كما في حادثة “قبرشمون” كذلك في الجرائم الأخرى التي تُرتكب على الأراضي اللبنانيّة، يرعى قانون أصول المحاكمات الجزائية إجراءات التحقيق والتوقيف الاحتياطي، ويعدّ ملزمًا على من اوكل من القضاة تطبيقه، والا اعتبرت مخالفته جرماً يعاقب عليه مسلكيّاً وجزائيّاً.
بعد 17 يوماً على حادثة “قبرشمون” وحتى يومنا هذا، لم تُنظّم أية “ورقة طلب” لـ “قاضي التحقيق الاول” بغية ملاحقة المشتبه بهم والتحقيق معهم وفق المواد القانونيّة التي تنطبق على الجرائم التي ارتكبت في تجاوز للمواد 42 و47 و48 و107 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة لجهة الاستمرار بتوقيف مشتبه بهم دون وجه حق.
وتنص المادة 42 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، على أنّه “إذا كانت الجريمة المشهودة من نوع الجناية، وكانت ضرورات التحقيق تستلزم الابقاء على المشتبه فيه محتجزا مدّة اطول، فإنّ تمديد المهلة حتى اربعة ايام على الاكثر يتم بقرار خطي معلل من النائب العام الاستئنافي الذي يصدره بعد اطلاعه على الملف وتثبته من مبررات التمديد…”.
ويفترض على النائب العام إحالة التحقيقات الاولية بعد تنظيم ورقة الطلب، الى قاضي التحقيق الاول صاحب الاختصاص دون إبطاء ليتمكّن هذا الاخير من استجواب المدعى عليهم وإصدار مذكرات توقيف بحقهم كي يبقى توقيفهم قانونياً.
ويبرز هنا الانتقاص من دور قضاة التحقيق المناط بهم وضع خطة تكشف تفاصيل الجريمة بينما الحاصل اليوم هو إحالة الملف الى شعبة المعلومات التي استفاضت في تحقيق كان من المفترض ان يقوم به قاضي التحقيق الاول صاحب الاختصاص.
وهذا ما يعني، أنّ استمرار توقيف المشتبه بهم في حادثة “قبرشمون” بالشكل الحاصل دون مذكرة توقيف صادرة عن قاضي تحقيق يصبح غير قانوني، لاسيما وان استمرار التوقيف يتم بمذكرة توقيف وجاهية بناءً لورقة الطلب المنظمة من النائب العام. فلا النائب العام قد احال ملف “قبرشمون” الى قاضي التحقيق الاول المختص ولم يصدر بالتالي أي مذكرة توقيف بحقهم.
فماذا ينتظر المدعي العام التمييزي بالانابة القاضي عماد قبلان امام كم المخالفات الحاصلة؟ وكيف يفسّر استمرار توقيف مشتبه بهم لم يتم الادعاء عليهم بعد ووفقاً لأي مذكرة وأي قانون؟ لاسيما وان ذلك يعتبر وفقاً لمنطوق المادة 107 حجز لحرية غير مبرّر وتوقيفاً تعسفيّاً.
وفقًا لهذه الوقائع، وحتى اليوم، لم يعرف الشعب اللبناني بعد ما هو التوصيف القانوني لمرتكبي جرائم حادثة “قبرشمون”.
ومن الأسئلة التي تطرح في هكذا قضيّة، هل أنّ تلك حادثة كانت تستهدف إثارة حرب أهليّة؟ وهل هناك من حضّ اللبنانيين في تلك الحادثة على قتل بعضهم؟ وهل أنّ الدافع كان سياسيّاً؟ هل الهدف هو حصول فتنة؟ أم هل أنّ ما حصل قد نال من هيبة الدولة؟
كذلك، هل أنّ هذا الاعتداء نال من الوحدة الوطنية؟ وهل هناك من يحضّ على النزاع بين الطوائف اللبنانيّة أو يقصد إثارة النعرات الطائفيّة؟
أخيراً، يأتي السّؤال الأهم:”هل ينتظر مدعي عام التمييز القرار السياسي لإحالة الملف الى المجلس العدلي فيما يمكنه الطلب من النيابة العامة الادعاء والسير بالملف بالطرق القانونية الملزمة والموجبة إحقاقاً للحقّ والعدالة؟”.