إلى فخامة الرئيس ميشال عون : نحتاج الوطن وليس أن نكون مجرّد عدد

لم يعد جيلنا يتحمل حروبا داخلية في وطن قزم دوره بسلب المواطنية وتعريتها، وجهل شعوبه بقيمته !

لم يعد التواجد اللبناني في الاغتراب حضارة بسبب شل وطن الداخل من امراض الطوائف، وعصابات الفساد !

لم يعد التميز هو حلم اللبناني لكون بلده في مراتب متقدمة بين دول متخلفة حضاريا، وبسبب تقوقع كل فرد في طائفته، ويتعصّب لراية زعيمه، وما أكثر الرايات !

لم يعد ينظر إلى المثقّف، والفنان، والإعلام اللبناني بين العرب على أنه الأكثر تطورًا، ومعاصرة، ونوراً وقبساً، بل هو مقبل من بلاد متخلّفة، ومفكّكة سياسياً واجتماعياً وفكريًا!
لم يعد لبنان ذاك اللبنان، وزعاماته تتصرّف في حل اصغر إو أكبر قضية كما لو كانت تعيش في بلاد خارج الكوكب مع ان طرقاتنا لا تشبه الطرقات، ووزاراتنا لا علاقة لها بالخدمات، ونفتقد الماء والكهرباء وصباح ووديع وشوشو ونصري وفيلمون وعاصي ومنصور …

لم نجد من يكمل الطريق المشع الذي كان !!

لم يعد لدينا احلامنا، بل نبحث عن خبز يومنا بتواضع لحظاتنا، وربما نقدم تنازلات اخلاقية مخجلة!

لذلك، من واجبنا أن نخاطب رئيس بلادنا بصدق…

أقولها، وبكل وضوح، وبصراحة، أنا وكثير مثلي بالعادة لا نضع الأمال على ساسة لبنان، ولكن وضعنا اكثر من أمل في وصول الرئيس ميشال عون إلى الحكم لأسباب كثيرة، ومنها أن العمر لا يفرض طموحات واستغلالات، وسرقات، وفساد كي يتثبت ويتشبث في كرسي الحكم والزعامة، وهو أصلًا يريد نجاح خطه، ومشروعه المبني على العدالة، ومحاربة الفساد كما اعتقد!

اليوم امالنا تتبدّد، ونشعر أن الجمهورية تدخل عنق الزجاجة لتزيدنا اختناقا، ونعتقد أن هذا الشهر الحاسم في أن يحيي عون امال الوطن، ويعلن موقفه في بناء لبنان الحق، ويزرع المواطنية خارج الطائفية، ويثبت القانون النسبي، وليس ضرراً يا فخامة الرئيس أن ينتخب المسيحي المسلم، أو ينتخب المسلم المسيحي…

ولعلمك كلنا يؤمن بأن وجود المسيحي ضرورة، والحضارة والثقافة والفن والتميز والاختلاف ناقصة من دونه…

يا فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون أنت ذقت الحرمان من الوطن، وتعبت من حروب الداخل، وشربت مر الهجرة، وأخذت قراراتك الأجرأ، ووقفت أمام العواصف، ونجحت، لذلك عليك بالتفكير مليا بأن تدخل تاريخ الوطن كالابطال الذين يرسمون التاريخ، وليس ممن يزور لهم التاريخ بحجة طوائفهم على حساب كل الوطن!

اطالبك كمواطن انهك من السفر خارج الوطن، ومن هجران الأمان، ومن الطائفية، ومن ضيف فرص العمل، واختناق الرزق داخل البلد!

أطالبك بأن لا تهتم بالطائفية، وبكذبة حقوق المسيحية، وابحث معنا عن حقوق الوطن والمواطن والمواطنية، كلنا يعيش التعتير بالوطن وبالوطنية، وكلنا يفكر بالهجرة، وينتظر على احلام السفارات!

أطالبك أن تفكر مليا بأن تكون المخلص لنا من قرف الجهل الديني، والجهل في معرفة كيفية ان نحب الوطن، والجهل من أننا نخاف من بعضنا، نحن لم نعد يا فخامة الرئيس كما نحن بفضل ساسة زرعوا الطائفية، وزعامات استحمرتنا دينيا حتى ضعنا في الوطن والدين والهوية، ولا نريدك أن تكون مثلهم!

يا فخامة الرئيس هذه الوزارة الأولى في عهدك يقوم وزراء ينتمون إلى خطك، وتحالفك الأخير بتصفية حسابات في مزارع الوزارات، وهذا لم يحدث من قبل كما يحدث في عهدك!

يا فخامة الرئيس في عهدك حتى البرهة يزداد الفساد من قبل جماعات الزمر الحاكمة، وزراء وزعامات تجتمع معهم، ونحن نؤمن بأنك الأنظف، ولكنك اليوم تعرفهم عن قرب!

يا فخامة الرئيس أكثر الاحزاب اليوم تتحدث بالطائفية، وتحرك رماد الطائفية المشتعلة هو التيار الوطني الحر، هو تيارك، وحزبك، وحركتك الاصلاحية، التيار الذي كذب علينا بالعلمانية والوطنية، ومنذ وصولك إلى سدة رئاسة الجمهورية أصبح حزبا طائفيا كغيره من الأحزاب الطائفية اللبنانية…

خلصونا من الطائفية، ونرغب العيش في لبنان …

صدقنا يا فخامة الرئيس نحن نحب هذا البلد رغم كل علاته، ورغم فقدانه لأصول أن يكون وطنًا!

لم يعد لدينا الأمل إلا بك يا فخامة الرئيس ميشال عون، ولكن حزبك بدأ بتحريك رماد اشعال الحرب الطائفية اللبنانية، وكأن حروب ال 1975 لم تعلمنا، ولم تعلمكم، وها نحن نعيش مرحلة شبيهة بما قبل تلك الحرب بشهور، ولكن الفارق أن هناك لم يكن لدينا ميشال عون، ولا مقاومة شامخة ومنتصرة، ومتواضعة اعطتك القوة في الوصول!

يا فخامة الرئيس لم يعد مجدياً الحديث طائفياً أو عن حقوق طائفة وكل الطوائف تتقلص وبالتحديد المسيحية، ونريدك أن تكون فعلاً أب الجميع، ولا نقزم مشروعك بطائفة، وأن كذبة المناصفة أكبر خطأ في بناء الأوطان، بل الأجدر هو من يستحق الفوز!

يا فخامة الرئيس اقلب الطاولة على الجميع كما عهدنا بدك، واعلن ان لبنان للجميع، وأهل العلم والخبرة والحق يصلون، وأن كل سياسي يرغب بالترشح إلى منصب معين عليه بالإيمان بوحدة لبنان وشعب لبنان لا بحزبه وبطائفته!

ندعوك أن تكون الأول وليس كغيرك، قم بتطبيق القانون على الجميع، ارجع إلى الدستور فيه معادلات لا تصنع الحرب، أرفض كل طروحاتهم، وقوانينهم الانتخابية الطائفية الضامنة لبقاء عروشهم، وافتح باب المحاسبة، وابعد عنا جمهوريات الموز، وعد إلى ما كنت تقوله حول النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة، وأن هذا النائب هو لكل الوطن وليس لهذا الزاروب، وطالب بعودتنا إلى الوطن ونحن في الوطن، وليس باستعادة الجنسية لمن لا يريدها فقط من أجل مكاسب انتخابية!

يا فخامة الرئيس كنا ننظر إليك المخلص فلا توصلنا إلى هلاك الوطن …

لا نريد حقوق طائفية بل نريد حقوق وطنية، ونريد المسيحي والمسلم مواطنين وليس طائفيين … الحكمة يا فخامةالرئيس ، وانت تملك منها الكثير !!

جهاد ايوب

اخترنا لك