دفن مشروع #الملالي : حقيقة فجر #لبنان الجديد

بقلم ميراز الجندي – كاتب وناشط سياسي
@MirazJundi

مع انتهاء حياة أحد أبرز رموز ميليشيا “حزب الله” ودفن “الجندي الصغير”، لا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ أن هذا الحدث ليس مجرد وداع لشخص، بل هو بمثابة دفن لمشروع ملالي إيران في المنطقة. الحزب الذي كانت له شعبية وعاطفة كبيرة في بيئته المحلية، والذي اجتذب الكثير من الأفراد الذين تم استغفالهم بشعارات المقاومة والعداء للعدو، انتهى مع هذا الحدث ليثبت حقيقة غائبة عن الكثيرين: لا فرق بين جناحي الحزب العسكري والسياسي.

منذ سنوات، كان حزب الله، عبر أيديولوجياته الطائفية والمذهبية، ينقض على الساحة اللبنانية ويزرع في النفوس الشعور بأنهم المنتصرون في مواجهة الظلم والطغيان. ما كان يروج له حزب الله كان يدور حول المقاومة والانتصار على العدو، متى كانت المجازر والدماء في العراق وسوريا عنوانا لذلك.

مع غياب السيد حسن نصر الله، يثبت أننا أمام وهم كبير.

لو كان احزب في موقع آخر وليس مثال لو كان قد اختار الوقوف مع الشعب السوري ضد النظام البائد، لكان اليوم قد أصبح بطلًا قوميًا عربيا وإسلاميا، ولما ترددت الشعوب من شتى أنحاء المنطقة في دعمه.

لكن الحقيقة المرة هي أن المشروع الإيراني التوسعي، والذي يقوم على القتل والدم والإرهاب والتفتيت، حال دون أي نهوض حقيقي لشعوب المنطقة، بل كان ولا يزال يزرع الموت في كل زاوية من سوريا إلى لبنان.

اليوم، أصبح أمام اللبنانيين، وخاصة الطائفة الشيعية ! خيار واحد لا بد من تبنيه: هو الالتحاق بالمشروع الوطني اللبناني، بالانتماء إلى دولة مدنية قوية وعادلة.

لا مكان بعد اليوم للميليشيات تحت أي مسمى، ولا مكان لسلاح غير سلاح الدولة الشرعي.

إن الحل النهائي لكل المظاهر المسلحة والتدخلات الأجنبية يكمن في العودة إلى سيادة الدولة اللبنانية، إلى دولة المؤسسات، التي تقوم على العدالة والمساواة لجميع المواطنين دون تفرقة أو تمييز.

نعم ! لبنان بحاجة إلى النهوض من جديد… بحاجة إلى تحرير مؤسساته من تدخلات الميليشيات التي جلبت لنا الويلات على مدار سنوات من الفوضى والانقسام.

إن التحدي الأكبر اليوم هو إلغاء كل مظاهر السلاح، إلغاء الأيديولوجيات التي تصنع الفتن، والتحول إلى دولة مدنية، دولة تتمتع بسيادة حقيقية على أراضيها، دولة تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل شيء.

إن إقرار الحلول السياسية التي تؤمن للبنانيين حياة كريمة ضمن دولة مدنية حرة، هو الطريق الوحيد لإنقاذ لبنان من الانهيار المستمر. ولا بد من تسريع هذا الانتقال السياسي ليكون الشعب اللبناني على موعد مع العدالة والأمان.

آن الأوان للبنانيين كي يعيدوا بناء وطنهم بعيدًا عن الولاءات الخارجية، بعيدًا عن الخطابات الفارغة التي تروجها جماعات مرتبطة بمشاريع مشبوهة.

فالمرحلة القادمة هي مرحلة إعادة تأسيس لبنان، مرحلة بناء دولة قوية قائمة على احترام حقوق الإنسان، دولة تكون لجميع اللبنانيين، لا للميليشيات ولا للمصالح الأجنبية، دولة تسود فيها العدالة، وتتحقق فيها المواطنة المتساوية.

لبنان لا بد أن يكون نموذجًا للسلام والعدالة في المنطقة. لا يمكن أن يظل أسيرًا لمشروع ولاية الفقيه ولا لحسابات الخارج..

لبنان يجب أن يعود لحضنه، لحضن الشعب اللبناني، حيث يكون الجميع سواسية، لا فرق بين طائفة وأخرى، ولا بين سياسي وميليشيا.

مطلوب اليوم من الجميع أن يختاروا الطريق الصحيح: إما العودة إلى الدولة وإلى الوطن، وإما الاستمرار في العبث الذي لن يؤدي إلا إلى المزيد من الخراب. الخيار لكم ..

ولكن الخيار الصائب هو واحد: دولة مدنية، وطن لجميع اللبنانيين، دولة ذات سيادة، ولن يظل لدينا خيار آخر سوى هذا المسار…

اخترنا لك