بقلم د. سمر أدهم – ناشطة سياسية وأستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية
لقد أطفأت ثورة 17 تشرين شمعة عامها الثالث لكن دون ضجّة أو حشد هذا العام، ظنّ البعض أن الثورة انقضت وماتت قبل تحقيق أهدافها. أما السبب الرئيسي لتراجع عدد المتظاهرين في الساحات عاماً بعد عام، فيعود إلى الأزمة الإقتصادية الخانقة؛ لا يمكننا أن نلوم الناس الذين لم يعد باستطاعتهم التنقّل بسياراتهم أو بوسائل النقل العام بسبب الغلاء الفاحش لسعر المحروقات، لا يمكننا أن نلومهم لأنهم اختاروا أن يُطعموا أولادهم بدلاً من النزول إلى الشارع.
والسبب الآخر يتمثّل في غياب الاستراتيجية المنظّمة بين المتظاهرين مما جعل المخبرون والمندسون من الأحزاب والإستخبارات يتسلّلون بين المتظاهرين المسالمين الشرفاء. هذا السبب أفقد الثقة عند الكثيرين في المشاركة والحضور إلى ساحات النضال.
والجدير بالذكر أن ثورة 17 تشرين السلمية إنطلقت من شعار اللاطائفية، اللامذهبية، تحت راية العلم اللبناني وحده. إنطلقت منذ العام 2019 وجمعت كلّ الطوائف والمذاهب من كل المناطق اللبنانية، لتقف حاجزاً منيعاً أمام كلّ من أثار الفتن بإسم الطائفية، كلّ من نشر الفساد، وكلّ من عقد الصفقات وسرق ثروات البلاد والعباد. إنطلقت الثورة من أجل إعادة بناء الدولة، دولة القانون والمساواة في الحقوق والواجبات، ومن أجل قيامة لبنان الحديث على أيدي المواطنين الأحرار والمتساوين.
لقد حقّقت ثورة 17 تشرين إلى يومنا هذا الكثير من أهدافها، منها، إسقاط عدة حكومات وإقصاء بعض الوزراء والنواب عن مناصبهم، وصول بعض التغييريين إلى مجلس النواب في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وكشف عملية السرقة التي نفّذتها المنظومة بالتعاون مع حاكم مصرف لبنان وأصحاب المصارف…
أما اليوم، فليعلم القاصي والداني، أن الثورة لم تمت، الثورة ما زالت حيّة في قلوبنا وأرواحنا، في قلب كل جائع، في قلب كل جريح ومريض وضائع ومكسور، في قلب كل من عانى ومازال يعاني من ظلم المتحكّمين، المنافقين الفاسدين.
التورة مستمرة طالما أنها لم تحقّق جميع أهدافها، مستمرة طالما أن المتزّعمين بهذا الوطن والمغتصبين ثرواته، والقابضين على قضائه والمراهنين على تشريد أبنائه، ما زالوا موجودين في مناصبهم وجالسين على كراسيهم.
لا بدّ أن نُكمل المسيرة ونتصدّى لجحافل العابثين بمال لبنان ومؤسساته واقتصاده، ونحاسب كل المتورطين في تفقير الشعب والدولة، وبالأخص كل المجرمين المسؤولين عن تفجير 4 آب، فلنقف جميعاً في ثورتنا أيها الثوار الشرفاء، ولنتعالى على ما بيننا من تباين في وجهات النظر، ولنوحّد طروحاتنا ولنتجمّع من أجل لبنان.
نحن بثورتنا نكتب تاريخ لبنان المُشرف على الموت، بات لبنان بأمسّ الحاجة إلينا، خصوصاً في ظلّ الشغور الرئاسي والحكومي، نحن بُناة مؤسساته وبُناة الديمقراطية ودُعاة وحدة أبنائه والمساواة فيما بينهم جميعاً!
إن الأجيال تنظر إلى بطولاتنا وتهيب بنا أن نكون السيف القاطع لأيادي الفاسدين الذين يعيثون فيه فساداً!
نحن أبطال لبنان، نحن ضمير لبنان وبُناته!
نحن الكرامة الوطنية والمستقبل الواعد لأبنائه!
عشتم يا ثوار لبنان ، عاش لبنان…