بالأمس القريب، شكّلت أزمة القروض السكنيّة ضربة قويّة للقطاع العقاري، وقاضية للشباب الذين كانوا يتطلّعون بإيجابيّة الى المُستقبل، وينتظرون حلولاً تيسّر أكثر عمليّة شراء الشقق وتخفّف من شروط “الاستدانة” المُعقّدة، قبل أن يستيقظوا على اجراءات اكثر تشدّداً وتدميراً لكلّ ذرّة تفاؤل كانت تبقي اللبناني في أرضه.
وبينما “يُحرم” على اللبنانيّ تملّك شقّة في الأراضي اللبنانيّة، ويغرق في التعقيدات والعراقيل التي تدفعه الى حجز تذكرة سفر بحثاً عن وطن يعيش فيه بكرامة وراحة وبحبوحة وتحت سقف يأويه، ها هي الإقامة تُمنح للأجنبي وعائلته في حال تملّكه شقّة سكنيّة في لبنان، مقابل مبلغ ماليّ عاديّ جدّاً مقارنة مع اصحاب الثروات، عملاً بالمادة خمسين من قانون موازنة 2018.
وبعد صرخة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رفع رئيس حزب الكتائب اللبنانيّة النائب سامي الجميل الصوت عالياً واضعاً ما حصل في اطار المخالفة الدستوريّة والتوطين المُبطن مع وجود اكثر من مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان. وأبقى على معارضته على الرغم من تعليق المادة السّابق ذكرها واستبدالها بالمادة 49 التي تتحدّث عن الإقامة المؤقّتة، مُناشداً رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ردّ قانون الموازنة.
الجميّل يعتبر أنّ “السّلطة مُصمّمة على تشويه الحقائق والوقائع، وتمرير المواد والبنود من دون مناقشتها بالشكل المطلوب، وهذا ما حصل لناحية المادة 50 التي اصبحت 49 من دون أن يعاد التصويت بشأنها والتي تحكي عن الاقامة المؤقّتة “كتابةً” وبمجرّد تفنيدها والغوص في مضامينها نجد بأنها دائمة وأبديّة”.
ويلفت الجميّل، في لقاء مع الاعلاميّين، الى أنّ “التنشيط والتشجيع العقاري يكون بتسيير القروض لا ايقافها وتصعيد شروطها، ومن خلال تأمين فرص عمل للشباب وليس عبر تغيير هويّة البلد”.
ويرى أنّ “الحلّ يكمن في سدّ مزاريب العجز، أهمّها المصاريف التشغيليّة للدولة وضمنها الرواتب التي تشكّل تقريباً نصف الموازنة، بغية تنظيف الإدارة من الوظائف الوهميّة، بالاضافة الى العجز الناجم عن أزمة الكهرباء وطريقة ادراتها، وصولاً الى التهرّب الضريبي وغيرها الكثير، التي تدخل في اطار الهدر والفساد”.
وفي حين اعتبر رئيس “الكتائب” أنّ “القطاع المصرفي هو الوحيد الذي يحقّق الارباح بين القطاعات كافةً سواء السياحيّة او الزراعيّة والصناعيّة، قال في موقف لافت “لست مقتنعاً بأداء البنك المركزي، وكلّ ما يفعله، ومع ذلك أجد بأنّه يبحث عن أي طريقة لتخفيف العجز الذي تتحمّل الحكومة مسؤوليّته بالدرجة الأولى من خلال الهدر والفساد المستشري وسوء الادارة. كما أنّي غير مُقتنع بالهندسات الماليّة وتصرفات بعض المصارف وكيفيّة تعاطيها بالشأن الانتخابيّ”.
وكشف الجميّل في هذا السّياق عن أنّ “هناك مصارف لبنانيّة تقوم بتمويل الانتخابات، ولا سيّما لصالح جهّات رسميّة مُشاركة في هذا الإستحقاق، مع وجود علامات استفهام كثيرة ستُثار كلّها في وقت لاحق”.
وعلى صعيد ملف اللاجئين، رأى ان “المطلوب تكثيف الاتصالات مع الدول لتقلصين عدد السّوريين، واعتماد مخيمات على الحدود مع وضع الضوابط المطلوبة وتأمين المستلزمات الحياتيّة، وضرورة الفصل بين اللاجئ السياسيّ والاقتصادي. فالأوّل واجب استقباله وحمايته عملاً بشرعة حقوق الانسان التي لم تفرض الامر نفسه على اللاجئ الاقتصادي”.
وتطرّق الجميّل الى ملفّ الكهرباء والبواخر، مُحذّراً مجلس الوزراء من أنّ أيّ اقرار لبند البواخر بالتراضي، سيواجه في الشّارع وبكلّ قوّة.
ريتا الجمّال