وزارات ٢٠٢٥ الجديدة : نحو حوكمة رشيدة و حكومة رقمية تنقذ لبنان

بقلم كوثر شيا

يدخل لبنان عام ٢٠٢٥ وهو يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، مما يجعل الحكومة الجديدة أمام مسؤولية تاريخية لوضع خارطة طريق تنقذ البلاد من الانهيار.

لن يتحقق ذلك دون إصلاحات حقيقية تعتمد على الحوكمة الرشيدة والشفافية، إلى جانب التحول نحو الحكومة الإلكترونية التي تضمن الحد من الفساد وتسريع عجلة التنمية.

أولويات المرحلة: إصلاح شامل للدولة

لكي تتمكن الحكومة من استعادة الثقة الداخلية والخارجية، عليها تنفيذ إصلاحات جوهرية تشمل:
1. مكافحة الفساد بآليات واضحة وشفافة:
• إنشاء هيئة رقابية رقمية مستقلة تراقب أداء الوزارات والهيئات العامة.
• فرض الإفصاح الإلزامي عن ثروات المسؤولين وكبار الموظفين قبل وبعد تولي المناصب.
• تعزيز قوانين مكافحة الفساد التي تحاسب كل من يثبت تورطه في سرقة المال العام.
2. إعادة هيكلة الإدارات العامة:
• التخلص من التوظيف العشوائي عبر نظام توظيف يعتمد على الكفاءة.
• تقليص النفقات التشغيلية للوزارات، وإلغاء المؤسسات غير الفعالة.
• تحسين الإنتاجية عبر تحويل الخدمات إلى منصات رقمية.
3. الشفافية المالية والإدارية:
• نشر تفاصيل الموازنة العامة والمناقصات الحكومية عبر بوابة إلكترونية متاحة للجميع.
• فرض نظام تدقيق مالي إلكتروني يراقب الصفقات والإنفاق الحكومي بشكل مباشر.
4. اللامركزية الفعلية:
• نقل صلاحيات إدارية ومالية إلى البلديات والمحافظات، مما يسرّع إنجاز المشاريع التنموية والخدمات العامة.
• إنشاء منصات إلكترونية محلية تتيح للمواطنين تقديم الشكاوى ومتابعة المشاريع في مناطقهم.

الحكومة الإلكترونية: من حلم إلى ضرورة وطنية

في ظل التقدم التكنولوجي، أصبحت الحكومة الإلكترونية (e-Government) الوسيلة الأكثر فاعلية لإنهاء البيروقراطية ومحاربة الفساد، ومن الضروري تبنيها عبر:
1. بوابة وطنية موحدة للخدمات الحكومية:
• تقديم جميع الخدمات إلكترونيًا، مثل تجديد الهويات وجوازات السفر، ودفع الفواتير، وإصدار التراخيص التجارية.
• ربط المواطنين بهوية رقمية موحدة تتيح لهم إنجاز المعاملات من أي مكان.
2. أتمتة المعاملات والإجراءات:
• رقمنة كافة العمليات الإدارية لتسريع الإنجاز وتخفيض الكلفة التشغيلية.
• إلغاء المعاملات الورقية واستبدالها بأنظمة إلكترونية ذكية.
3. التوقيع الرقمي ونظام الدفع الإلكتروني:
• اعتماد التوقيع الإلكتروني لتسهيل التعاقدات الحكومية.
• توفير بوابة دفع إلكترونية للخدمات الحكومية لتجنب الرشاوى وتأخير المعاملات.
4. منصة تفاعلية لمراقبة الأداء الحكومي:
• نشر تقارير شهرية حول أداء الوزارات، متاحة للمواطنين والإعلام، لزيادة المحاسبة والشفافية.
• إطلاق تطبيق خاص يمكن للمواطنين من خلاله تقديم الملاحظات والشكاوى مباشرة.

إنعاش الاقتصاد: فرص ضائعة يجب استغلالها

لا يمكن للحكومة أن تعتمد فقط على المساعدات الخارجية، بل يجب أن تخلق مصادر جديدة للدخل عبر دعم القطاعات الإنتاجية مثل:
1. الزراعة والصناعات الزراعية:
• تشريع زراعة القنب الطبي والصناعي وفق المعايير الدولية، مما قد يدر مليارات الدولارات سنويًا، كما أشارت دراسة ماكنزي.
• توفير الدعم التقني للمزارعين عبر تطبيقات ذكية تساعد في تحسين الإنتاجية.
2. تحفيز الصناعة والتجارة:
• إنشاء مناطق صناعية رقمية توفر بنية تحتية حديثة للمصانع الناشئة.
• تقليل الضرائب على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل جديدة.
3. القطاع الصحي والسياحة العلاجية:
• تطوير المستشفيات الحكومية وتحويلها إلى مستشفيات رقمية تعتمد السجلات الإلكترونية.
• الاستثمار في السياحة العلاجية، خاصة في علاجات مثل القنب الطبي، الذي يشهد طلبًا عالميًا متزايدًا.

رسالة إلى حكومة ٢٠٢٥ : وقت العمل لا الوعود

لم يعد هناك مجال لإضاعة الوقت. لبنان بحاجة إلى قرارات جريئة وخطوات عملية تنقل البلاد من الانهيار إلى النمو.
• خلال أول 100 يوم، يجب إقرار قوانين الحوكمة والرقمنة وبدء تنفيذها على أرض الواقع.
• تشكيل لجنة مستقلة لمراقبة الإصلاحات وتقديم تقارير شهرية للشعب.
• إشراك القطاع الخاص والشباب في تنفيذ الحلول التكنولوجية لرقمنة الإدارة العامة.

هذه فرصة أخيرة للحكومة لإثبات جديتها. فإما أن تكون بداية نهضة جديدة، أو مجرد حلقة جديدة في سلسلة الفشل.

اخترنا لك