الحريري اطلع من ابراهيم على عملية التفاوض

استقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم واطلع منه على مجريات عملية التفاوض التي أدت إلى إخراج مسلحي جبهة النصرة وعائلاتهم من جرود عرسال.

بعد اللقاء تحدث الرئيس الحريري فقال: “التقيت اللواء عباس إبراهيم، وهو كان يقوم بمهمة خلال الأيام السابقة والتي كانت أياما صعبة، لكن والحمد لله، تمت هذه المهمة وخرج كل مسلحي النصرة مع خمسة آلاف عائلة إلى سوريا.

في نهاية المطاف ما يهمنا هو أمن اللبنانيين في عرسال، وأن تستعيد هذه البلدة حياتها الطبيعية.

فخلال كل السنوات السابقة، منذ بدأت هذه الأزمة، هناك وضع اجتماعي وأمني صعب للغاية في عرسال.

وهذا الأمر تم لأن الدولة قامت بواجبها وحصل تفاوض، وتمكنا من إنجاز هذا الأمر بفضل كل الإدارات، من العدلية إلى الأمن العام إلى الجيش اللبناني إلى الحكومة وعلى رأسهم فخامة الرئيس ميشال عون، حتى تمكنا من إنجاز هذا الحل.

وإن شاء الله نحن مستمرون في معالجة هذا الموضوع في ما يخص “داعش”، لأننا لن نقبل أن يكون هناك أي نوع من الإرهاب على أي جزء من الأراضي اللبناني.

وهنا، الجيش اللبناني يدرس الأمور ويعمل على أساس أن يكون هناك أمر قريب، وهذا الموضوع تتم مناقشته مع الجيش اللبناني.

الأهم أننا تمكنّا من أن ننجز هذا الإنجاز كدولة، وبشكل سريع للغاية، وجرت مفاوضات صعبة، ولكن في النهاية أنجزنا ما نريده وأنهينا هذا المشكل الموجود في جرود عرسال”.

وأضاف: “بالنسبة إلى عرسال، وضعنا خطة لمساعدة أهالي البلدة على الصعيدين الاجتماعي والمعيشي، وغداً سنناقش هذه الخطة على طاولة مجلس الوزراء، بما يساعد أهالي البلدة الذين لم يكونوا قادرين خلال السنوات الماضية أن يستثمروا أرزاقهم، والآن الجيش سينتشر في المنطقة وهذا سيكون في مصلحة أهل عرسال والشعب اللبناني ككل، ففي النهاية نحن نريد أن نحمي اللبنانيين، والحمد لله أن المخيمات الموجودة في البلدة لم يصبها أي مكروه أيضاً، وتمكن الجيش اللبناني أن يحميها بشكل واسع”.

سئل: بعد عشرة أيام على بدء المعركة في جرود عرسال والتي كان “حزب الله” اللاعب الأساسي فيها، لم تخرج الحكومة بأي موقف، داعماً كان أو رافضاً لما يجري، فما ردكم؟

أجاب: موقفنا واضح.

موقف الحكومة اللبنانية هو حماية اللبنانيين ومخيمات النازحين الموجودة في البلدة.
أراد حزب الله أن يقوم بهذه العملية، والتي أنجزت أموراً في مكان ما، ولكن الجزء الأكبر هو الذي يقوم به الجيش اللبناني وهو المهم بالنسبة إلينا.

الحكومة اللبنانية هدفها الأساسي حماية كل الحدود اللبنانية، وعدم السماح لأي من هؤلاء، أكانوا من النصرة أو داعش أو أي فريق متطرّف أن يدخل إلى الأراضي اللبنانية، وهذا ما قام به الجيش اللبناني.

تعرفون في السياسة أن هناك أمورا نختلف عليها وأمورا أخرى نتوافق عليها، وهذا ما يميز لبنان وهذه الحكومة بالذات، لكن المهم بالنسبة إلينا هو النتيجة، وهي اليوم أننا وصلنا إلى حل مناسب جداً للدولة اللبنانية، وهو أنجاز كبير.

إذا أردنا أن ندخل في التفاصيل والمشاكل ونقول ما هو موقف فلان أو فلان، فإن هذا لن يقدم أي أمر للبلد.

الأصح أن نرى ما هي الأمور التي تجمعنا ونتقدم على أساسها.

سئل: البعض اعتبر أن الدولة اللبنانية ليست هي المنتصرة في عملية التفاوض هذه، وهناك عملية تبادل طرحت في السابق لعودة الأسرى العسكريين لدى داعش وقد رفضت على اعتبار أن الدولة اللبنانية لا تتفاوض مع إرهابيين؟

أجاب: هذا الأمر غير صحيح، ففي السابق حين كان هناك عسكريون أسرى لدى جبهة النصرة، تم التفاوض وإطلاق سراحهم.

نحن مع كل ما يخدم مصلحة لبنان والعسكر وأي مواطن لبناني، ونحن كحكومة ملتزمة بالتفاوض لإنجاز هذا الأمر.

فأنتم تعلمون أن هذه الحكومة هي التي خصصت مبلغ 500 ألف دولار لمعرفة أي معلومة بشأن العسكريين الأسرى لدى داعش.

حاسبوني على ما تقوم به هذه الحكومة وليس سابقاتها.

هذه الحكومة تعمل على أساس أن ننهي هذا الملف بأفضل وسيلة ممكنة.

سئل: هل هناك أي تنسيق لبناني سوري؟

أجاب: كلا.

سئل: كيف تقبلون التفاوض مع جهة إرهابية وترفضون التفاوض مع النظام السوري؟

أجاب: كل الدول في العالم تفاوض حين يتعلق الأمر بمواطنيها.

ولكن مع النظام السوري ليس لدينا ما نتفاوض بشأنه.

الأمر الذي كان مطروحاً هو التفاوض بشأن النازحين.

أليس للعراق علاقة مع النظام في سوريا؟ أليس لمصر أو دول أخرى علاقات مع النظام؟ هل عاد النازحون من هذه الدول إلى سوريا؟ هؤلاء النازحون غير قادرون على العودة لأن هناك قوانين دولية يجب أن يحترمها لبنان وكل هذه الدول.

هل عاد النازح السوري في العراق إلى سوريا، رغم أن هناك علاقات بين الدولتين وتتساعدان في العديد من المجالات؟ المبدأ هي وجود أماكن آمنة لكي يعود إليها هؤلاء النازحون، بموافقة الأمم المتحدة، وحينها لا مانع لدينا.

ألم يعد اليوم خمسة آلاف نازح؟ هل كان هناك من منعهم من العودة؟ هل منعتهم الدولة اللبنانية أو الأمن العام؟ نحن واضحون في سياستنا هذه، نحن نريد أن يعود النازحون إلى أرضهم اليوم قبل الغد، ويجب ألا يكون لدى أحد أي علامة استفهام في هذا الشأن.

المشكلة في هذا الموضوع أن هناك وضعا أمنيا في سوريا وهناك أمم متحدة وهناك مجتمع دولي، هل يستطيع لبنان أن يضع نفسه عكس هذا الاتجاه؟ إذا أردنا ان نعيد اللاجئين دفعة واحدة فأنا أقول أن لبنان حينها يرتكب خطيئة بحق النازحين وبحق نفسه.

حين فتحنا في لبنان أبوابنا لهؤلاء النازحين كان ذلك لأن هناك مشكلة يعالجها المجتمع الدولي، ونحن نتمنى أن يتم حل هذه المشكلة اليوم قبل الغد.

سئل: كيف تفسرون توقيت خروج الموقوفين من سجن رومية ضمن عملية التفاوض هذه؟

أجاب: العبرة هي في من خرج من الموقوفين. من خرج معروف من هو وبالأساس لم يخرج أحد محكوم عليه، البعض منهم انتهى الحكم بحقهم، وهذا ما تفاوضت على أساسه الدولة اللبنانية.

أما بخصوص من ارتكب جرائم كبيرة فلدينا موقف في الحكومة بأننا لن نسمح بخروجهم، لكننا نفتح باب التفاوض مع داعش شرط عودة العسكريين الأسرى لديهم، وأنا رئيس حكومة وأؤكد ذلك.

سئل: هل أعطت الحكومة الغطاء لكل عملية التفاوض الحاصلة. هل سيدفع لبنان ثمنا غاليا جدا لما حصل؟

أجاب: ما أنجز هو أن هناك منطقة كانت مرهونة، وكنا نحرم هذه المنطقة من المساعدات بسبب ما فيها.

ما حصل هو أننا تمكنّا اليوم من تحرير هذه المنطقة، بما يساعد أهل هذه المنطقة.

فأهل عرسال على سبيل المثال يعملون في المواسم الزراعية والمقالع، وهم لم يتمكنوا من استثمار أرزاقهم منذ لحظة وقوع هذه المشاكل.

سئل: هل تعتبر أن الدولة اللبنانية هي التي حررت عرسال اليوم؟

أجاب: أعتبر أن الدولة هي التي قامت بكل هذا الإنجاز.

أنا أعرف اللغط الحاصل في هذا الأمر وأن “حزب الله” شن هذه المعركة.

وهناك مواقف صدرت عن “تيار المستقبل” وغيره.
لكن ما يهمني ما حصل اليوم.

هناك منطقة كانت مرهونة وتعاني من مشكلة كبيرة جدا، وهذه مشكلة انتهت. وهناك منطقة أخرى فيها “داعش” وهذه المشكلة ستنتهي بدورها والجيش اللبناني سيتعامل مع هذا الموضوع بالشكل اللازم.

علينا اليوم ألا نزايد على بعضنا البعض.

هناك مشاكل في ما بيننا وهذا أمر أكيد، هناك اختلاف سياسي في ما بيننا وهناك مواقف سياسية لن نلتقي سويا بشأنها، هذا الأمر غير قابل للمناقشة.

وهذا ما نقوله نحن ويقوله أيضا الحزب، لنا رأينا ولحزب الله رأيه، ولكن في نهاية المطاف، التقينا على إجماع ما يهم الشعب اللبناني من أجل الاقتصاد اللبناني والأمن اللبناني والاستقرار والحكومة ومجلس النواب في لبنان.

هناك أمور مثل سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت بعد خمس سنوات من المظاهرات لإقرارها.

واليوم نقر موازنة، وقد أقررنا مراسيم تتعلق بالنفط والغاز، وفي المستقبل سنقر المجلس الاقتصادي الاجتماعي.

هذه الحكومة قادرة على حل كل الأمور، لأنه في نهاية المطاف، قررنا كقوى سياسية في العديد من الأمور أن نتفق في ما بيننا، أما الأمور السياسية التي نختلف بشأنها فمواقفنا معروفة منها.

وفي النهاية، أود أن أشكر اللواء إبراهيم على كل ما قام به.

سئل: هل أنت راض عن اللواء عباس إبراهيم؟

أجاب: راض جدا عنه.

وتطرّق الرئيس الحريري إلى موضوع صناديق التعاضد واللغط الحاصل بخصوصها وقال: “بالنسبة إلى موضوع صناديق التعاضد، فقد عقدت اليوم سلسلة اجتماعات في هذا الخصوص، وأنا أود أن أؤكد أننا حين طرحنا هذا الأمر في مجلسي الوزراء والنواب وتمت الموافقة عليه، فإن الفكرة الأساسية كانت هي المحافظة على كل هذه الأمور.

فأنا أعتبر أن للقضاء خصوصية وللأساتذة خصوصية وللجيش خصوصية وكل من لديه صناديق تعاضد خصوصية.

نحن كحكومة لا نريد حرمانهم من هذه الخصوصية، بل نسعى إلى التوفير في هذا الموضوع، إن كان بالنسبة إلى الدواء أو الاستشفاء أو العديد من الأمور الأخرى.

لكن لا يفكرن أحد في أي إدارة أو جهة في الدولة أننا نسعى إلى سحب هذه الخصوصية من أي فريق في الدولة.

ففي النهاية كل هذه القطاعات، سواء في القضاء أو الجيش أو قوى الأمن أو الأمن العام أو غيرها، هي في خدمة الشعب، ونحن جميعنا في خدمة الشعب.

لذلك نحن علينا أن نقدم للشعب هذه الخدمة بأوفر طريقة ممكنة.

فلا يزايدن أحد في هذا الموضوع أو يصور وكأننا نريد أن نأخذ أي أمر من أحد.

نحن نسعى إلى إنصاف الجميع وإعطائهم ما يستحقونه، فقد نعطي أكثر.

نحن كحكومة سندرس هذا الأمر في مهلة عام، لكي نرى إن كان ذلك سيؤدي إلى التوفير.

قد نجد في نهاية هذه الدراسة أن الأمر لن يؤدي إلى أي وفر وندع الأمور على ما هي عليه.

هناك محاولة لتصوير الأمر وكأننا نريد أن ننتزع بعض الأمور، وهذا غير صحيح.

فعلى سبيل المثال، الجيش اللبناني يوفر بالدواء ما بين 30 و40%، في حين أن هناك صناديق أخرى تشتري نفس الدواء بكلفة أعلى.

كما أني أود أن أشدد على أن أي أمر سندرسه في أي خصوصية للقضاء أو الأساتذة أو أي صندوق تعاضد، سيكون بالتوافق مع هذه القطاعات، ولن تأخذ الحكومة أي قرار منفردة وتجبر الآخرين عليه، وليكن هذا الأمر واضحًا.

اخترنا لك