ماذا خلف تهديد ميقاتي الجنوني ؟

أصبح لبنان يئنّ من عبء النزوح بكافة أشكاله

فُوجِئ اللبنانيّون اليوم بالمَوقف العلني الأوّل لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي حَمل تهديداً مُباشِراً من خلال دعوة المُجتمع الدولي إلى التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم وإلّا فسيكون للبنان موقف ليس مستحبّاً على دول الغرب وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطّرق القانونيّة من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم.

وإن كان سبقه البطريرك الماروني في عظة الأحد مار بشارة بطرس الراعي الذي طالب الأسرة الدوليّة بإيجاد حلّ نهائيّ لوجود اللاجئين ، مُنتقداً “منطق جعلهم واقعاً باتجاه التوطين”، داعياً “للتصدّي له لإنقاذ لبنان”.

هذا السقف العالي للرئيس ميقاتي قد يكون له ثمّة دوافع ترتبط بالتوقيت لهذه الدعوة فهَل هو في إطار حثّ الأمم المتحدة لإغاثة لبنان في ظلّ الظروف الإقتصاديّة الصعبة؟

وفي هذا الإطار يؤكّد النائب في كتلة الرئيس نجيب ميقاتي في البرلمان السابق علي دوريش، أنّ “هذه الصرخة لا تقتصر على الرئيس ميقاتي فكل الوزارات أكّدت أنّ لبنان لا يستطيع أنْ يستمرّ، لذلك يضع الرئيس ميقاتي الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها.

ويقول: “لبنان قام بواجبه كاملاً وهو هُنا لا يبتزّ أحداً بل يدق ناقوس الخطر ليرفع المجتمع الدولي من منسوب الدعم، وطالما أنّ سوريا باتت بلداً آمنا فهُناك علامات إستفهام تُحيط بموضوع عدم حث اللاجئين على العودة إلى ديارهم، لا سيّما أنّ الظروف الحالية تُهدّد المحافظة على الصيغة الإنسانية للتعامل مع اللاجئين”.

ولا يَربط هذه “الدعوة بالوضع الأمني المُتفلت، فهذا التفلت مردّه إلى الوضع الإقتصادي العامّ، وحول إرتباطه بموضوع ترسيم الحدود على مشارف جواب الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين عن عرض لبنان، رغم تأكيده أنهما ملفان مُنفصلان مبدئياً، لكن البعض قد يذهب بالتحليل إلى أنّ رفع السقف قد يرتبط بتحسين ظروف التفاوض”.

وعن إرتباط هذا الموقف على مشارف الإستشارات يستبعد ذلك، ويؤكّد أنّ “هذه الدعوة تأتي نتيجة لتفاقم الأزمة فكيف لدولة لا تستطيع تأمين إحتياجات رعاياها تستطيع أن تُغطي متطلبات النزوح”.

وأكّد أنّ “الحكومة بعد التشكيل عليها حلّ هذا الموضوع في إطاره الطبيعي بعد الإشارات من الدولة السورية أنها مستعدة للتعاون بهذا الملف”.

ولكن هناك رأي آخر يُعبّر عنه عميد الاعلام في الحزب السوري القومي الإجتماعي فراس الشوفي “فلو كان الرئيس ميقاتي جديّاً بدعوته فليتوجّه فوراً إلى دمشق ويطلب التنسيق والتعاون معها من أجل إعادة اللاجئين”.

ويؤكّد أنّه “لا يمكن التعويل على قرار دولي لإعادة النازحين لأنّ المشروع الدولي يقوم على توطين هؤلاء في لبنان”، مشيراً إلى “عدم جديّة القوى الخارجية في موضوع إعادة النازحين والدليل أنها لا تفتح خطوط التواصل السياسي مع سوريا للمساعدة على هذا الموضوع، وبدل أنْ تدفع لهم الأموال في لبنان لتدفع هذه الأموال وتُساعدهم في بلدهم”.

ولكنها على العكس، كما يقول الشوفي: “تعمل على تهجير ذوي الخبرة والكفاءة من علماء وإختصاصيين سوريين فقط إلى أوروبا لتفريغ سوريا من الطاقات”.

ويلفت إلى الأمر الأخطر وهو إستثمار البعض الخارجي لإستثمار الأموال في الداخل اللبناني على أجهزة لتمنع النازحين من العودة، فالأحرى بهؤلاء إستثمار هذه الأموال لإعادة النازحين إلى بلادهم.

ويرفض “ربط التفلت الأمني بالوجود السوري حصراً لأن معظم الاجهزة الامنية تملك وثائق تؤكد ترؤس لبنانيين لهذه العصابات”.

كما أنّه لا “يُحمّل الدعوة أبعاداً إقليمية تتعلّق بالترسيم أو داخليّة تتعلّق بإستحقاق رئاسة الحكومة”.

فبعد دعوات رئاسة الجمهورية سابقاً لعودة النازحين ودخول البطريرك الماروني امس على خط المطالبة، وموقف الرئيس ميقاتي اليوم، وبالتزامن مع الدعوة لعفو عام جديد في سوريا هل ترتَسم ملامح تسويّة لعودة النازحين بعد أنّ أصبح لبنان يئنّ من عبء النزوح بكافة أشكاله؟”.

اخترنا لك