بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
لطالما كانت المعارضة الشيعية في لبنان رأس حربة في مواجهة الفساد والطائفية، ولم تكن يومًا مجرّد تفصيل في المعادلة السياسية، بل كانت ولا تزال قادرة على تغيير موازين القوى رغم التعتيم والتهميش المتعمّد.
تاريخيًا، وقفت هذه المعارضة في وجه منظومة “الثنائي الفاسد”، التي جعلت من الطائفة رهينة مصالحها، تمامًا كما استغلت الدولة ومؤسساتها لتحقيق مكاسب حزبية وشخصية.
١٧ تشرين : الشيعة في مقدمة المواجهة
حين انطلقت انتفاضة ١٧ تشرين، كانت المعارضة الشيعية في الصفوف الأمامية، لا سيما في صور، حيث أثبتت أن الشارع الشيعي ليس حكراً على “الثنائي”، وأن هناك أصواتاً ترفض أن تكون جزءاً من منظومة الفساد والاستبداد.
لم تكن هذه المعارضة مجرّد حالة احتجاجية، بل قدّمت مشاريع بديلة لبناء دولة قادرة وعادلة، وأظهرت أن الطائفة الشيعية تمتلك كفاءات قادرة على إدارة الملفات السياسية والاقتصادية بعيداً عن عقلية الميليشيا والمحاصصة.
وزارة المال : الفساد المشرعن
من أكثر الملفات التي تفضح حقيقة “الثنائي الفاسد” هي مسألة التمسّك بوزارة المال، التي حوّلوها إلى صندوق أسود لتمويل شبكاتهم الحزبية، تحت ذريعة “التوقيع الثالث”.
هذه الوزارة، التي من المفترض أن تكون ضامنة للسياسات المالية للدولة، باتت أداة لإخفاء الملفات الفاسدة، وتغطية السرقات، وتمرير الصفقات المشبوهة.
ومن أخطر هذه الملفات، ملف مشاعات الدولة، حيث يتم الاستيلاء على أراضٍ عامة من قبل نافذين تابعين للثنائي، بشراكة فاضحة بين أركانه، في عملية نهب منظمة لموارد البلاد.
هذه الأراضي، التي كان يجب أن تكون ملكاً للشعب اللبناني، تحوّلت إلى عقارات خاصة تُستغل لمصلحة الأحزاب والمتنفّذين، في انتهاك صارخ للقانون دون أي مساءلة.
ولا ننسى أيضاً تواطؤ “الثنائي” في ملفات مفصلية مثل أموال المودعين، حيث لعب دوراً أساسياً في تعطيل أي محاسبة للمصارف المتورطة في نهب ودائع اللبنانيين، إضافة إلى عرقلة التشكيلات القضائية لمنع قضاء مستقل قادر على محاسبة الفاسدين.
المعارضة الشيعية ليست ورقة تفاوضية
ما يريده “الثنائي الفاسد” ومن يدور في فلكه، هو إبقاء المعارضة الشيعية في الظل، لاستخدامها وقت الحاجة ثم رميها عند انتهاء اللعبة. لكن هذه المعارضة أثبتت أنها ليست بيدقاً في أي معادلة سياسية، بل هي تيار وطني حقيقي يرفض أن يكون جزءاً من صفقات تقاسم الحصص.
آن الأوان لرفع الصوت أكثر من أي وقت مضى، ولتأكيد أن الطائفة الشيعية ليست رهينة أحد، وأن كفاءاتها قادرة على تولي مسؤولياتها بعيداً عن هيمنة الثنائي، الذي لم يكن يوماً سوى عائق أمام بناء الدولة.
لبنان اليوم في أمس الحاجة إلى تغيير حقيقي، ولن يكون ذلك ممكناً دون إسقاط احتكار السلطة وفضح الفساد الذي ينخر مؤسساته، خصوصاً في وزارة المال التي تحوّلت إلى بؤرة للتلاعب والنهب باسم “حقوق الطائفة”.
في الختام…
نؤكد للسيد نواف سلام، المعارضة الشيعية ليست ورقة تفاوضية تُستخدم غب الطلب، بل هي حجر الأساس لأي تغيير حقيقي في لبنان، ولن تقبل أن تكون على الهامش بعد اليوم.