع أحبتنا.
مستوى الجذع:
في حال كان المفقود لا يزال حياً،
وصامداً عبر السنين
كجذع شجرة،
ربما نقلت الينا حكايتَه
عصفورةٌ شاءت ان تبيت ليلتها
بين أغصان “شجرة المفقود”.