عون يطلق كتابه ما به أؤمن

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه “قطع وعداً بالا تبقى هناك أرض بور في لبنان، إلّا ونزرع فيها الإخضرار، ولا تبقى تلال في لبنان جرداء كما هي حالياً”.

وأضاف خلال احتفال اطلاق كتابه “ما به أؤمن”، أن “الغاية الاساسية من الكتاب هي زرع زنار من الارز على سلسلة جبال لبنان، لكي تصبح متصلة ببعضها بعضا، فتعبر بذلك الارزة كافة الاراضي اللبنانية وتربط ابناء الشعب اللبناني بأجمعه”.

جاء خلال الاحتفال الذي أقامته مؤسسة “العماد ميشال عون”، في القصر الجمهوري في بعبدا بعد ظهر اليوم، لإطلاق باكورة أعمالها، وهو كتاب وضعه عون وحمل عنوان “Ceque je crois” بنسخته الفرنسية، و”ما به اؤمن” بنسخته العربية.

ويتناول الكتاب رؤية رئيس الجمهورية الانسانية والفكرية في عدد من الامور والمبادئ الحياتية، وقد جاء عصارة فكره وخبرته على امتداد عقود من الزمن، عاش فيها تجارب انسانية وحياتية مختلفة، قادته الى تكوين رؤية شاملة في الانسان والحياة والمجتمع والله والايمان والعطاء والسياسة.

وقائع الاحتفال

وكان الاحتفال قد بدأ عند الخامسة والنصف من بعد الظهر، بدخول رئيس الجمهورية واللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون، الى البهو الداخلي للقصر الجمهوري، حيث احتشد عدد كبير من المدعوين من وزراء ونواب حاليين وسابقين، وأعضاء السلك الدبلوماسي ورؤساء الهيئات القضائية والمدراء العامين وقيادات عسكرية وأمنية ومسؤولي المؤسسات الاعلامية على اختلافها ووجوه نقابية واجتماعية وثقافية، اضافة الى افراد عائلة عون.

هاشم

بعد النشيد الوطني، ألقت المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون هاشم كلمة مؤسسة “العماد ميشال عون”، فقالت: “ميشال عون، اسم تختلف ردود فعل الناس لدى سماعه، وكذلك يختلف التعاطي الإعلامي العالمي والمحلي معه الى حد التناقض…آراء اللبنانيين أيضا تختلف، وبحدة…منهم من يراه ضابطا متمردا خاض حروبا عبثية… وآخرون يرون فيه القائد والبطل الذي أعاد للبنان كرامته وسيادته واستقلاله…البعض كرهه، كثر عشقوه…لكن في كلتا الحالتين، قلة أدركوا لماذا يكرهونه، أو لماذا يعشقونه”.

أضافت “خلال العديد من جلساتنا العائلية، سألنا أنفسنا: ترى، ماذا سيقرأ اولادنا في المستقبل عن جدهم؟ أي معلومات ستقدم لهم؟ وماذا ستعرف الاجيال القادمة عنه؟ فقررنا انصافا للحقيقة أولا …وإنصافا له ثانيا، وإنصافا لنا ثالثا، بأن نسعى لتصل حقيقته الى الناس، كما هي، من خلال المصادر الاصيلة لفكره وقوله وعمله…فيتعرف عليه من يجهله، مباشرة…لا من خلال آراء الآخرين، ويتأكد من يحبه، أنه هو من يحب …لا انطباعه الشخصي ولا إسقاطه عليه…وفي 4 ايلول 2015، نشأت مؤسسة “العماد ميشال عون”، وتكرست واقعا وتأسست قانونا….قبل عام ونيف على الاستحقاق الرئاسي.وكان الهدف الأول لها نشر فكر العماد عون، ووصوله بشكل كامل أمين دقيق وحقيقي، الى الناس…خاصة الى الاجيال الشابة، التي حرص الجنرال دوما على تشجيعها للانخراط في الشأن العام، والتي هي أكثر من يتفاعل معه”.

وتابعت “ولان الانسان مجتمعي بالتكوين…ولأن القائد السياسي عامل مكون لمجتمعه، ان المعرفة الشاملة بميشال عون، لا تكتمل، الا بالإضاءة على علاقته بالناس. لذلك من أهداف المؤسسة، إقامة ما يشبه الساحة أو المساحة التفاعلية، التي تجسد المحبة الكبيرة التي غمرته…وكانت سندا له، في أقسى أيامه، ودافعه الأساس في إكمال طريقه…علاقة رائعة، ترجمت في رسائل وأغان وقصائد واشجار ولوحات ومنحوتات وكتب، كتبت بحبر ودمع ودم ودعم …وقدمت له طيلة هذه السنوات…خصوصا، خصوصا في زمن المنفى…هذا الأرشيف الشخصي، يحمل مشاعر أصيلة صادقة…بدليل انها تمظهرت يوم كان مضطهدا، لا حاكما…ويوم كان المتسلطون يواجهونه بالخناجر، لا بالمباخر…هذا الكنز يشكل إرثا لا يقدر بثمن، صنعته محبة الناس…وإليها سيعود”.

وأردفت: “من يعرف العماد ميشال عون، يعرف علاقته العميقة المتعمقة بالارض…فهو منها…كأنه ولد من رحمها…وحاكت كل خلية من وعيه الفردي والعام. لذلك كان لا بد ان تسعى المؤسسة الحاملة لاسمه، إلى تجسيد هذه العلاقة المميزة بالطبيعة، عبر سلسلة نشاطات، تعيد ناسه إلى أرضه…وتحفظ هذه الأرض، بكل ما هي، من بيئة وانتماء… لكل ناسه”.

وختمت: “باكورة عمل مؤسسة العماد ميشال عون، هي هدية 7 أيار. هدية الذكرى الثانية عشرة لعودة ابن الوطن إلى الوطن، وهي أعوام بعدد شهور كل عام…بعدد ساعات الليل والنهار…في مصادفة، لنقول له ربما: نحبك…كل ساعة، من كل يوم وكل عام…حتى عودة ما…ومن…نؤمن به”.

صادق

ثم القت الاعلامية ديزيريه صادق، التي حاورت رئيس الجمهورية في مضمون الكتاب كلمة، فتحدثت عن “فكرة تكوين الكتاب عارضة مختلف أقسامه”.

وقالت: “في هذه الازمنة حيث تبدو المرتكزات- الدلائل، وكأنها في حال اهتزاز، ليس فقط في منطقتنا بل في العالم أجمع، من المهم لنا العودة الى جوهر الجوهر. وكنت، لبضعة أشهر قبل وصوله الى رئاسة الجمهورية، طلبت من العماد ميشال عون أن يصيغ ما به يؤمن.

فكانت مجموعة أسئلة وأجوبة من دون أي إعداد، ولقاءات متقطعة قبل خلالها أن يطلق العنان لأفكاره بكل حرية.

تواصلت هذه اللقاءات مرة كل اسبوع لمدة ساعة من الوقت طوال أشهر عدة.

وقد تحدث العماد عون خلالها بالفرنسية بناء على طلبي، كوني أكتب بهذه اللغة منذ أكثر من ثلاثين سنة. وكان كل جواب من أجوبته بمثابة فيض ينبض حسا مرهفا، عبر عنه بكل عفوية.

وقد تم جمع كافة الأجوبة في فصول خمسة ضمن كتاب رسالة، يعيد تركيز الكلمات في أمكنتها كما يعيد منح الحياة مقياسها الحق”.

أضافت: “الفصل الاول يتناول الثنائيات المتبارزة: الحب- الحقد، الفرح- الالم، الذكر- الانثى. هي سلسلة كلمات تتعارض لكي تتكامل بشكل افضل. ذلك أنه ما من أحد أبرزها كما العماد ميشال عون، سواء عند المعجبين به أو لدى خصومه.

أما الفصل الثاني فيتناول سلسلة تساؤلات حول اللاوعي، الوزنات، الغفران… 28 كلمة ليست ثمرة صدفة، بل تم اختيارها بعناية وتحديدها بوضوح.

والفصل الثالث يتناول مختلف اوجه الحب: حب الوطن الحقيقة والحرية…هي كلها أوجه عشق محددة وغير محددة تروي ما يهب معنى للحياة.

أما الفصل الرابع فيروي الخيارات الكبرى من خلال قصة لم تنس، ومن خلال مهنة وفن وكتاب وصورة ولون وحلم ووطن… 70 قصة تضيء خيارات الرئيس عون الكبرى.

ويأتي الفصل الخامس والأخير حول العماد الرئيس ويتضمن بعضا من البوح الخاص حول مسار الانتخاب الرئاسي.

وهناك ملحق يروي اللحظات الاساسية في حياة العماد عون من خلال أفكار تشكل مفاتيح قراءة، كما من خلال رسائل دون خلالها رؤية للواقع وتنبأ بما نحن نعيشه حاليا بمثابة شهادات.

هذه هي الخطوط الكبرى لهذا الكتاب الذي يقرأ دفعة واحدة كما يمكن تذوقه بهدوء يوما بعد يوم”.

وتابعت: “من خلال هذا الكتاب، تكتشف لدى ميشال عون، اضافة الى الرئيس والعماد، ذلك المفكر الانساني كما يعرفه بعض القلة.

لقد التقيت به وأنا بعد صحافية شابة في العام 1990، هنا في بعبدا، في عز حرب التحرير في الوقت، الذي كنت أعد فيه كتابي “أرز لبنان”.

في ذلك اليوم كنت أبغي أخذ رأيه حول الغلاف فأطلعته على مجموعة من صور الارز التي تبرز أغصانه بطريقة فنية…فحدق بي وقال: “اليس لديك صور للأرز بأكمله؟” مذ ذاك لم أنس تلك العبارة، التي تلخص تماما حقيقة هذا الرجل بأكملها.

لقد عبرت السنوات وما من أمر تمكن من زعزعة قناعاته.

وقد التقيته بالطبع في فرنسا في “البيت العالي” حيث كان يزرع الأرز.

هذا الأرز الذي شكل عشقا جامعا أتاح لكثير من اللبنانيين في المنفى، أن يحافظوا على الامل وسط الظروف الصعبة، والارز شجرة لا تزين علمنا ولكن تجذره وتؤكد انتماءنا الى ثقافة مشتركة تجمعنا، خصوصا عندما تلفح بلادنا رياح الفتنة.

لهذه الأسباب كما لغيرها، فإن ريع هذا الكتاب الوثيقة ستخصص من قبل “مؤسسة ميشال عون” لزرع القمم التي تتوج لبناننا بشجرة الأرز”.

وختمت: “ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل، سيكون كتاب “ما به أؤمن” بنسختيه الفرنسية والعربية متوافرا في المكتبات.

والنسخة العربية ليست ترجمة حرفية له، لكن إعادة صياغة عمل عليها فخامة الرئيس مع الآنسة رلى نصار.

بذلك نكون أمام كتابين متكاملين ذلك أنه ليس بين العربية والفرنسية من قواسم مشتركة سوى غنى وعبقرية اللغتين”. بعدها ألقت صادق مقتطفات من الكتاب.

نصار

بعد ذلك، تحدثت الكاتبة السياسية رلى نصار عن النسخة العربية من الكتاب، التي حملت عنوان: “ما به أؤمن”، فقالت: “فخامة الرئيس، اللبنانية الأولى، الحضور الكريم: مساهمتي في هذا الكتاب ليست ترجمة لغوية، هي ترجمة لفكر، لوجدان، ترجمة لإنسان. مساهمتي هذه، فخامة الرئيس، واسمح لي أن أتوجه لكم بالكلام، هي نذر يسير من حقك علينا.

هي بعض من “وزنتنا”، نحن الذين كان لنا حظ معرفتك عن قرب، نحن الذين سمعنا وحفظنا وشاهدنا وتعلمنا، نحن الذين عايشنا المحاولات الحثيثة لتغييب الحقيقة، وأيضا الذين عشنا انعتاقها وانتصارها. أولست من علمنا أن الحقيقة لا تنكسر، وأنه مهما طال الزمان لا بد أن يأتي يوم فيه تنتصر؟ وزنتنا هذه هي وزنة رسل؛ أن يصل فكرك للناس، أن يغوصوا في عمق إنسانك، أن تعرفك أجيالنا القادمة، ألا يزور تاريخنا،أن نشهد للحقيقة”.

أضافت: “هذا الكتاب، الصغير بحجمه والكبير بمضمونه، يقدم مساهمة قيمة في هذه المهمة – الرسالة من خلال حوارات غير مترابطة وبعيدة كل البعد عن السياسة، استطاعت فيها الكاتبة المبدعة ديزيريه صادق أن تصل كما تقول الى “الجنرال بصيغة المفرد، وبصفة الاستثنائي”. هو كتاب حافل بالاكتشافات، فمع كل جملة اكتشاف جديد، وعمق جديد، لإنسان يظن الكثيرون بيننا أنهم يعرفونه.

فيه يتحدث عن الله، عن الإيمان، عن الإنسان، عن الأحلام، عن الحب، عن الوفاء، عن الخيانة، عن الحقيقة، عن الحرية، عن الزمن، عن الوطن، عن كل ما يعطي الحياة معنى ومغزى”.

وتابعت: “في السنوات السوداء، وعندما بدأ الإحباط يتسلل الى نفوس الكثيرين منا، وجه الجنرال لنا كلمة من المنفى قال فيها: “إذا كنا ونحن تحت التراب نرقد على رجاء القيامة فكيف تحبطون وأنتم أحياء؟”.

هذا الإيمان بالحق الذي يزحزح الجبال، وقد زحزحها فعلا، كان الصخرة التي اتكأنا عليها لسنوات ولما نزل، وهو نفسه يعبق في صفحات هذا الكتاب ليسند من يحتاج.

وفي نقلي له الى العربية، آمل أن أكون قد أديت قسطا من الوزنة التي أحملها، والتي سيكون لها حتما تتمة لا بل تتمات”.

عون

بعد ذلك، القى رئيس الجمهورية كلمة، قال فيها: “هذا الكتاب لا يتضمن كلاما في السياسة، لكنه يحتوي في آخره بعض الكتابات، التي من خلالها استشفيت وقوع عدد من الاحداث مستقبلا، اعتبارا من العام 1989 الى يومنا هذا.

هذا الكتاب هو اولا للناس الذين لا يعرفونني فيتعرفون الي، من انا وبما افكر، فيدركون انني مثلهم، وكذلك للذين يعرفونني، فيتعرفون الي اكثر.

وكما قالت ابنتي الكبرى ميراي، فإن الغاية منه هي ان يتعرف الي الناس اكثر في المستقبل، فربما كان لي اثر في تاريخ لبنان، والجيل الآتي رغب في معرفتي، فيمكنه من خلال هذا الكتاب ان يعرف في الانسان، الذي انا عليه.

ومن خلال كتب اخرى ستكتب او هي في طور الكتابة، بامكانه ان يتعرف الى الاحداث التي عشناها. ويبقى ان الغاية الاساسية منه هي زرع زنار من الارز على سلسلة جبال لبنان، لكي تصبح متصلة ببعضها بعضا، فتعبر بذلك الارزة كافة الاراضي اللبنانية وتربط ابناء الشعب اللبناني بأجمعه”.

اضاف: “تروي احدى قصائد الشاعر الفرنسي لافونتين، قصة رجل كهل كان يقوم بزرع شجرة بلح، فإذا بفتية مروا به وراحوا يتطلعون صوبه بابتسامة، وهم يتساءلون: ما تراه يفعل هذا الكهل الذي يزرع شجرة بلح فماذا سيأكل من ثمارها؟ وهل سيتمكن بالحري من العيش حتى تثمر؟ فقال لهم: زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون! هكذا نحن فاعلون.

من سبقنا زرع الارز الذي نشاهده، وعمره آلاف السنين. وهو لم يعش ليراه ينمو.

ونحن ايضا على مثاله، وسيكمل اولادنا واحفادنا الزرع من بعدنا.

والاجيال الآتية، جميعها، سترى زرعنا.

فالارز يخلدنا كما يخلد جميع الذي سيساهمون في زرعه على الاراضي اللبنانية”.

وختم: “آمل من الجميع ان يساهم في هذا العمل. وهو لن يكون مشروعنا الاول والاخير لأننا قطعنا وعدا على انفسنا بالا تبقى هناك ارض بور الا ونزرع فيها الاخضرار، لأن حرائق عدة تندلع في ارضنا، فنخسر الكثير من المساحات الخضراء، وعلينا ان نعيد تشجيرها لكي تبقى صادحة اغنية السيدة فيروز: لبنان الاخضر! فلا تبقى تلال في لبنان جرداء كما هي حاليا.

وان شاء الله ايضا يزدهر في ايامكم العمران في كل لبنان. عشتم وعاش لبنان”!

توقيع الكتاب

وبعد القاء كلمته، وقع الرئيس عون على نسختين واحدة بالفرنسية والأخرى بالعربية، قبل أن توزع نسخ الكتاب موقعة منه شخصيا على الحاضرين. واختتم الاحتفال بكوكتيل للمناسبة في قاعة 25 أيار، هنأ خلاله الحضور الرئيس عون على كتابه، وتم التقاط الصور التذكارية.

ريع الكتاب

واعلنت مؤسسة “العماد ميشال عون” ان “ريع الكتاب يعود لتمويل مشاريع بيئية تهدف الى وصل غابات الارز في لبنان مع بعضها بعضا ليكتمل لبنان بأرزه”.

وإذ شكرت المؤسسة “المساهمين في حملتها البيئية هذه”، اوردت للراغبين في التبرع رقم الحساب العائد لها في بنك لبنان والمهجر وهو:

LB 7800 – 14 – 0000 – 2702 – 3041 – 4479 – 9916

beirutgate.com-2017-05-07_19-39-21

اخترنا لك