بقلم غسان صليبي
يطلّ فالنتاين على لبنان
كما يطلّ على باقي البلدان
في يوم 14 شباط من كل سنة.
يعرف فالنتاين منذ سنوات
ان الرئيس الحريري
استشهد في مثل هذا اليوم
لكنّه مع ذلك كان يحلّ على اللبنانيين
وكأنّ شيئًا لم يكن
ويوزّع الورود على العشّاق.
هذه السنة اختلف الأمر،
فما ان وطئت قدماه أرض المطار
حتى اصطبغت وروده
بسواد دخان الإطارات المشتعلة
على وقع هتافات “شيعة شيعة شيعة”
و”لبيك نصرالله”،
وذلك احتجاجا على منع الطائرة الايرانية
من الهبوط في مطار بيروت.
انتقل بعدها فالنتاين
الى ساحة الشهداء
وحضر مهرجان ذكرى اغتيال الحريري
الذي نظمه تيار المستقبل،
على وقع هتافات
“بالدم بالروح نفديك يا سعد”.
فالنتاين شهيد
كما ان الحريري ونصر الله
يُعتبران شهيدان،
مع هذا الفارق ان فالنتاين أُُعدِم
لأنه إختار الحب على الحرب
وزوّج الجنود
على عكس إرادة الإمبراطور الروماني
الذي كان يعتبر ان تزويجهم
يضعف من اندفاعهم للقتال،
فيما الحريري ونصر الله اغتيلا
لأسباب مختلفة تمامًا،
الأول لأنه كان في صراع سياسي
مع النظام السوري وحزب الله،
والثاني لأنه كان في حرب مع إسرائيل.
شعر فالنتاين
بمحبة قسم من الناس للحريري
وقسم آخر لنصر الله،
أي على عكسه هو
الذي يحبّه كل الناس
لأنه يمثّل الحب الصافي في قلوبهم،
لكن هذا الحب عندهم
سرعان ما يذهب اما بإتجاه الحريري
وإما بإتجاه نصرالله.
ولأنه كممثل للحب
يدخل الى القلوب مباشرة،
فقد تلمّس فالنتاين
حجم الكراهية بين بعض اللبنانيين
وخاصة في ظروف الحدثين
اللذين شهدهما،
وبالتالي لم يعد متحمّسًا
لتوزيع الورود على العشاق
الذين يتقاسم قلوبَهم
الحب والكراهية في آن واحد.
تأبط فالنتاين الورود
عائداً من حيث اتى،
بعد ان كتب رسالة الى اللبنانيين جاء فيها:
“الحب الذي أحمله لكم هو حب لكل إنسان
بغض النظر عن انتمائه الديني او الطائفي،
لقد أُعدمتُ لأنني دافعت عن الحب
بوجه الخضوع للامبراطور والذهاب الى الحرب،
اي بوجه ما يسمى في أيامكم بالواجب الوطني
مبررا بالواجب الديني او الطائفي،
واراكم تعشقون الزعماء
أكثر مما تعشقون بعضكم بعضاً
فيما حبي كرسته لأمثالي وحجبته عن الامبراطور،
لذلك اعذروني واتمنى ان تصفّوا قلوبكم من الكراهية
حتى تتسع للحب الذي جئتكم به
والذي لا يصلح الا بين انسان وآخر
مجرّد من القضايا التي تتحمسون لها
وتضحّون بحياتكم من اجلها”.