بقلم وفيق الهواري
تقف “الشعوب” اللبنانية في طوابير انتظار يوم الخميس الواقع فيه التاسع من كانون الثاني 2025، لمعرفة من سيكون رئيس الجمهورية العتيد، وما هي حصة كل منها في هذا الموقع الموجود على رأس النظام الطائفي للكيان.
على الرغم من الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي شهده لبنان خلال الاعوام الماضية، وكان أشده العام الماضي، فإن كل مكون من المجموعات المقيمة في لبنان لم يبادر الى طرح سياسات عامة تطال الوطن، وجل ما يريد كل مكون هو “حجم الحصة” التي يمكن ان يحصل عليها ويحقق من خلالها مزيداً من الأرباح ويزيد من التحاق أبناء مكونه الخاص به. أما قرار من يكون في موقع رئيس الجمهورية فهو ما يصل اليه تفاهم إقليمي ودولي.
المأساة تتكرر
انها ليست المرة الأولى التي يقرر الخارج شخصية الرئيس، وفرضه على الداخل، آخذاً بعين الاعتبار الموازين الداخلية لنظام المحاصصة. وإذا عدنا الى تاريخ الاستقلال وحتى اللحظة الراهنة فإن المأساة تتكرر عند كل انتخاب لرئيس الجمهورية. نعيش نظاماً يكرر نفسه بأشكال مختلفة منذ نحو قرنين من الزمن.
عند سقوط الإمارة الشهابية عام 1840 كانت البنى الاجتماعية الطائفية هي السائدة في حينه، وهي كانت الاساس في تشكل النظام الطائفي نظاماً عاماً لسكان جبل لبنان.
خلال فترة الإمارة المعنية وبعدها الشهابية، حافظت الجماعات الطائفية على قدر كبير من الانفصال الاجتماعي مما منع تكونها شعباً واحداً.
وبعد الإمارة، أنشأت الدول الأوروبية والسلطنة العثمانية نظام القائمقاميتين المسيحية والدرزية. ومع قيام دولة لبنان الكبير تحت الانتداب أقرت فرنسا النظام الطائفي نظاماً لدولة لبنان مع اعتماد البرلمانية الطائفية صيغة لتمثيل الجماعات الطائفية اللبنانية.
نماذج طائفية
لقد استهلكنا خمسة نماذج للدولة ذات النظام الطائفي، القائمقامية، المتصرفية، دولة تحت الانتداب، الجمهورية اللبنانية ودولة الطائف التي تشهد الان شبه انهيار كامل، لكن النظام الطائفي قوي وأربابه ممسكون بالسلطة وأساسه القائم على المحاصصة لا يتبدل. نظام يعتمد على ضعف الدولة المركزية الذي هو خيار السلطة اللبنانية التي يستقوي أطرافها بأطراف خارجية لتحسين موقعها الداخلي.
منذ نحو قرنين والانقسامات الطائفية تجدد انتاج نماذج مختلفة من النظام الطائفي، والنظام الطائفي يعيد انتاج الانقسامات الطائفية بين اللبنانيين، وأن الوصاية الخارجية على البلد هي في أساس النظام الطائفي.
وطن معلق
إن اطراف السلطة، اذا كانت داخل الحكم ام خارجه، تعيش تناقضاً صارخاً، ترفع خطاباً يدعو الى استقلال وطني، في حين تنكشف على الخارج وينتظرون اقتراح هذا الطرف الخارجي او ذاك، باسم من يكون رئيساً جديداً للجمهورية من دون اقتراح سياسات وطنية تلبي احتياجات المقيمين على الاراضي اللبنانية، وتهرب الى طرح مشكلات تواجه لبنان تجره الى مزيد من النزاعات الداخلية من دون رسم سياسات عامة تؤمن المساواة العادلة بين اللبنانيين.
المشكلة الاساس غياب مشروع وطني ديمقراطي يرمي الى بناء شعب كي يبني وطناً، وبخلاف ذلك نبقى نعيش في مشروع وطن معلق.