عودة النازحين إلى قرى وبلدات النزوح بعد وقف إطلاق النار
فرحة ممزوجة بالحزن والألم والتقرب... ماذا بعد ؟
بقلم رياض عيسى
بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ستشهد القرى الجنوبية والبقاعية والضاحية لحظات عودة سكانها إلى منازلهم التي غادروها قسرًا تحت وطأة القصف والدمار. هذه العودة، رغم أنها تمثل شعاع أمل جديد، إلا أنها ستكون مشوبة بمشاعر متناقضة من الفرح والحزن، من التمسك بالحياة ومن الألم على ما ضاع.
– فرحة العودة للأرض والجذور:
العودة إلى القرية بعد التهجير هي حلم يتحقق لكل لبناني عاش الغربة عن منزله وأرضه. تلك اللحظة التي يطأ فيها الإنسان تراب أرضه من جديد تُعيد له شيئًا من الأمان الذي افتقده، ومن الهوية التي ظن أنه فقدها. إنها لحظة تلامس الروح وتعيد للمكان نبض الحياة، رغم كل شيء.
– واقع مليء بالخسائر:
لكن هذه العودة ليست كما كانت من قبل. كثيرون سيعودون ليجدوا منازلهم وقد أصبحت أنقاضًا، وحقولهم التي كانت تعج بالحياة أصبحت أراضي محترقة أو مهجورة. سيكون الألم أعمق حين يكتشفون فقدان جيران وأحباء سقطوا ضحايا للقصف، أو حين يشعرون بأن القرية فقدت شيئًا من روحها وحيويتها.
في بعض البلدات، قد يكون الدمار شاملاً لدرجة أن معالمها تغيرت بالكامل، مما يجعل العائدين يشعرون بأنهم غريبون في أماكن لطالما كانت لهم وطنًا. البيوت التراثية التي كانت شاهدة على أجيال من الحياة والعمل قد تختفي، والمساجد والكنائس التي جمعت السكان في السراء والضراء قد تضررت أو تهدمت بالكامل.
– التحديات التي تنتظر العائدين :
العودة ليست نهاية الألم بل بداية مرحلة جديدة من الصراع مع الواقع الجديد. سيكون على العائدين مواجهة تحديات إعادة بناء حياتهم من جديد، وسط ظروف اقتصادية صعبة وأزمات معيشية خانقة. سيحتاجون إلى بناء منازلهم وإعادة زراعة أراضيهم واستعادة روح الحياة في قراهم، كل ذلك في ظل انعدام الموارد والإمكانات.
– أهمية الوحدة والدعم :
رغم كل الألم، ستكون هذه اللحظات فرصة لإظهار قوة الوحدة الوطنية والتضامن الاجتماعي. أهل القرى الجنوبية معروفون بصمودهم وتكاتفهم، وسيكون عليهم أن يعملوا معًا لإعادة إعمار قراهم ومداواة جراحهم. كما أن على الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي أن يتحملوا مسؤولياتهم بتقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار الجنوب وضمان صمود سكانه في أرضهم.
– مشاعر مختلطة وذكريات لا تُمحى :
سيبقى العائدون يحملون ذكريات الحرب والتهجير، وستظل المشاهد التي رأوها محفورة في وجدانهم. فقدان الأحبة، وخسارة الممتلكات، ودمار القرى لن يمحى بسهولة، لكنه سيُضاف إلى سجل طويل من التحديات التي واجهها الجنوب وصمد في وجهها.
– الأمل في الغد :
رغم الألم والخسائر، يبقى الأمل هو الزاد الذي يحمله العائدون معهم. أمل بأن تكون هذه الحرب هي الأخيرة، وأن يعم السلام، وأن تُبنى القرى من جديد لتعود أجمل وأقوى مما كانت عليه.
– العودة ليست نهاية الطريق، بل هي بداية لمرحلة جديدة من البناء والصمود، حيث يكتب اللبنانيون فصولًا أخرى من حكايتهم التي تروي دائمًا عن أرض لا تعرف إلا الوفاء وأناس لا يقبلون الا العطاء.