سقوط القناع الإيراني وانهيار حلم الملالي : الكارثة الشيعية بعد حرب الوهم

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت

لم تكن الحرب التي اندلعت أواخر أيلول مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت زلزالًا اجتاح الأرض تحت أقدام “حزب الله” ومعه المشروع الإيراني الذي لطالما تغذّى على الأوهام والشعارات.

اليوم، وبعد أشهر من الدمار والانهيار، تبدو الصورة واضحة أكثر من أي وقت مضى، إيران تخلّت عن حلفائها، والمقاومة تحولت إلى سراب، والشيعة وجدوا أنفسهم وحدهم يدفعون الثمن الفادح للعبة إقليمية لم يكونوا سوى وقودها الرخيص.

ضربات قاتلة وانكشاف الخديعة الكبرى

المشهد في لبنان وسوريا والعراق واليمن يكشف مدى الانهيار الذي أصاب أدوات إيران العسكرية. في الجنوب والضاحية والبقاع، لم يبقَ حجر على حجر، وعدد الشهداء في صفوف الحزب تجاوزت كل التوقعات، فيما قادة “الحرس الثوري” يتفرجون من طهران، لا يملكون سوى تقديم خطب جوفاء ووعود بائسة لا تسمن ولا تغني عن جوع. الضربة الكبرى جاءت من سوريا، حيث سقط النظام، وانكشف الوهم الإيراني، ولم تنجح طهران في حماية نظام الأسد رغم كل ما استنزفته من المال والدماء والموارد.

أما في لبنان، فالطامة أكبر. المحور الإيراني انهار، والخطاب المتعجرف عن “طريق القدس” لم يعد سوى مادة للسخرية بين أبناء البيئة الشيعية أنفسهم، الذين اكتشفوا أن هذا الطريق مرّ عبر أجساد أبنائهم ودمار قراهم وبيوتهم، دون أن يصل إلى أي مكان.

الانتفاضة الشيعية… الغضب المكتوم ينفجر

ما يحدث اليوم داخل الشارع الشيعي ليس مجرد تململ، بل هو غليان حقيقي وانفجار قادم. “حزب الله” الذي كان يفاخر بأنه يحكم قبضته على طائفته، بات عاجزًا عن احتواء حالة السخط المتفاقمة. الأصوات تعلو، الاتهامات تتصاعد، والنقمة على إيران تتحول إلى قناعة راسخة لدى كثيرين بأنها باعت الشيعة وتركتهم في مواجهة مصيرهم القاتم.

أما حركة أمل، فلم تكن أحسن حالًا، بل وجدت نفسها في مرمى الغضب الشيعي، بعد أن عجزت عن حماية مصالح جمهورها، وتورطت في لعبة المحاصصة والفساد، ولم تعد قادرة على توفير الحد الأدنى من الخدمات أو الأمان لمن تبقى من أنصارها.

الزلزال السياسي… إيران تنهار وحلفاؤها يسقطون تباعًا

الضربة القاصمة جاءت مع انتخاب الرئيس جوزاف عون وتكليف نواف سلام، حيث نجحت القوى السياسية المعارضة للثنائي من تحجيم الدور الشيعي الذي لطالما تضخم بفضل السلاح الإيراني. لم تعد الطائفة قادرة على فرض شروطها، ولم يعد بمقدور الحزب استخدام فائض القوة لابتزاز الداخل، خاصة في ظل استمرار الغارات “الإسرائيلية” التي حوّلت الجنوب والبقاع إلى مناطق منكوبة بلا أي قدرة على الرد.

وما زاد الطين بلة، أن إيران لم تعد قادرة حتى على تمويل أدواتها في لبنان، مع تصاعد أزمتها الاقتصادية والاحتجاجات الداخلية التي تهدد وجود النظام نفسه. طهران التي كانت تعد بتدمير “الكيان” وإزالة “إسرائيل”، باتت بالكاد تستطيع حماية نظامها المتهاوي، فيما شعبها يثور ضد الفقر والظلم والفساد الذي أهدر ثروات البلاد في مغامرات خارجية عبثية.

المحور تفكك… والشيعة يدفعون الثمن

المأساة الشيعية اليوم ليست مجرد نتيجة للحرب، بل هي نتاج عقود من السياسات الخاطئة والرهان على مشروع إيراني لم يكن سوى استعمار جديد للطائفة، حوّلها إلى وقود لحروب الآخرين. آلاف العائلات اليوم مشرّدة، البيوت مدمرة، المدارس مغلقة، القرى الأمامية بلا حياة، والناس يعيشون تحت رحمة التعويضات الوهمية التي لن تأتي أبدًا.

في هذا المشهد القاتم، يتردد سؤال محوري داخل البيئة الشيعية، إلى متى سنبقى وقودًا لمشاريع إيران التي لم تجلب لنا سوى الموت والخراب؟ هل سيملك “حزب الله” الجرأة على مصارحة الناس بالحقيقة، والاعتراف بأن مشروعه قد فشل، وأن رهانه على إيران كان كارثة؟ أم أنه سيواصل العناد والمكابرة حتى النهاية، غير آبهٍ بدماء شعبه ومعاناتهم؟

ما هو مؤكد أن الزمن تغيّر، وأن الشيعة في لبنان لن يظلوا أسرى هذه اللعبة إلى الأبد. الحراك الذي بدأ يأخذ أشكالًا أكثر جرأة في الشارع الشيعي قد يكون بداية لانقلاب داخلي، ينهي هيمنة إيران، ويعيد لهذه الطائفة مكانتها الطبيعية داخل وطنها، بعيدًا عن مغامرات المرشد وحروبه العبثية.

اخترنا لك