الأنظار إلى 23 أيار

ما أروع غالبية السياسيين في تقطيع الوقت والمراحل، وإلهاء الناس بالمناورات والمراجل.

ليست المشكلة في أي قانون يلاقي أحلام اللبنانيين وطموحاتهم في اختيار ممثليهم لبناء دولة حديثة، وإنّما المشكلة في أي قانون يتيح للحاكمين اختيار ناخبيهم من أجل ضمان التمديد لنيابتهم وأحجامهم ونفوذهم في السياسة والأمن والاقتصاد والوزارات والصفقات.

لا يريدون أن يواصلوا التمديد لأنفسهم، ولكنّهم يبحثون في قوانين، تُمدّد الناس لهم في نتيجتها.

ليست المشكلة في القانون الأكثري والفردي، فبريطانيا العريقة في الديموقراطية تعتمد الدائرة الفردية وفق نظام أكثري منذ نحو 750 عاماً.

وليست المشكلة في القانون النسبي، فقادةُ الفكر الليبرالي في أوروبا لجأوا إليه منذ أكثر من 200 عام من أجل تعزيز الحقوق والحرّيات والمساواة، وتعتمده اليوم نحو 90 دولة، منها سويسرا والسويد والدانمارك والبرلمان الأوروبي.

وليست المشكلة في النظام المختلط، إذ إنّ دوَلاً مهمّة مِثل ألمانيا وإيطاليا واليابان وحتى روسيا تعتمده.

المشكلة في لبنان تكمن في رفض مبدأ تداوُل السلطة أساساً، والتحايل عليه، بتفصيل دوائر انتخابية على القياس حيناً، وعقدِ تحالفات سياسية وانتخابية أحياناً.

حتى بدعة «الديموقراطية التوافقية» التي تُعطّل اللعبة الديموقراطية وتلغي المعارضة وتطلِق العنان للهدر والفساد، قد لا تكون مشكلة في حجم «ديموقراطية البلوكات» المذهبية التي تنسف كلّ إمكانات التغيير والتطوير.

ما يجري اليوم من حراك ونقاش على كلّ المستويات لا يضمن عدم حصول فراغ في مجلس النواب، ولا يُنبئ بولادة قانون انتخاب جديد.

والحقيقة، أن لا أحد مستعجلٌ لإيجاد حلّ، تحت ضغط المهل، إذ إنّ الرهانات معقودة على نتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة في 23 أيار الجاري.

الكلّ يُدرك أنّ التحوّلات في السياسة الأميركية ستؤدي إلى تحوّلات في الشرق الأوسط، وكلّ فريق يحاول تمرير الوقت حتى جلاءِ ما سينتج عن القمم الأميركية – السعودية والخليجية والعربية في الرياض.

يأتي ترامب حاملاً خطة من ثلاثة فصول كبرى :

1 – محاربة الإرهاب، من سوريا والعراق إلى ليبيا واليمن.
2 – تقليص حجم النفوذ الإيراني ودوره في المنطقة، (ما يشمل «حزب الله»).
3 – إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية.

يتطلع ترامب إلى أن يكون الرئيسَ الأميركي الذي حقّق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في عهده.

ويتطلع إلى قهر الإرهاب، وحلِّ الأزمة السورية. وقد عرَض لهذه الغاية على روسيا تسويةً تقضي بتغيير رأس النظام وأبرز معاونيه، وإبعاد إيران و«حزب الله»، في مقابل تعاونٍ أميركي – روسي أكبر يبدأ من سوريا ولا ينتهي في أوكرانيا.

أمّا في موضوع «حزب الله»، فإنّ الضغط الأميركي بدأ قبل وصول ترامب إلى الرياض.

وتحاول غالبية القوى السياسية تَقصّي حجم توسيع العقوبات الأميركية على «حزب الله»، إذ لا أحد يريد أن يخاطر بمصالحه وأمواله بسبب تعاونه مع الحزب أو صداقته له. وهذا ما يُقلق الحزب تحديداً ويضعه في مواقف غير مريحة، خصوصاً أنه يشعر برياح تغيير في مواقف بعض حلفائه.

إنّها مرحلة انتظار وترقّب، ويخشى البعض أن تكون مرحلة رهانات من البعض الآخر، وهذا ما يفسّر حال التوتّر في مكانٍ ما، وحال الارتياح في مكان آخر.

جورج سولاج- جريدة الجمهورية

اخترنا لك