بقلم أنطونيو فرحات
@farhatantonio
مع اقتراب جلسة 9 كانون الثاني المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية يكثر تأويل وتفسير الدستور لغايات سياسية ومصالح فئوية وذلك بهدف تحسين شروط التفاوض بمسعى لاكتساب أو المحافظة على أكبر قدر من المكاسب في الدولة وفي الحكم القادم.
يتجلى من أحكام المادة 49 فقرة 2 من الدستور أنه يوجد مانع لانتخاب أي رئيس للجمهورية حيث ورد:”لا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح”.
كما يتبدى من أحكام المادة نفسها فقرة 3 أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة…مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد”.
استناداً إلى ما تقدم، تبرز وجهتا نظر لا سيما لناحية ما إذا كان انتخاب قائد الجيش يحتاج إلى تعديل دستوري أم لا؟!
فهناك من يقول إن انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية من دون تعديل المادة 49 من الدستور يشكل بحد ذاته مخالفة دستورية لا سيما أن الفقرة 3 من المادة المذكورة آنفاً أضيفت بموجب التعديل الدستوري عام 1990 بهدف تشديد الشروط المفروضة خاصةً لانتخاب قائد الجيش أو حاكم مصرف لبنان وذلك حرصاً على عدم تسيس الوظيفة وممارسة النفوذ الوظيفي في غير الصالح العام من أجل الوصول لرئاسة الجمهورية.
وهناك رأي يقول إن المانع المنصوص عنه بالمادة 49 يطبق حصراً في ظل أحكام المادة 73 من الدستور، أما الوضع الناشئ عن شغور سدة الرئاسة فيخضع لأحكام المادة 74 منه، وبالتالي لا يجوز تعديل الدستور في فترات استثنائية معينة مثل فترة شغور منصب رئاسة الجمهورية.
أكثر استفاضة، إن التمديد لقائد الجيش لأكثر من عامين هو بحد ذاته عمل استثنائي، فما كانت الغاية من هذا التمديد إلا للضرورة الملحة ولتسيير المرفق العام كما أنه كان حاجة وطنية للحفاظ على المؤسسة العسكرية وعلى السلم الأهلي وعلى الكيان والسيادة خاصةً في ظل الظروف الاستثنائية التي مر بها البلد!!
الأمر الذي يستفاد منه أن التزام القائد بالتمديد له وعدم تخليه عن واجبه الوطني في الظروف الاستثنائية يلغي فكرة الاستغلال الوظيفي من أجل الوصول للرئاسة، هذا من جهة،
أما من جهة ثانية، إن هذه الواقعة تعزز فرضية أن الانتخاب في ظل أحكام المادة 74 تعفي المرشح للرئاسة من شرط الاستقالة المسبقة ومن إبعاد فكرة تعديل الدستور.
بناءً على ما تقدم، إن انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية يخضع للتوازنات السياسية والفئوية وعند تلاقي النوايا يصبح المخرج الدستوري مسألة شكلية.
ولضرورة البحث في حال لا يوجد إجماع مطلق على انتخاب القائد رئيساً للجمهورية ولمنع تأويل أو تفسير الدستور من أي طرف سياسي معارض لهذا الانتخاب إلا بما يخدم مصالحه الشخصية أو الحزبية، قد يكون من المستحسن انتخاب القائد بأكثرية تفوق الـ 86 نائباً وذلك لضمان عدم الطعن بصحة انتخابه من قبل ثلث أعضاء المجلس خلال مهلة 24 ساعة تلي إعلان النتيجة وهنا يكمن بيت القصيد، وبهذه الحالة يكتسب القائد مشروعيته ودستورية انتخابه ويتجنب بالتالي مناكفة سياسية وتشنجاً قد يكون والبلد بغنى عنهما.