بقلم نانسي اللقيس
@lakiss_nancy
في ظل الجمود السياسي الذي يعصف بلبنان، يزداد تعقيد المشهد الرئاسي يوماً بعد يوم، خاصة مع غياب أي بوادر حلول سريعة لانتخاب رئيس للجمهورية. وبينما يسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري للدفع باتجاه الحوار كخيار أساسي للخروج من المأزق، يبقى هذا المسار محل انقسام بين القوى السياسية، وفي مقدمتها حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، الذي يتمسك بموقفه الرافض للدخول في أي حوار لا تتوافر فيه شروط النجاح الحقيقية.
موقف القوات اللبنانية ينبع من قناعة راسخة بأن الحوار، في ظل الظروف السياسية الراهنة والتعنت الذي تبديه بعض الأطراف، لن يسهم في حل الأزمة، بل ربما يؤدي إلى مزيد من إطالة أمد الفراغ الرئاسي. بالنسبة للقوات، المشكلة ليست في الدعوة إلى الحوار بحد ذاتها، بل في غياب الضمانات التي يمكن أن تفضي إلى نتائج ملموسة. ترى القوات أن الحوار المقترح من بري، مع استمرار فرض الشروط المسبقة من بعض الأطراف، سيبقى مجرد محاولة للالتفاف على الأزمة دون معالجتها فعلياً.
بري، من جانبه، يدافع بقوة عن مبادرته، متمسكاً بأن الحوار هو الخيار الأوحد لتجاوز المأزق، خصوصاً بعد تعديله لمبادرته بحيث تتضمن جلسات متتالية لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس للجمهورية. ويشير إلى أن معظم الكتل النيابية باتت تميل للمشاركة في الحوار باستثناء القوات اللبنانية، التي لا تزال ترفض الانضمام إليه، مما يجعل من الصعب المضي قدماً دون مشاركة كل الأطراف الفاعلة.
في الوقت الذي يتمسك فيه بري بمبادرته، تبدو القوات اللبنانية أكثر حزمًا في موقفها، معتبرة أن الحل يجب أن يكون بانتخاب رئيس يمثل طموحات الشعب اللبناني ويعكس رغبة حقيقية في التغيير، بعيدًا عن التسويات السياسية التي تكرّس الوضع القائم وتعزز هيمنة بعض القوى على المشهد. القوات تدرك أن أي حوار، من دون قواعد واضحة وشفافة تضمن مخرجات فعلية، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التأجيل والتعقيد في الأزمة الرئاسية.
وفي هذا الإطار، يبقى مستقبل الحوار السياسي مفتوحاً على عدة سيناريوهات، فإما أن تنجح محاولات بري في جمع الأطراف السياسية حول طاولة الحوار، أو تستمر القوات اللبنانية وحلفاؤها في رفضهم المشاركة دون تغيير في المقاربة الحالية.