بقلم عقل العويط
“الأوجاع الأوجاع الشخصيّة/أكرّر/ أكرّر/ حتّى تصبح قاعدةً للاحترام: الأوجاع الأوجاع الشخصيّة” (من قصيدة “العاصفة”، ديوان “ماضي الأيّام الآتية” لأنسي الحاج/ 27 تموز 1937-18 شباط 2014).
أوجاع الجسد، على الأرجح، بل أكيدًا، تنتهي بموت الجسد. السرطان يختمها بالشمع الأحمر. حسنًا. ما لنا ولها.
أمّا أوجاع الروح، وأقصد هنا أوجاع الروح الشخصيّة، الروح التي لا تفنى، فما هو شأنها، يا ترى؟ ومصيرها؟ هل تختفي؟ أم تبقى رهينة الروح، ساهرةً معها، وفيّةً لها، حارسةً إيّاها، مؤنسةً وحشتها، مُلازِمةً تشرّدها اللّانهائيّ، وتيهها الذي لا خاتمة له؟
في هذا المعنى، أتُلازمُ الأوجاعُ الشخصيّةُ الميتَ، وليمةً لأيّامه الآتية، فتكون هي العقاب – الثواب المُعَدّ لها، الذي يحظى بنار الأبد، فلا تستطيع أنْ تخمده وتهمده حتّى ألسنة جهنّم، أو ألسنة السماء، غير الراضيتَين بأيّ ارتواء؟
قرأتُ قبل أسبوع قصيدتَكَ “العاصفة” أمام حفنةٍ من أصدقائي الكتّاب في عزلة حياتي الشخصيّة، مستحضرًا أدبكَ، وشخصكَ، مركِّزًا على الأوجاع الشخصيّة، أوجاعكَ، التي، ولا بالحبّ، يمكن أنْ يُهَدَّأ روعُها، لتتخفّف، أنتَ، من أعبائها.
ثمّ، قبل ثلاثة أيّام، أرسلتُ إلى القرّاء (لمناسبة عيد الحبّ) جملتكَ الخارقة، “أنا شعوبٌ من العشّاق”، بعدما استللتُها من كتابكَ “ماذا صنعتَ بالذهب ماذا فعلت بالوردة”.
لماذا؟ ليس لأرثيكَ في ذكرى وفاتكَ الحادية عشرة، ولا لأستذكركَ، لأنّكَ موجودٌ بالفعل لا بالقوّة الفلسفيّة فحسب، بأوجاع لغتكَ الشعريّة، وبشعوب هذه اللغة، التي هي، أكثر من الجسد، بل ربّما أيضًا أكثر من الروح، وجهة الأيّام الآتية، وبوصلتها، وأفقها الذي لا يعتريه نسيانٌ، ولا فناء.
هذه هي المسألة، يا أنسي.
أنْ تكون (موجودًا) أو أنْ لا تكون. وإنّي أستلّ المعنى والدلالة حرفيًّا To be, or not to be, that is the question من مسرحية “هاملت” لشكسبير، باعتبارها الجملة الأولى من المشهد الأول، الفصل الثالث، في مونولوغ الأمير هاملت.
فأنتَ كائنٌ بها، وكينونتُكَ هي إيّاها، هذه الأوجاع الشخصيّة – اللغة الشعريّة. وهي، عندي، لأجل ذلك، قاعدةٌ للاحترام.
وهذا أقصى ما يمكن أنْ تُكرَّم به أوجاعُ شاعرٍ. وهي لغته. وبعد موته. سلامي إليكَ.