كتب وفيق الهواري
من المشكلات الأساسية التي يعاني منها النازحون في عاصمة الجنوب صيدا المشكلات الصحية، لاسيما عدم توفر الأدوية للمصابين بأمراض مزمنة الى جانب مشكلة الاستشفاء في المؤسسات الطبية العامة.
تعتمد وزارة الصحة العامة في خطة عملها في صيدا على مراكز الرعاية الصحية الأساسية الموجودة في المدينة وهي: مؤسسة الحريري، مؤسسة معروف سعد، جمعية المواساة، جمعية كاريتاس ومؤسسة عامل. لكل مركز فريقه الطبي الذي يضم طبيب صحة عامة، قابلة قانونية، عامل صحي واجتماعي، واحياناً فريق دعم نفس اجتماعي. تؤمن الوزارة لهذه المراكز الدعم من منظمات دولية، وتقدم خدماتها للنازحين في مراكز الايواء، ويمكن القول ان مراكز الرعاية الأولية تؤمن الموارد البشرية والباقي تؤمنه الوزارة عبر المنظمات الدولية.
6 أشهر
يوضح مصدر متابع في وزارة الصحة “أن الوزارة قدمت للمراكز المعنية حصص اضافية من الادوية اليومية الحادة وهي تكفي المراكز ستة أشهر اضافية مع الكمية المعتادة. كما امّنت الوزارة أدوية للأمراض المزمنة ومعظمها أدوية بديلة. ومنحت لقاحات مجانية لمراكز الرعاية ولجميع المستوصفات وتم ايصالها وفق طرق تحافظ على مفعولها”.
حول الخطوات القادمة، يشير المصدر الى أن الوزارة “ستنظم حملة وطنية للقاح ضد شلل الاطفال والحصبة، كما ستؤمن كمية من حليب الأطفال ستوزع على مراكز الايواء. وهناك توجه لتنظيم زيارات لعيادات نقالة لخدمة المقيمين في المنازل وذلك بالتعاون مع فريق طبي ومع المستوصفات الموجودة”.
يبين تقرير معد من قبل خلية الأزمة في بلدية صيدا عن مسؤوليات مراكز الرعاية الصحية الأولية في المدينة أن مؤسسة عامل تتحمل مسؤولية خمسة مراكز ايواء، ومركز الحريري ستة مراكز ايواء، ومركز معروف سعد خمسة مراكز ايواء، ومركز د. نزيه البزري اربعة مراكز ايواء، ومركز المهدي مركزان، ومركز الثقة بالتطور مركز واحد. يحدد التقرير مهام العيادات النقّالة وشروطها وكيفية صرف الادوية، كما يحدد كيفية استفادة النازحين المقيمين خارج مراكز الايواء.
نقص حاد
أما بالعودة الى التقارير الميدانية المنجزة عن مراكز الايواء، يلاحظ أن معظمها يعاني نقصاً بالأدوية العادية التي تحاول الجمعيات المشرفة على المراكز تأمينها عبر مبادرات فردية، كما أن معظمها يعاني نقصاً بأدوية الأمراض المزمنة. عند مراجعة إدارات عدد من المراكز حول هذا الأمر، يتبين أن هناك عدداً من النازحين لم يكن يستفيد من أدوية الأمراض المزمنة، وأن أسماؤهم غير مسجلة أصلا في الوزارة، وبالتالي عند الكشف الصحي عليهم من الفريق الطبي يقدم الفريق الطبي المعلومات المطلوبة كي يتم تسجيلهم في الوزارة، ولدى المنظمات الدولية التي تقدم دعماً في هذا المجال.
يضاف إلى ذلك هو عدم توفر جميع أنواع أدوية الأمراض المزمنة. فمثلا أحد المرضى الذي يستفيد من أدوية الأمراض المزمنة بحاجة الى 7 أنواع من الادوية، لكن مراكز الرعاية الصحية تؤمن له 4 أنواع فقط وعليه شراء او تأمين الباقي.
هذا الواقع ينقل للحديث عن النقص الحاد في أدوية الأمراض المزمنة، وهي أدوية باهظة الثمن تجعل المرضى عاجزين في ظل الظروف الراهنة عن تأمينها، فيلجؤون الى مبادرات فردية أو عبر جمعيات تؤمنها من خلال التبرعات.
الاستشفاء العام
يقول مصدر مطلع في وزارة الصحة أن الدولة اللبنانية تحمّلت كلفة الاستشفاء لنحو 13 الف جريح منذ 8 تشرين الأول 2023 في جميع المستشفيات العامة والخاصة.
وعند السؤال عن وضع الاستشفاء العام في صيدا حالياً وخصوصاً بما يتعلق بالنازحين، يكون الصمت مع ابتسامة عريضة واعتذار هو الجواب.
في صيدا مستشفيان يتوليان الاستشفاء العام، الأول، هو المستشفى التركي، وهو المستشفى الذي مّر على انجازه 14 عاماً وما يزال في طور التحضير للعمل كمستشفى، ويقدم حالياً بعض الخدمات الصحية للجميع، كتأمين الأدوية لمرضى السرطان المسجلين في الوزارة، من أي منطقة كانوا، أما المرضى غير المسجلين سابقاً فيجري تسجيلهم وفق الآلية الادارية المعتمدة.
وبخصوص عدم تأمين الوزارة لبعض أنواع من الادوية فان ادارة المستشفى تسعى لتأمينها بأسعار مدعومة، اما من هو بحاجة الى علاج كيميائي فعليه دفع فروقات 20% من كلفة العلاج وهذا ما يحصل مع الجميع، نازحاً كان أم مقيماً ويشمل ذلك اعمال المختبر والأشعة.
أما المستشفى الحكومي في صيدا، وهو الذي يقدم الخدمات في مجال الطوارئ والاستشفاء، فهناك كلام عن اتفاق حصل مع ادارة المستشفى تضمن التالي:
١-غسيل الكلى: مغطى بالكامل من الوزارة.
٢-الولادات: مغطى بالكامل.
٣-جرحى الحرب: تغطية كاملة على أن يتم التأكد من سبب الإصابة.
٤- دخول المستشفى للأطفال حتى سن 16 عاماً: تغطية كاملة.
٥- دخول المستشفى للكبار تغطية كاملة والفروقات تدفعها جمعيات دولية في حالات معينة.
٦-العناية المركزة للكبار مع جهاز تنفس. تغطية كاملة.
٧-حالات الطوارئ تغطية كاملة حتى عمر 24 عاما لمبلغ أقصاه 140$. وتغطية حالات طوارئي من مؤسسة الحريري لمبلغ أقصاه 100$.
لكن بعد التدقيق مع جهات متابعة ومعنية تبين أن البنود ٤، ٦، ٧ غير نافذة، إلا أن مؤسسة الحريري تغطي بعض الحالات بعد دراسة وضع المريض. كما ينص الاتفاق على أن تغطية فروقات وزارة الصحة تعتمد على موافقة الجمعيات الدولية والمؤسسات المانحة. كما أن الحديث النظري شيء والعملي شيء آخر.
في 15 تشرين الأول 2024 نشر تقرير عن حادث تعرض له أحد النازحين في مركز إيواء نقل على أثره الى المستشفى الحكومي، حيث أصّر أحد الأطباء على قبض مبلغ من المال قبل إجراء العملية، وبعد انتشار الخبري وتدخل أحد مستشاري وزير الصحة للاستفسار عن الموضوع، الا أنه لم يحصل شيء في الموضوع. وفي عدد من التقارير المنشورة حول مراكز الايواء، أبدى عدد من المشرفين تذمرهم من معاملة ادارة المستشفى للنازحين، وطلبها منهم دفع مبالغ مالية مسبقا قبل إجراء أية عملية.
نماذج كثيرة عن ممارسات تقوم بها ادارة مستشفى عام مع النازحين من الجنوب.
وهنا يبرز سؤال الوزارة المعنية: ماذا عن اليوم التالي، صحيا؟