«أنا_أيضاً» أو «Metoo»، مجرد هاشتاج هزّ العالم. مع انطلاقه في تشرين الأول من العام 2017 على وسائل التواصل الاجتماعي هوت عروش متحرّشين لطالما تلذّذوا من عليائها بإساءة معاملة نساء كثر وإهانتهنّ، ومنهم منتج أفلام هوليوود البارز هارفي واينستين. وكبرت هالة الهاشتاج هذا، فصار له مرادف في عشرات اللغات والبلدان حيث شكّل فسحة فجّرت فيها النساء ومنهنّ الشهيرات والنجمات فضائح تعرّضهن للانتهاكات الجنسية، على يد الذكور النافذين في مجال العمل، ما فجّر سمعة ومقام هؤلاء.
نجح هذا الوسم بخرق المحظورات والانتشار بكثافة ناشراً غسيل كل رجل طاولته نفسه عبر السنوات باستخدام نفوذه للاعتداء جسدياً وجنسياً على النساء.
هي لطالما خافت من أن تفضح أمره مثقلةً بكل التابوهات التي يراكمها المجتمع ليبنيها سياجاً يحمي فيه ذكوره من تداعيات جرائمهم، ملقياً باللوم على الضحيّة.
ولكن مع بروز هاشتاغ «أنا_أيضاً»، تشجّعت، فاختبأت وراء شاشة هاتفها لترمي قنابلها بوجه مَن لطّخ حرّيتها بتقبيلها عنوةً، ووضع يديه على جسدها، وإمطارها برسائل إلكترونية جنسية، وابتزازها من خلال تهديدها بمنصبها المهني، وتحجيمها وصولاً إلى ترهيبها… إن لم تخضع له وتشبع رغباته المقيتة.
نعم فالمتحرّش ليس زيرَ نساء تتكسّر أمامه قلوبهن، وتحرّشاته القذرة ليست إطراءً ولا تعبيراً عن الإعجاب بل عن عنف واعتداء على كرامة وحرّية الأفراد.
نجاح مستفزّ
يبدو أنّ نجاح حملة «أنا_أيضاً» ودفعها رجالاً كثراً من حول العالم إلى ترك وظائفهم والمثول أمام القضاء متّهمين بالتحرّش وحتّى الاغتصاب استفزّ بعض النساء فقرّرن الدفاع عن الجناة!!
هؤلاء ممثلات وأكاديميات وكاتبات فرنسيات كتبن رسالةً مفتوحة في صحيفة «لو موند» الفرنسيّة، أكدن فيها أنّ رجالاً «عوقبوا بدون محاكمة وأُجبروا على ترك وظائفهم وهم لم يفعلوا شيئاً سوى لمس ركبة شخص ما أو محاولة اختلاس قبلة».
وأوضحت الرسالة التي كتبتها ووقّعتها 100 امرأة بينهن الممثلة كاترين دونوف أنّ «الاغتصاب جريمة، لكنّ محاولة إغواء شخص ما حتى بشكل مستمر أو علني، ليست جريمة، ولا يجب أن يتعرّض الرجال جرّاءَها لهجوم متعصّب».
الردّ السريع
لم يمرّ وقت طويل حتى أثارت هذه الرسالة موجات غضب حول العالم، وردّت عليها مدافعات عن حقوق النساء في فرنسا، فشبّهن مَن وقّعها بعمّ مُتعِب لا يفهم ماذا يحصل.
واعتبر بيان الردّ على هذه الرسالة أنه في كل مرّة تتقدّم فيها حقوق النساء وتصحو الضمائر تطلّ المعارضة، وغالباً ما تأخذ شكل «نعم طبعاً ولكن…». وأوضح الردّ أنّ «الموقِّعين على الرسالة يخلطون عمداً علاقة الإغراء المبنيّة على أساس الاحترام والمتعة، بالعنف، خصوصاً أنهم يسوّقون فكرة أنّ التحرّش أو الاعتداء الجنسي هو «إغواءٌ متمادٍ»، غير خطير».
وأضاف الردّ: «أنّ الموقّعين يخطئون، لأنّ الفارق بين الإغراء والمضايقة ليس في زيادة درجة محاولات الإغواء ما يحوّلها إلى مضايقات إنما الاختلاف في الطبيعة، خصوصاً أنّ العنف ليس رديفاً لـ «زيادة الإغواء». ففي حالات التحرّش يبرز الآخر، كشيء تحت تصرّف المتحرّش، الذي لا يولي أيَّ اهتمامٍ لرغباته أو موافقته، بينما يجب اعتبارُ الآخر متساوياً واحترام رغباته، مهما كانت.
سابين الحاج