“الفيل” يُزلزل الولايات المتأرجحة ويسحق “الحمار” !
جسّد الرئيس الجمهوري المُنتخب دونالد ترامب بانتصاره التاريخي على غريمته الديمقراطية كامالا هاريس، قصص «البطل الأميركي» الخارق الذي يعود لينتفض من جديد وينتصر على «أعدائه» رغم كلّ المحن التي تلمّ به. فقد تخلّلت الحملة الرئاسية الثالثة لـ «ساحر المحافظين» محاولتا اغتيال وأربع لوائح اتهام وإدانة جنائية، وقد نجا ترامب جسديّاً وسياسيّاً منها كلّها ليظفر في نهاية المطاف بالرئاسة بغالبية شعبية هائلة زادت من وهج فوزه بتخطّي العدد اللازم من كبار الناخبين لتتويجه رئيساً للولايات المتحدة وقائداً لـ «العالم الحرّ».
وبعد سنتَين من انتخابات نصفيّة خيّبت آمال الجمهوريين ودفنت أحلامهم بـ»موجة حمراء» كبيرة، تمكّن «حزب الفيل» هذه المرّة من سحق «حزب الحمار» وإحداث «زلزال انتخابيّ» بدرجات مدوّية ضرب الولايات المتأرجحة السبع وصبغها باللون الأحمر، علماً أنّه حتّى كتابة هذه السطور كانت النتيجة قد حُسمت لمصلحة ترامب في ولايات جورجيا ونورث كارولاينا وبنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، بينما لم تُحسم بعد في أريزونا ونيفادا، علماً أن ترامب متقدّم فيهما أيضاً.
وبذلك أصبح ترامب ثاني رئيس سابق يفوز بولايتَين غير متتاليتَين، بعد غروفر كليفلاند الذي قاد البلاد بين عامَي 1885 و1889، ثمّ بين عامَي 1893 و1897. واستطاع ترامب خلال حملته كسب ثقة الناخبين، خصوصاً في الملف الاقتصادي، فضلاً عن تعهّداته بمكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة، وصون القيم المسيحية المحافظة ووقف الحروب حول العالم. لقد حاسب المقترعون إدارة بايدن – هاريس على غلاء المعيشة وأسعار الوقود والمنازل المرتفعة، وأرادوا طيّ صفحة العهد الحالي وإعادة تجديد الثقة بترامب لقيادة أميركا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.
وفيما حصد ترامب أصوات غالبية البيض، كما هي العادة، تقدّم كذلك جزئيّاً عبر كسب أصوات المزيد من الناخبين السود والمتحدّرين من أصول لاتينية. وفاز ترامب بأصوات 45 في المئة من الناخبين اللاتينيين و12 في المئة من السود، بحسب استطلاع أجرته «أن بي سي نيوز» لدى الخروج من مراكز الاقتراع، مقارنةً مع فوزه بأصوات 32 في المئة من اللاتينيين وثمانية في المئة من السود عام 2020.
وكان لافتاً التحوّل من الزاوية الجندرية، إذ صوّت غالبية الرجال اللاتينيين و20 في المئة من الرجال السود لمصلحة ترامب هذه المرّة، وفق الاستطلاع ذاته. وفي مؤشّر إلى ارتفاع التأييد الذي يحظى به في أوساط اللاتينيين تحديداً، أصبح ترامب أوّل جمهوري يفوز في مقاطعة ميامي – داد منذ العام 1988 والأوّل منذ القرن التاسع عشر الذي يفوز في مقاطعة ستار عند الحدود مع المكسيك في تكساس، ما يوسّع دائرة نفوذ الجمهوريين في أنحاء البلاد كافة.
وكان ترامب قد فاز بعدد 292 من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 224 صوتاً لهاريس، حتّى كتابة هذه السطور، في حين كان معبّراً للغاية التقدّم الذي أحرزه ترامب على هاريس بنحو خمسة ملايين صوت بقياس التصويت الشعبي. وقال ترامب لأنصاره في مركز مؤتمرات مقاطعة بالم بيتش في فلوريدا خلال خطاب النصر: «منحتنا أميركا تفويضاً قويّاً وغير مسبوق»، حاضاً الأميركيين على وضع «الانقسامات التي حدثت في السنوات الأربع الماضية وراءنا».
وفي وقت لاحق، اتصلت هاريس بترامب لتهنئته على فوزه وناقشت «أهمّية الانتقال السلمي للسلطة وأن يكون رئيساً لجميع الأميركيين»، فيما تحدّث الرئيس جو بايدن مع ترامب ودعاه إلى لقاء في البيت الأبيض في موعد محدّد في المستقبل القريب، معرباً عن التزامه بضمان انتقال سلس للسلطة. وتلقى الرئيس المُنتخب سيلاً من الاتصالات والتهاني من قادة ومسؤولين من حول العالم.
وبالإضافة إلى الفوز الرئاسي، سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ بعدما حقّقوا انتصارات في ولايات مونتانا وأوهايو ووست فرجينيا، ما يضمن سيطرتهم على مجلس واحد على الأقلّ من مجلسَي الكونغرس في العام المقبل. ويتّجه الجمهوريون لتحقيق غالبية بواقع 52 مقعداً على الأقلّ في «الشيوخ» من أصل 100، فيما يتقدّمون في مجلس النواب بواقع 207 مقابل 188 للديمقراطيين من أصل 435 مقعداً، وقد يكونون في طريقهم للسيطرة على كامل الكونغرس عند استكمال الفرز.
وضمنت النتائج أن الجمهوريين في «الشيوخ» سيكونون قادرين على مساعدة ترامب في تعيين القضاة المحافظين وغيرهم من الموظّفين الحكوميين. وإذا هيمن «حزب الفيل» في نهاية المطاف على «النواب»، فسيكونون في وضع يسمح لهم بفرض الخطط ومساعدة ترامب على الوفاء بوعده بخفض الضرائب وتقييد الهجرة، أقلّه لمدّة عامَين حتّى انتخابات التجديد النصفي عام 2026.