نعيم برجاوي – الأناضول
المهندس اللبناني زياد أبي شاكر اختار أن يحول “النقمة إلى نعمة” من خلال تدوير النفايات، وتحويلها إلى هياكل صلبة تستخدم قواعد لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، وأغطية لمياه تصريف الأمطار.
في لبنان الذي يعاني أزمة نفايات منذ عام 2015، لم يتخل أبي شاكر عن حلمه بأن يصل بلده إلى “صفر نفايات” من خلال إعادة التدوير واستخدام القمامة في مجال الصناعات.
** تفشي المكبات العشوائية
يوجد في لبنان حوالي ألف مكب عشوائي للنفايات، بحسب تقرير أصدرته وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مطلع 2022، وقدر كلفة التدهور البيئي في البلاد بأكثر من 2.3 مليار دولار سنوياً.
وقال المهندس اللبناني إنه يعتبر المواد البلاستيكية ذات قيمة اقتصادية لأنها تصمد طويلاً ولا تتأثر بالعوامل الطبيعية، لذلك يسعى إلى استخدامها في الصناعات بدلاً من الحديد والخشب، ومن هنا بدأت الفكرة.
وأضاف، في حديث للأناضول، أن مادة البلاستيك الموجودة في النفايات عادة يتم التخلص منها إما برميها في المكبات أو طمرها أو حرقها مسببة التلوث، “لذلك قررت أن أستخدمها في الصناعات المحلية”.
** معالجة مليون حقيبة نفايات شهريا
في مصنعه بمحافظة “جبل لبنان” (وسط)، يستقبل أبي شاكر وفريق عمله المؤلف من 42 عاملاً، حوالي 500 كيلوغرام من نفايات البلاستيك يومياً، ما مقداره مليون حقيبة بما تحويه من نفايات، حيث يتم طحنها ثم يعاد تشكيلها مادة صلبة.
العديد من البلديات تُصدر إلى مصنع شاكر هذه المواد البلاستيكية بعدما تقوم بفرزها عن النفايات العضوية الأخرى، لذلك يشجع المهندس اللبناني كل بلديات لبنان القيام بفرز النفايات “كونها أفضل طريقة لمعالجتها”.
** هياكل صلبة لألواح الطاقة الشمسية
وقال أبي شاكر: “بدأت الفكرة بالأساس بأن يتم تحويل هذه المواد إلى أحواض صلبة تستخدم للزراعة العمودية، لكن الأفكار تطورت والآن نقوم بتصنيع هياكل صلبة تستخدم لتركيب ألواح الطاقة الشمسية عليها، وفق أبي شاكر”.
وأضاف أن “معظم الناس تقوم في هذه الفترة بتركيب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح الأبنية، لذلك قمنا بدراسة، تبين لنا من خلالها أن سعر الهيكل الحديدي باهظ جدا، لذلك بدأنا بتصنيعها من خلال إعادة تدوير البلاستيك”.
ولفت أن “البلاستيك يصمد لفترة أطول ولا يتأثر بالعوامل الطبيعية التي يتأثر بها الحديد، لذلك فإن هذا النوع من الصناعة لقي نجاحاً كبيراً والناس تطلب المزيد منها”.
ويلقى تركيب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح الأبنية السكنية في لبنان رواجا كبيرا، في ظل شبه انعدام التيار الكهربائي بسبب توقف معظم معامل الطاقة منذ أكثر من عام ونصف، بسبب شح الوقود المخصص لذلك.
ويعد شح الوقود في لبنان أحد أبرز تداعيات أزمة اقتصادية طاحنة تشهدها البلاد منذ نحو 3 أعوام، حيث أدت الى انهيار مالي ومعيشي، وعدم وفرة النقد الأجنبي المخصص للاستيراد.
** أغطية لتصريف مياه الأمطار
بحسب أبي شاكر، من بين الصناعات الأخرى التي لاقت رواجاً كبيراً، أغطية تصريف مياه الأمطار، بعدما تعرضت الأغطية الحديدية للسرقة بشكل كبير في الفترة الماضية.
وتمكن المهندس اللبناني من استخدام البلاستيك المُعاد تدويره في تصنيع أغطية مماثلة لسد الفتحات الناتجة عن سرقة الأغطية الحديدية على جانبي الطرقات والتي سببت بوقوع عدة حوادث للمركبات والمارة.
ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية في لبنان، تفشت ظاهرة سرقة أغطية الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار من شوارع العاصمة بيروت وضواحيها، بغرض بيعها حديدا.
** فرز النفايات
وحث أبي شاكر جميع البلديات على إنشاء مراكز لفرز النفايات وتشجيع المواطنين على ذلك في منازلهم، لأن هذه المواد لها قيمة اقتصادية قادرة على توفير فرص عمل وحل مشكلة النفايات في لبنان.
وأردف: “هذه الخطة يجب أن تتبع لحل مشكلة النفايات في لبنان، بدلاً من وجود مكبات عشوائية، يجب أن تنشأ مكانها معامل فرز، ما يسهل تحويل المواد العضوية إلى سماد زراعي، وإعادة تصنيع المواد القابلة للتدوير”.
وفي 2017، قال تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، إن حرق نفايات المكبات العشوائية بلبنان يسبب مشاكل صحية على المديين القصير والطويل، ويعرض الأطفال وكبار السن للخطر أكثر من غيرهم.
يحاول أبي شاكر من خلال “صناعاته” من النفايات، أن يبرهن للمسؤولين اللبنانيين وعامة الشعب بأن معالجة النفايات ممكنة، لا بل إنها قيمة اقتصادية للاستفادة منها وتوفير فرص عمل.
ووفقه، يوجد في لبنان بين 20 و25 مركزا لفرز النفايات، وهو عدد ضئيل جداً.
واستطرد: “يجب أنه يكون هناك ما بين 100 إلى 150 معمل فرز، ونحو 40 مصنعاً لتدوير البلاستيك وإعادة تصنيعه”.