الحملة ضد التغيير : استهداف الإصلاحيين بدلًا من التركيز على الحلول

بقلم كوثر شيا

في وقت يحتاج فيه لبنان بشدة إلى قيادة تتجاوز إخفاقات الماضي، ينبغي أن يكون التركيز على إيجاد حلول عملية بدلاً من الانجرار إلى حملات التشويه الشخصية. ومع ذلك، وبينما نشهد التعقيدات المحيطة بتشكيل الحكومة الجديدة، نرى أن الخطاب السياسي قد انحدر إلى مجرد حملة منظمة للنيل من شخصيات مثل وضاح الصادق، مارك ضو، وبولا يعقوبيان، لمجرد قربهم من نواف سلام.

هذه الهجمات، التي تُقدَّم على أنها انتقادات موضوعية، ليست سوى محاولات لضرب مصداقية الإصلاحيين الذين قرروا مواجهة الطبقة السياسية التقليدية. بدلًا من مناقشة مسارات الحلول الاقتصادية، وخطط التعافي، واستراتيجيات الحكم، نشهد استخدام الأساليب ذاتها التي اعتادت عليها المنظومة: التشكيك في الخلفيات المهنية والانتماءات السابقة، في محاولة لإضعاف كل من يسعى إلى التغيير.

أغلب الذين يعارضون نواف سلام اليوم هم من المتشددين لمصالح شخصية وتوزيرات على القياس، غير آبهين بما يمر به لبنان من انهيار شامل. يريدون حكومة مُفصّلة على مقاس نفوذهم بدلًا من حكومة إنقاذية تضع حدًا للأزمات المتراكمة.

لكن لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الصفقات والمحاصصات التي أثبتت فشلها. الحل الوحيد اليوم هو حكومة إصلاحية مستقلة، تعمل على انتشال البلاد من أزمتها بدلًا من إعادة إنتاج السياسات التي أوصلتنا إلى هنا.

من الواضح أن الطبقة السياسية اللبنانية تزدهر على الانقسام ونشر المعلومات المضللة. الهجوم على الشخصيات المرتبطة بنواف سلام يهدف بشكل مباشر إلى عرقلة أي تحوّل محتمل في ميزان القوى قد يؤدي إلى محاسبة النظام القائم.

لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الانهيار الذي يعيشه لبنان اليوم لم يكن سببه الإصلاحيون، ولن تُحل الأزمة عبر حملات التشهير والتضليل المتعمد. لبنان يحتاج إلى حكومة مبنية على النزاهة والشفافية والكفاءة، وليس حكومة تُفرض وفقًا لمصالح الأحزاب التقليدية وأجنداتها الضيقة.

لقد كُلّف نواف سلام بمهمة واضحة: تشكيل حكومة قادرة على قيادة لبنان للخروج من أزمته السياسية والمالية غير المسبوقة. لكن بدلًا من تسهيل هذه العملية، تلجأ بعض القوى إلى المماطلة والعرقلة عبر وسائلها المعتادة. والمفارقة أن من يقودون هذه الهجمات هم أنفسهم من كانوا جزءًا من المنظومة التي فشلت في إدارة البلاد لعقود.

في هذه المرحلة الحرجة، لا ينبغي أن ينشغل اللبنانيون بحملات التشويه أو الخطابات التي تزرع الانقسام. بل يجب أن يكون التركيز على ضمان تشكيل حكومة تضع مصلحة لبنان فوق المصالح الحزبية والشخصية. لم يعد هناك وقت لمزيد من المناورات السياسية.

المسؤولية الآن تقع على عاتق الشعب اللبناني والقوى الإصلاحية لرفض هذه المحاولات والتمسك بمسار التغيير الحقيقي الذي يحتاجه لبنان بشدة. فهذه السياسة القائمة على التعطيل والمحاصصة لا تبني وطنًا، بل تكرّس الفوضى والانهيار.

اخترنا لك