الشيعة والاستئثار بالفاجعة

بقلم حسني حمادة

إن عقلية الاستئثار بالفاجعة والشعور بالمظلومية الدائمة تشكل أحد أبرز العوامل في تكوين الشخصية الاجتماعية الشيعية عبر التاريخ، حيث أصبحت هذه المشاعر مرتبطة بشكل وثيق بأحداث مفصلية، أبرزها معركة كربلاء التي تحولت إلى رمز للظلم والمقاومة والصبر في الوجدان الشيعي، وهذه التجارب التاريخية ساهمت في بناء هوية اجتماعية وثقافية متميزة تقوم على الصمود في وجه التحديات.

لكن استمرار التمسك بهذا الشعور دون التحول إلى عقلية النهضة والاستقرار قد يحد من إمكانيات هذا المجتمع في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، لذلك من الضروري تعزيز التحول نحو الوعي بالتاريخ دون الانغماس فيه، والعمل على فهم الماضي وأخذ العبر منه دون السماح له بأن يحدد المسار المستقبلي بشكل حصري.

ولا بد من العمل على بناء ثقافة النهضة والاستقرار والتخلص من عقدة المظلومية والاستئثار بالفواجع، لأنهما يشبهان إلى حد كبير مَنْ يلعق المبرد ويشتهي دمه ليصل إلى درجة الانتحار، وخاصة تلك القناعة المكرسة في تعزيز فكرة استساغة الانتحار الجماعي انطلاقًا من إسقاطات خاطئة لحوادث تاريخية وتعزيزها في الوجدان المجتمعي واتخاذها كعنوان في قيادة المجتمع، والبحث بدلًا من ذلك عن تعزيز العقلانية الجماعية والنهضة المجتمعية القائمة على فكرة تقديس الاستقرار والإيمان بالتعامل مع البوتقة الشاملة من دولة ومكونات مجتمعية أخرى، وتعزيز الحوار والشراكة مع مختلف تلك المكونات لتعزيز الوحدة والاستقرار.

فالمواطنة الشاملة والتركيز على الهوية الوطنية المشتركة بدلًا من الهويات الطائفية يساهمان في تعزيز التماسك الاجتماعي ويشكلان أحد أبرز المخارج من التقوقع والتلذذ به، والانطلاق نحو الاستقرار وتحقيق النهضة، فهذا التحول وحده يمكن أن يساهم في بناء مجتمع متماسك يتمتع بالاستقرار والازدهار، مستندًا إلى قوته التاريخية ولكن متطلعًا إلى مستقبل أكثر إشراقًا.

اخترنا لك