المجلس الإسلامي الشّيعي واقع وتحدّيات

شهد الشّهر المنصرم حدثين حساسين اعترضا ” المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى ” ، و قد أظهرا هشاشة الواقع الدّاخلي الراكد للمجلس ، الذي لم يعرف الإنتخابات العامّة في داخله منذ أكثر من أربعين عاماً .

_ الأمر الأوّل : ما تعلّق بقضية حضانة الطّفل ، و ما استتبعها من ردات فعل و قرارات و بيانات .

_ الأمر الثّاني : القرار الصّادر عن أحد أطر المجلس ، و الذي نفى بموجبه ( مشيخة ) أحد المعممين ، ذلك بعد إطلالة تلفزيونية ، تمّ التّعامل غير اللائق فيها ، مع المعمم و منه .

و طبعاً إنّ المزيد من هذه الأمور مرشحة للتّكاثر و التّفاقم في الفترات المقبلة ، طالما أنّ الواقع الرّاهن قائم .. و في خضم كل ذلك يفترض الوقوف عند بعض النّقاط :

أ — إنّ تطوّر المجتمع الشّيعي و تقدمه ، على أكثر من مستوى ، من فترة ما قبل الحرب الأهليّة اللبنانيّة ، و الّتي أفرزت وقتذاك قيادة للمجلس الشّيعي كانت تصلح لذلك الزّمان ، و لكنّها حاليّاً لا تنسجم نهائيّاً مع الحجم المحدود الذي يمثّله المجلس الشّيعي في وقتنا الرّاهن .
و هذا ما سيبقى مصدر خلل على الدّوام ؛ طالما أنّ الهيكليّة الحاليّة لم تخضع للتّجديد من أربعين عاماً .

ب — لا مجال للتّهرب من مسؤوليّة تطوير قوانين المحاكم الجعفريّة ، حيث يفترض الإنكباب على ورشة عمل في هذا المضمار ، و كان ينبغي أن تقوم بذلك ” الهيئة الشّرعيّة ” في المجلس الشّيعيّ ؛ و لكن لكونها معطلة فيمكن الإستعانة بأهل العلم و التّدين من أصحاب الخبرة في هذا المورد ، لا سيّما العلّامة الشّيخ حسن عواد ( الّذي ترأس المحاكم الجعفريّة لعشرين عاماً ) ، و العلّامة السّيد محمّد حسن الأمين ( الّذي مارس العمل القضائي لأكثر من أربعين عاماً ) ، و سواهما من اللذين خبروا القضاء ، فيمكن الإستفادة من خبرتهم .

ج — ظهر للعيان و بشكل فاضح الإساءة الّتي تعرّضت لها العمامة الشّيعيّة ، لا سيّما التّجني على قاضي بعبدا الجعفري الشّيخ جعفر كوثراني .. و قد كان يفترض التّصدي لذلك بشكل يحفظ مكانة العلماء ، و لكن الّذي حصل العكس تماماً . فالقاضي قام بواجباته كاملة دون أدنى خلل ، و بالمقابل حصلت سابقة خطيرة ، بل و مسيئة لقضاة الشّرع بخصوص هذه القضية و مجمل مجال عملهم .

د — إنّ التّسرع في اعتبار ” أحد المعممين ” ليس من أهل العلم ، هذا ما يسيئ للجسم العلمائي بشكل عام ؛ لإنّه يفترض أن ينتج وفق معايير شفافة و موضوعيّة ، و ينبغي أن يكون عقب تنظيم البيت الدّاخلي ، و بعد وضع آليات ناظمة للسلك المشيخي بشكل عام .
و الّذي زاد الطّين بلّة أنّ هذا القرار صدر عقب موقف سياسيّ للشّيخ المقصود من القرار ، علماً أنّه يرتدي الزّي الدّيني منذ فترة طويلة تزيد على العقد من الزّمن .

ه — ليت الإدارة الحاليّة للمجلس الشّيعي تنصرف لترتيب شؤونها الدّاخليّة و تطويرها ، مع الأخذ بعين الإعتبار أهميّة إجراء انتخابات عامّة في هيئات المجلس كافّة ؛ ما يُعيد إليه حضوره و مكانته .

و — في الوقت الّذي ما زالت دعوتنا قائمة في ( مجلس شورى الدّولة ) ضد الخلل القانوني الرّاهن في هيكليّة المجلس الشّيعي ؛ فإننا نكرر مطالبتنا بتشكيل ( هيئة مؤقتة لإدارة المجلس الشّيعي ) ، من أهل الفضل و العلم ، على أن لا تضم أيّاً من الحزبيين ، بل تنحصر بعلمائنا الكبار في هذا البلد … كمرحلة اتتقاليّة ، يُصار بعدها لتنظيم انتخابات للهيئتين الشّرعيّة و التّنفيذيّة ؛ و تالياً للرئاسة.

أخيراً ؛ فإنّه لا يجوز أن يبقى موقع الرئاسة شاغراً منذ أكثر خمسة عشر عاماً ( مع وفاة الإمام الشّيخ محمّد مهدي شمس الدّين ) ، و لا يجوز أن يبقى منصب نائب الرئيس الأوّل مطعوناً بصحته ( حيث انتهاء فترته الممدة من أكثر من عشر سنوات ) ، و لا يجوز أن يكون منصب نائب الرّئيس الثّاني شاغراً ( مع وفاة الدّكتور عدنان حيدر من سنوات ) ، و لا يجوز أن تبقى آلية وصول المفتين لمنصبهم بالتّعيين دون انتخابات أو معايير أخرى ، و لا يجوز أن يبقى المفتي الجعفري لمدى الحياة في موقعه ، كما لا يجوز استمرار الهيئتين الشّرعيّة و التّنفيذيّة من واحد و أربعين عاماً ، و لا يجوز أن يبقى الجسم العلمائي سائباً

محمّد علي الحاج العاملي

اخترنا لك