بقلم د. علي خليفة
@AliKhalife5
لا ليس سعيداً من يموت في العادة ولا في هذه المعركة على وجه الخصوص. الشهيد ليس سعيداً. ولا أمّه أجمل الأمهات. ولا صاحبته ولا بنوه سعداء مثله من بعده. ولا الطائفة التي يقطف الموت فئة الشباب فيها سعيدة. ربط الموت بالسعادة ازدراء للحياة وأعتى على الأقربين منه على الأعداء. ففي المجتمعات التي يصبح فيها القتل عادة والموت غاية، يذوي الإنسان وتحتجب الحقيقة.
في ولاية الفقيه المتمدّدة إلى حيثما يعبث الموت ويتولّى الخراب، يتمّ انتزاع الشيعة من أقوامهم وقضايا مجتمعاتهم واستبدال انتمائهم لهوياتهم الوطنية بالولاء المطلق للوليّ الفقيه في إيران. جنود الوليّ الفقيه هذا، مشاريع موت موقوت وصرعى بانتظار تعليق أوراق نعواتهم المجهّزة سلفاً وبانتظار الأكفان. باعوا أنفسهم للوليّ الفقيه. يلقيها في التهلكة ويتصرّف بها وبهم كيفما يحلو له ويقدّر ويشاء. ويعطي الوليّ الفقيه بالمقابل المال والسلاح والمأكل والمشرب لجنوده وذويهم… يعطيهم هباءً منثوراً. الجندي في ولاية الفقيه يموت لا لشيء أو يموت لأي شيء. لا فرق. فهو يكون حيث يجب أن يكون. وكفى. لا حاجة للتبرير. لا داعي للتفكير. لا أولوية للحياة. لا أهمية للبقاء. يقتل للقتل وسلاحه يوجّهه للعدو أو للخصم أو للأخ بحسب تكليف الوليّ الفقيه صاحب الإمرة.
يسقط الجندي في ولاية الفقيه صريعاً في صنعاء أو بغداد أو دمشق أو بيروت… أو في أيّ مكان. فيتبرّكون ويباركون شهادته لصاحب الزمان. فقط لا غير. حتى مشاعر الحزن الإنساني مكبوتة ومصادرة.
يسقط الجندي في ولاية الفقيه صريعاً على طريق ضيعته، فيهزجون ويعلنون: ارتقى شهيداً على طريق القدس. فيغيّب الواقع والوقائع.
كان الشهيد في المعتقد الديني المتناقل هو من يقضي بعد اضطهاد ويظلّ شاهداً على ما يعتقده. بالمقابل، الشهيد في ولاية الفقيه هو كلّ مرتزق يرتضي لنفسه ولأسرته ولجماعته ولوطنه ما يقرّه الوليّ الفقيه من مصير محتوم.
وفي المعتقد الديني أيضاً، الله يعطي الحياة؛ فكيف له أن يأخذها من بعد حتى يرضى؟
ما لا شك فيه أن عقيدة ولاية الفقيه تستعيد من التراث الديني حوادث تاريخية فتنتزعها من ظروفها لتسقطها مع بعض رموزها على تاريخ من الحوادث اللاحقة وتنقلب بذلك على المعتقد الديني نفسه.
في سبيل الدفاع عن الوطن، تكرّم الدول الوطنية الجندي المجهول فيبقى أثره في تاريخها ليثمر المستقبل. بينما الجندي الذي يلقى حتفه في ولاية الفقيه المتمدّدة فيُنسى كأنه لم يكن.