اليوم الوطني للمحميات الطبيعية : وجه لبنان الجميل

الطبيعة… ملاذنا وكنزنا الدائم

بقلم كوثر شيا

في 10 آذار 2025، يحتفل لبنان باليوم الوطني للمحميات الطبيعية تحت شعار #وجه_لبنان_الجميل، في مبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على ثروات لبنان الطبيعية وتعزيز الوعي بأهميتها في الحفاظ على التنوع البيولوجي، ومكافحة التغير المناخي، وتحسين جودة الحياة.

هذا العام، يأتي الاحتفال وسط تحديات بيئية كبيرة، لا سيما الأضرار التي لحقت بمحميات الجنوب جراء العدوان الإسرائيلي، مما يجعل حماية هذه المساحات أكثر إلحاحًا. لكن المحميات ليست فقط مواقع بيئية تحتاج إلى رعاية، بل هي أيضًا أماكن استشفائية تمنح الإنسان فرصة للهروب من الضغوط اليومية، واستعادة طاقته وسط أحضان الطبيعة.

انخراط المواطن: أكثر من مجرد احتفال ليوم واحد!

تفتح المحميات مجانًا أبوابها في 10 آذار مبادرة من وزيرة البيئة تمارة الزين، لكن الدور الحقيقي يبدأ بمشاركة المواطنين في الأنشطة المستمرة على مدار العام. فزيارة المحميات ليست فقط متعة لحظية، بل فرصة لتبني أسلوب حياة بيئي ومستدام.

أنشطة سنوية يمكنكم المشاركة فيها:
1. المشي في الطبيعة ومراقبة الطيور والحيوانات البرية.
2. المشاركة في حملات إعادة التشجير للمحميات المتضررة.
3. الانضمام إلى فرق تطوعية لحماية الحياة البرية.
4. الإقامة في بيوت الضيافة الريفية لدعم السياحة البيئية.
5. المشاركة في حملات تنظيف المحميات والشواطئ.
6. توثيق الزيارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونشر الوعي باستخدام وسم #وجه_لبنان_الجميل.

المحميات ليست مجرد مناطق محمية، بل هي متنفس طبيعي يعيد للإنسان توازنه الداخلي ويمنحه فرصة للهروب من الضغوط اليومية.

لبنان الأخضر: دعوة خاصة إلى وزير الزراعة الاستاذ نزار هاني لتحويل أراضينا إلى زراعات عضوية

بمناسبة اليوم الوطني للمحميات، تتجدد الدعوات لتبني سياسات زراعية مستدامة، عبر:
1. حظر المبيدات الكيميائية واستبدالها بأساليب زراعية صديقة للبيئة.
2. تشجيع الزراعة العضوية عبر تقديم دعم مادي وتقني للمزارعين.
3. إطلاق حملات توعوية حول فوائد الأغذية العضوية.
4. سن قوانين لحماية التربة والموارد الطبيعية من التلوث الكيميائي.

لبنان غني بتنوعه البيئي، ولكن للحفاظ عليه، علينا تبني نمط زراعي يحمي التربة والمياه، ويدعم صحة الإنسان على المدى البعيد.

محميات لبنان: جواهر الطبيعة الساحرة

يضم لبنان 18 محمية طبيعية و3 محميات محيط حيوي مصنفة من قبل اليونسكو، تشكل موطنًا لمئات الأنواع النباتية والحيوانية النادرة.

الأرز… شجرة الخلود ورمز لبنان الأبدي

يُعتبر أرز لبنان ارز الرب من أقدم الأشجار في العالم، وقد ورد ذكره في النصوص التاريخية والكتب المقدسة كرمزٍ للقوة والخلود. استخدمه الفينيقيون في بناء سفنهم ومعابدهم، واعتبره المصريون مقدسًا، فاستخدموا زيته في تحنيط ملوكهم. أما الرومان، فكانوا يرون فيه شجرةً إلهية لا تموت، تمامًا كطائر الفينيق الذي يولد من رماده.

ويقال إن الأرز هو الشجرة الوحيدة التي تعطي ثمرةً بشكل صنوبرية متجهة نحو السماء، وكأنها تسبّح للخالق، مما جعلها رمزًا روحانيًا للبقاء والتجدد. فكما يصمد الأرز في وجه العواصف، يبقى لبنان حيًا رغم كل التحديات، يحمل في جذوره تاريخًا مجيدًا، وفي أغصانه أملًا لا ينكسر.

محميات لبنان: جواهر الطبيعة الساحرة

يضم لبنان 18 محمية طبيعية و3 محميات محيط حيوي مصنفة من قبل اليونسكو، تشكل موطنًا لمئات الأنواع النباتية والحيوانية النادرة.

أبرز المحميات اللبنانية:

• محمية أرز الشوف (الشوف وعاليه): أكبر محمية في لبنان، تحوي 25% من أرز لبنان، وتُعد موطنًا للضباع والذئاب والنسر الذهبي.
• محمية حرج إهدن (زغرتا): غابة عريقة تضم السنجاب اللبناني والعقاب الذهبي.
• محمية جزر النخيل (طرابلس): جزر بحرية تُعد موطنًا للسلاحف البحرية والطيور المهاجرة.
• محمية شاطئ صور (صور): أول محمية بحرية في لبنان، تضم الشعاب المرجانية والأسماك الملونة.
• محمية وادي الحجير (النبطية، بنت جبيل، مرجعيون): نظام بيئي غني بالينابيع والغابات الكثيفة، تعرض لأضرار كبيرة بسبب العدوان.
• محمية جبل موسى المحيط الحيوي: مزيج بين الطبيعة والتاريخ، يضم آثارًا رومانية ومسارات مشي بين الغابات.
• محمية كرم شباط (عكار): تشتهر بغابات الصنوبر وطيور الحجل والقطا.

كل محمية تحمل بصمتها البيئية الخاصة، مما يجعل زيارتها تجربة فريدة لمحبي الطبيعة والاستكشاف.

كيف ندعم المحميات طوال العام؟

لحماية هذه الثروات الطبيعية، يمكن لكل مواطن المساهمة بطرق بسيطة لكنها مؤثرة:
1. التطوع:
• المشاركة في حملات التشجير أو تنظيف الشواطئ.
• المساهمة في الأبحاث البيئية عبر مراقبة الحياة البرية.
2. السياحة البيئية:
• اختيار الإقامة في بيوت الضيافة داخل القرى المجاورة للمحميات.
• دعم الحرف اليدوية والمنتجات العضوية من المزارعين المحليين.
3. التربية البيئية:
• تنظيم رحلات مدرسية لزيادة وعي الأطفال بأهمية المحميات.
• تعليم الأجيال الجديدة كيفية التفاعل مع الطبيعة بطريقة مستدامة.
4. نشر الوعي:
• توثيق التجارب داخل المحميات ومشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
• دعم الجمعيات البيئية الناشطة مثل جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) وحزب الخضر اللبناني.

الطبيعة… العلاج الأمثل لضغوط الحياة

في عالمٍ مليء بالضجيج والضغوط اليومية، تُعد المحميات الطبيعية أفضل علاج للتوتر والقلق. استنشاق الهواء النقي، السير بين الأشجار، والاستماع إلى أصوات الطبيعة يمنح الإنسان شعورًا بالسلام الداخلي.

تشير الدراسات إلى أن قضاء الوقت في الطبيعة يُحسّن المزاج، ويقلل التوتر، ويعزز الصحة العامة. لذا، فلنجعل زيارة المحميات جزءًا من حياتنا، ليس فقط في 10 آذار، بل في كل يوم نحتاج فيه إلى الراحة وإعادة التوازن لأنفسنا.

شكرًا لكل من يحمي وجه لبنان الجميل

في هذا اليوم، نوجه التحية إلى كل من يساهم في الحفاظ على محمياتنا:
• المزارعون الذين يتبنون الزراعة العضوية لحماية التربة والمياه.
• المرشدون البيئيون الذين ينقلون المعرفة للأجيال القادمة.
• المتطوعون الذين يزرعون الأشجار وينظفون الشواطئ دون مقابل.
• الجمعيات البيئية التي تعمل على تعزيز الاستدامة رغم التحديات.

في الختام، لنجعل الطبيعة أسلوب حياة. اليوم الوطني للمحميات ليس مجرد احتفال، بل دعوة دائمة للتفاعل مع البيئة وحمايتها. زوروا المحميات، استكشفوا غاباتها، تعرفوا على حيواناتها ونباتاتها، وكونوا جزءًا من التغيير. فلنحافظ على وجه لبنان الجميل، لأن الطبيعة هي تراثنا الحقيقي ومستقبلنا المستدام!

اخترنا لك